Thursday 28 June 2012

لماذا يريدون توظيف الدين لخدمة السياسة ..؟





القول الشائع في مجالسنا العراقية هو أن لا نتكلم بالسياسة أو الدين ، ومصدر ذلك هو الخوف من أن يتحول النقاش السياسي أو الديني الى حالة غضب وتصادم بين الأصدقاء فيفسد الجلسة ويحول الأصدقاء الى أعداء .

لاشك أن وراء ذلك حكمة ، ولكن نحن نعلم أيضا أن ذلك قد حصل على مدى سنوات طويلة ومزق المجتمع وحتى العائلة الواحدة . فلقد نشأنا في بيئة يسودها الصراع السياسي لدرجة العنف والقسوة والقتل وعلى مدى أكثر من ستة عقود من الزمن .  كما تميز المجتمع العراقي والعربي والإقليمي كذلك بصراعات دينية ومذهبية مخفية أحيانا وظاهرة في أحايين أخرى عندما تسنح الفرصة لذلك .

ولأن التجربة والممارسات الحياتية تعلّم الإنسان عادة ماتعجز عنه المدارس والجامعات والشهادات ، فقد إكتشفنا من خلال ذلك أن الصراع المذهبي بين أبناء الدين الواحد .. والصراع الديني بين طائفة وأخرى ، تقف وراءه أحزاب تحمل في ظاهرها الإسم الإسلامي ولا تخرج في جوهرها عن الأطر السياسية وألاعيب السياسة القذرة . وفي سبيل ذلك تقوم بتوظيف رجال عرفناهم تحت مسميات ( رجال الدين ) و ( علماء الدين ) والفقهاء وأصحاب الفتاوى . واكتشفنا أكثر من ذلك .. أنه حين سنحت الفرصة لهذه الأحزاب بتسلم السلطة والحكم في العراق على سبيل المثال أو في بلدان عربية أخرى من خلال ربيعها ، رأينا الدعاة من رجال الدين وفقهائه يشغلون المناصب السياسية ويتحول الجميع الى تحقيق الأهداف السياسية لأحزابهم (السيادينية) وهو مصطلح أجد نفسي أخترعه للجمع بين السياسة والدين .

لا أعتقد أنني أتجنى أو أخطئ التقدير والأمثلة أمامنا شاخصة سواء في العراق أو بعض الدول العربية أو الإقليمية الأخرى .
ويبقى السؤال :
هل أن هذه الأحزاب الدينية عملت على خدمة الدين والتي رفعت شعاره لسنوات طويلة ، أم أنها إتخذت من الدين مطية لكي تحقق أهدافا سياسية محضة لخدمة القوى السياسية الكبرى في العالم ومنها الصهيونية والتي تضع وتحرك السياسة العالمية بشكل واضح وعلني دون الإستتار وراء عمامة أو حجاب ..؟

قد يقول البعض أن هذه الأحزاب فرضت تطبيقات شرعية من الدين على البلاد والعباد تحت حكمها . منعت الخمور بيعها أو تعاطيها .. منعت الميسر وأغلقت أبواب المحال التي تمارسه .. منعت الدعارة واتخاذها مهنة .. التزمت بالشعائر والممارسات الدينية وألزمت الناس بها .. فرضت الحجاب والنقاب على النساء .. وشجعت على إطلاق اللحى للرجال ... والى آخر القائمة

أقول نعم .. هي فعلت ذلك ، ولكن ، هل هذه جميعها تمثل كل الدين ..؟ أم أنها فقط جزء منه فيما يتعلق بالمظاهر والظواهر ..؟ تمت إساءة إستخدام بعضها وتحول البعض الآخر منها الى السر بدل العلن أو تم إلباسه لباس الشرعية المزيفة فتحولت الدعارة أو الزنى على سبيل المثال الى مسميات جديدة مشرعنة مثل المتعة والمسيار والمسفار والزواج العرفي ... وهكذا .

ثم ماذا عن إذكاء الصراع بين مذاهب الدين الواحد ..؟
هل رأينا مثل ذلك كما يحدث اليوم في العراق مثلا في ظل أي حكم سياسي علماني مرّ على العراق ..؟ أترك الجواب للعراقيين أنفسهم ومن كلا الطائفتين .

وليس فقط العراق .. رأينا ذلك في كل بلدان المنطقة عربية أو غير عربية .

عندما كان الفكر العلماني يحكم ، كانت هناك الممارسات الدينية للشعائر والمناسك طبيعية وفي أفضل حال . وبقيت علاقة الفرد بربه وتمسكه بدينه قائمة لاأحد يجبره على تركها أو تغييرها الى طائفة أخرى أو مذهب آخر أو التحول من دين لآخر .
وهنا يمكن أن أضرب مثل حي على دولتين إقليميتين كبيرتين .. إيران وتركيا ، وكلاهما يمثل المسلمين فيهما نسبة أكثر من 90% من مجموع السكان .

إيران دولة دينية تطلق على نفسها إسم الجمهورية الإسلامية . وتركيا دولة مبنية على النظام العلماني .
بمقارنة بسيطة نرى مايلي :

تركيا العلمانية ، ومن زار تركيا واطلع عليها عن كثب يعرف ذلك ، تملأ مدنها المساجد التاريخية من العهد العثماني . يتوجه الناس الى هذه المساجد خمس مرات في اليوم ، وتزدحم بهم أيام الجمع والأعياد وفي ليالي شهر رمضان . لا أحد يمنعهم أو يضع العراقيل في طريقهم أو يجبرهم على طقوس معينة دون أخرى أو يكفّرهم أو يجبر إمام وخطيب الجامع بأن يدعو خيرا في خطبة الجمعة لعبد الله غول أو رجب طيب أوردوغان ..!! وكلا الرجلين وهما رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يعتبران ذي توجه إسلامي  وترتدي زوجتيهما الحجاب .
تركيا السياسية تعلن للعالم أنها عضو في حلف الناتو .. ولا تخفي علاقاتها السياسية والإقتصادية مع أميركا والغرب وحتى إسرائيل .. وتطالب بالدخول الى منظومة الإتحاد الأوربي .

على الجانب الآخر إيران الإسلامية .. هدمت آلاف المساجد التابعة لمذهب أهل السنّة وتضييق الخناق عليهم وتحاول فرض فردية المذهب الواحد . تفرض ، وهي الدولة المسلمة ( ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى )  الفكر العنصري القومي على سكانها من غير الفرس مثل الأحواز العربية أو الأكراد أو التركمان أو البلوش .. وغيرهم . تسب أميركا وتسميها " الشيطان الأكبر " وتتحالف معها في السر ضد العراق وأفغانستان ، وهذا باعتراف قادة سياسيين فيها ومعممين في نفس الوقت . تعلن عداءها لإسرائيل وتمد معها الجسور سراً .. " إيران كيت " مثل واحد من أمثلة كثيرة . تقف موقف العداء والتآمر من جيرانها العرب . هذا الموقف العدائي هو موقف سياسي أصلا ويتخذ من " تصدير الثورة الإسلامية " أي فرض مذهبية معينة ، شعارا وبحجة المظلومية التي برع بها مّن يُسمَون " رجال الدين " !!

وإذا مانقلنا المثل أو المقارنة التركية ـ الإيرانية الى دول عربية أخرى ، نراه ينطبق تماما .. بعضه قد اشتد عوده ، وبعضه في دور الحضانة ، والبعض الآخر قد خرج للتو الى الوجود كما هو الحال في النظام السياسي العراقي حالياً .

ونتساءل مجددا : ماالذي يحدث ..؟ هل أصبح الدين في خدمة السياسة .. أي وظيفة وجسر للوصول الى أهداف سياسية ..؟  والمؤلم هنا أن هذه الأهداف السياسية قد وُضعت منذ سنوات طويلة من قبل أساطين السياسة في العالم والصهيونية العالمية .. ومن أبرز أهدافها التي لم تعد سرا هو تمزيق وضرب الإسلام كدين وعقيدة بواسطة أنظمة سياسية إسلامية .

أختتم مقالي بمقال للمرحوم الدكتور مصطفى محمود ، قرأته مؤخرا وفيه وضعَ الكثير من النقاط على الحروف .


للإطلاع على مدونة الكاتب :

-----------------------------------------------------------------------------------------

 الاسلام ما هو ..؟  

بقلم د مصطفى محمود

الاسلام ما هو  : ليس حرفة و لا يصلح لأن يكون حرفة و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين
و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء
و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما
و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة .
و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها
و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب

ما الدين إذن ... ؟!
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر
و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك
هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين
إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره
و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته .
و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة .
و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة .
و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا .
و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام و في أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عميانا ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب .. و ماذا يجول بالخاطر ؟
و ما الحب الغالب على المشاعر ؟
و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟
و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
و إلى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن .. و لذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. برغم أهمية الصلاة .
و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر .. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه .
و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر .
و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل .
و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، و ركوعا و خشوعا و ابتهالا ، و فناء .. يقول رب العالمين لنبيه :
(( اسجد و اقترب )) .
و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب .
و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق .. و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير .
و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد .
و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت ..
حوار بدون كلمات ..
لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه .. فالله هو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به .. و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد ال عارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته .
إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
(( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) .
هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. و تلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
(( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) .
و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله .
هذا هو الدين .. و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا

ـ منقول عن المجموعة البريدية : " نور على الدرب " ـ
----------------------------------------------------------------------------------------
 28/6/12

       

Monday 25 June 2012

إذا ..!


إذا ..!

علي الحمـداني

*  إذا كان نوري المالكي رئيس حكومة منتخب ديمقراطيا .. بمعنى أنه حصل على منصبه من خلال الحصول على أغلبية أصوات مجلس النواب . فلماذا يصر القادة السياسيون في العراق ومنهم رئيس الجمهورية جلال الطالباني على الوقوف ضد عملية سحب الثقة عنه ومن قبل نفس أعضاء مجلس النواب الذين منحوه الثقة ونصبوه رئيسا للحكومة ..؟   

*  إذا كان نوري المالكي قد تعهد بإجراء إصلاحات على مستوى الدولة ، حددتها إيران بمدة شهرين .. أي الطلب من تلاميذها النجباء في العراق منحه هذان الشهران .. فلماذا لم يقم بأية إصلاحات تذكر وعلى مدى ست سنوات أو أكثر قضاها لحد الآن رئيسا للحكومة ..؟

*  إذا كان القضاء العراقي عادلا ومستقلا .. فلماذا ياترى لم يبت بقضية فساد واختلاسات وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني ومحاسبته طوال هذه المدة ، ولم يقم بذلك إلا الان والمالكي في محنته ، فأصدر حكما غيابيا على السوداني بالسجن سبع سنوات (!!) ؟ هل لهذا علاقة بالإصلاحات ..؟

*  وفي نفس الإطار ، إذا كان العراق في ظل حكوماته على مدى تسع سنوات ، وفي ظل ميزانيات سنوية خرافية ، لم يستطع حل مشكلة الكهرباء للمواطن العراقي .. فلماذا خرج علينا وزير الكهرباء ليحدثنا عن زيادة الميكاواط خلال شهر تموز القادم .. أي بعد أيام من الآن ..؟

*  وعلى ذكر الميزانية التي تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات سنويا ، يفترض أنها مقسمة على الوزارات ومنها الوزارات الخدمية .. فلماذا لم يرَ المواطن العراقي تحسنا يذكر في الخدمات إبتداءا من الخدمات الصحية وصولا الى شرب الماء الصالح للشرب ..؟ يعني بس فلاح السوداني حرامي ..!!؟

*  إذا كان المالكي يقف ضد إنشاء أقاليم في العراق ويريد عراقا موحدا ـ  وهذا شيئ جيد  ـ فلماذا لم يقف وبقية أطراف الإئتلاف ( الوطني ) أو أي منهم ليرد على اول من بدأ الدعوة الى إنشاء إقليم الجنوب المقبور عبد العزيز الحكيم قبل سنوات ..؟

*  إذا كانت دولة القانون ترحب وتبارك إصطفاف أي كتلة سياسية الى جانب المالكي والتحالف معه بما في ذلك التحالف الكردي عندما وقف الى جانبه .. فلماذا يفقد المالكي أعصابه عندما تتحالف كتلة سياسية معينة مع نفس التحالف الكردي على سبيل المثال .. وجميعهم من أطراف العملية السياسية العراقية كما تسمى .. ويفترض بالنظام العراقي أنه نظام ديموقراطي ..؟

*  إذا كانت حكومة العراق تقف الى جانب الحكومة السورية تنفيذا للرغبة الإيرانية بلا شك .. فلماذا يصرح وزير الخارجية هوشيار زيباري مؤخرا أنه مع إقامة نظام ديموقراطي في سوريا  هل يأتي هذا التصريح لإغاضة المالكي أم أنه يمثل سياسية العراق الخارجية ؟ ولماذا الآن ..؟

*  إذا كانت أميركا ضد إيران فعلا .. وتفرض عليها حصارا إقتصاديا .. وتطلب من الدول الحليفة لها إتخاذ ذلك .. فلماذا تركت العراق وحكومته ، وهو تحت هيمنتها ، خارج نطاق هذه المقاطعة بحيث إزداد ميزان التبادل التجاري العراقي ـ الإيراني في ظل حكومة المالكي ..؟

*  وإذا كانت أميركا وحلفائها في المنطقة تقف ضد النظام السوري وتحاصره أيضا .. فكيف تسمح أن تمر أفواج من مقاتلي فيلق القدس الإيراني عبر العراق الى سوريا تحت يافطة زيارة العتبات المقدسة في الشام .. أم هل علينا أن نصدق أنه لاعلم للإستخبارات الأميركية بذلك ..؟

*  وفي نفس السياق كيف يغادر العراق الى سوريا مقاتلين من جيش المهدي وينكشف أمرهم ويعترف السيد أنهم ليسو من جيش المهدي بل منشقين عنه .. فكيف سمحت حكومة المالكي بذلك وكيف عبروا الحدود ولماذا سكتت أميركا مرة أخرى ..؟

*  إذا كانت أموال الخمس ـ  ولا اعتراض لدي من وجوبها أوعدمه وأحترم عقائد الآخرين ـ تدفع الى الحوزة وبانتظام ودقة في الحساب .. فلماذا لاتنشر الحوزة والمراجع دام ظلهم ميزانية سنوية لهذه المبالغ تتضمن الداخل والخارج .. الوارد والصادر .. كم دخل من مبالغ وكم خرج منها وأين صرفت وكم عائلة فقيرة معدمة إستفادت منها ..؟

*  وإذا كان كل الذين نعرفهم شخصيا ( وأسماءهم لدينا ) من مسؤولين كانوا مقيمين في بريطانيا قبل الإحتلال من طبقة ( على باب الله ) .. مابين بواب في عمارة ، سائق تاكسي ، صاحب محل بقالة ، حمله دار للحج والعمرة ، رادود في مجالس العزاء ، موزع مواد بقالة على المحلات العربية في لندن ،   سيد معمم يعيش على مساعدات الضمان الإجتماعي البريطانية ويقيم في شقة تابعة للدولة .. فكيف أصبح هؤلاء الآن ـ وبعد فترة خدمة في حكومات تحت الإحتلال ـ من أصحاب العمارات والفلل والقصور الراقية والمشاريع التجارية في قلب العاصمة البريطانية ..؟

*  وإذا كانت دول الجوار العراقي هي ستة دول على الأقل ، منها إيران .. فلماذا يصر قادة دولة القانون في أحاديثهم التلفزيونية على توجيه اللوم علنا وخفية الى دول محددة بالذات ويتجنبون الكلام عن التدخلات الإيرانية التي يعرفها الجميع في الداخل والخارج ..؟ هل هي الطائفية .. أم أنهم يتكلمون الفارسية بلسان عربي ..؟

*  وأخيرا .. وليس آخرا ، إذا أراد أحد المسعولين في الحكومة أو في مجلس النوائب  الإجابة ، فله نصف الأسئلة ( ترك ) على اعتبار أننا في موسم الإمتحانات المدرسية .. وليجيبنا على نصفها فقط ( وهم قبول ) ..!!

أجيبونا أجاركم الله .. أو اسكتوا كعادتكم عليكم لعنة الله .


مدونة مقالات الكاتب :

 25/6/12 

الغــدر


محادثة رمزية

الغــدر

علي الحمــداني

في أمسية هادئة ، وبعد يوم عمل طويل ، دعاني صاحبي الى قدح شاي في ركن هادئ من مقهى إعتاد أن يرتاده .

أعرف صاحبي منذ سنوات طويلة قضاها في الغربة . أعرفه كإنسان وطني تعرض للظلم في حياته ولكنه بقي كصخرة صلدة لاتهزه رياح العابثين . وأعرفه يذوب شوقا في حب العراق وذكريات العراق في الزمن الجميل .
أعرفه كذلك على الصعيد الآخر من حياته الشخصية .. إنسان ذو قلب كبير يهب لمساعدة من يثق أو يعتقد أنه يثق بهم .. مشاعره طفولية ككتاب مفتوح تقرأؤه بلا عناء .. وهذا ماجعله يقع في مطبات كثيرة في حياته نتيجة ذلك .. فأصبح شعاره " لاتصنع المعروف في غير أهله " و " إتقِ شر من أحسنت اليه " ولطالما سمعته يردد ذلك وخصوصا في الفترة الأخيرة .. ولا أعرف لماذا؟  ووجدت فيه وللمرة الأولى منذ عرفته أنسان يشوبه الحذر ويكتنف أحاديثة الغموض .

من هنا بدأت حديثي معه وقبل أن يدخلني في عالم السياسة التي يهوى الحديث فيها .. وللحقيقة لم أستطع أن أسبر أغواره في هذا الجانب .. إلا تلميحات حاولت أن أبني عليها وبعد أن إنتقل حديثنا الى العراق وما يمر به . يعني الى عالم السياسة  ..!!

سألني عن مقالي الأخير الذي كنت قد نشرته على بعض المواقع الصحفية قبل أسبوع وكان عنوانه : وضع اللمسات الأخيرة لصناعة دكتاتور !! وأشار الى أنه فعلا بدأ يرى من متابعة الأخبار المتلاحقة يوميا ماذهبت اليه في مقالي .. شكرته على تقديره .

فجأة بادرني بسؤال وهو : على أي المواقع أنشر مقالاتي عادة إضافة الى الموقع الذي قرأ المقال عليه .. ذكرت له أسماء المواقع والمجموعات البريدية وأيدني أنها بلا شك أنها مواقع عراقية وطنية مع ملاحظته أن الوطنية لاتكفي أحيانا لوحدها في عكس الأفكار بشكلها الصحيح وذلك من خلال سوء الإنتقاء للمادة موضوع النشر أحيانا أو أحيانا أو التصرف بمزاجية وتعنت في الرأي من قبل المحرر المسؤول بشكل أو بآخر فتحدث الإساءة بشكل غير مقصود ويهتز نتيجة لذلك الموقع الصحفي في أعين النخبة المثقفة سياسيا أو إعلاميا .

ولأني أعرف خلفية صاحبي الصحفية وثقافته وعمله الوظيفي والمهني في السابق ، مضافا اليها تجربتي الشخصية في النشر والتعامل مع الصحافة خصوصا على المواقع الألكترونية ومّن يديرها وعلى مدى سنوات ، فقد أيدته تماما وعن قناعة .

ثم بادرته بالمقابل بالسؤال : أرى أنك قد مررت بتجربة حديثة في هذا المجال قد اثّرت في أعماقك ..
أجابني : لا أسميها تجربة بالمضمون المتكامل لهذه التسمية .. ولكنها أقرب الى كونها نزوة خضعت لمزاج متقلب ولكني أعطي صاحبها العذر كل العذر لوقوفي بالكامل على ظروفه الحياتية وصعوبتها وخلفيته وآثارها .. نعم لقد زرعت شكوكا في داخلي بشكل معين ولكنها لاأعتقد أنها ترقى الى الجدية أو ربما قد تكون .
قلت له : لو كتبت أنت فيها فهل سينطبق عليها عنوان ( الغدر ) مثلا ..؟
قال : ربما ، ولكني أفضل أن يكون عنوان كهذا على مايجري في عالم السياسة العراقي ومن قبل التكتلات والأحزاب والأشخاص .
قلت له : إذاً .. سوف أكتب أنا فيها ، ولتكن حول الوضع السياسي العراقي .
إبتسم .. وقال ذلك أفضل وأقرب للواقع .

قلت له : سافعل وفي رأسي تدور عبارة " كتلة الغدر " كناية عن " كتلة الصدر " ومن خلال التجربة المنظورة على الأقل منذ الإحتلال في 2003 وحتى الآن .
قال : نعم ولا .. نعم ، لأنها كلما شعر الشارع العراقي أنها تعاطفت معه وصححت مسارها من العملية السياسية  قد تفاجئ ولأكثر من مرة أنها خذلته وأنها كانت تعمل وفق تكتيك موجه .. فذلك يمكن تسميته بالغدر . ولا ، لأنها جزء من ماكنة تعمل مع أجزاء أخرى .. مصممها واحد .. وصانعها واحد .. وبرنامجها واحد .. ويبقى الإختلاف إختلاف عملاء على مكاسب ومناصب ليس إلا .
قلت : لقد كتبت شخصيا بعض المقالات قبل بضع سنوات إبان ولاية المالكي الثانية وقبلها ، أذكر أن أحدها كانت بعنوان : السيد مقتدى الصدر ، لايلدغ المؤمن من جحر مرتين .
قال : بل يلدغ في هذه الحالة .. والسبب بسيط وهو أن الملدوغ لايملك القرار
قلت : ولكنه أي السيد مقتدى أقام الدنيا ولم يقعدها قبل أيام حين إجتمع في أربيل مع السيد مسعود البارزاني وأركان التحالف الكردستاني .. ثم مع بقية الأطراف مثل العراقية وغيرها ..
قاطعني قائلا : وهل تعتقد أن السيد مسعود البارزاني لايعلم مايدور مما هو منظور وغير منظور بالنسبة للكثيرين .. أو أنه لايعلم مكنون شخصية الصدر وآفاق تطلعاته . بالطبع هو يعلم ذلك .. والعملية بمجملها ومنذ أن بدأت كانت لخلق تشويش في الشارع العراقي وكأن هناك إنقسامات حادة فعلا بين الأطراف السياسية وأن النية متجهة لخلع المالكي . ولكن الذي حدث بعد أيام أن بدأت عملية خلط الأوراق وبدأت معها عملية تمييع كان أول من تبناها الطالباني وكلنا يعلم قربه من صناع القرار الإيرانيين .. ثم ليتحول مجرى القضية الى توجه آخر أطلقوا عليه " إستجواب رئيس الوزراء " .. وهذا كما أعلم وتعلم أنت ليس أكثر من المناورة الأخيرة ليبدأ الغبار بعدها بالنزول الى الآرض وتنكشف الأجواء أمام المالكي وهو الخيار الأميركي ـ الإيراني .
قلت : ولكن لما كل هذا ..؟
قال : كل ذلك كان ليس من أجل أن يعطى المالكي الدعم فحسب ، مع أن ذلك هو رغبة مشتركة بين الأميركان والإيرانيين . فلقد أفرز إتفاقات جانبية أخرى بين هذين الطرفين .. تنازل من هنا وتنازل من هناك من أجل مصالح مشتركة ليس للعراق مصلحة فيها . كما أنه أفرز تقارب وإتفاقات بين محافظة نينوى وإقليم كردستان برعاية أسامة النجيفي .. وسيعطي أيضا وقريبا إتفاقات بين حكومة المركز والإقليم فيما يتعلق بموضوع النفط والخلافات المترتبة عليه بينهما على الرغم مما تسمعه الآن من إستمرار الزوبعة بين الإثنين . والمستفيد من ذلك شركات النفط الأميركية .
قلت : إذن أين الصدر وكتلته ..؟
قال : الرجل لايعدو أن يكون أداة تنفيذ لتحقيق كل ذلك .. مرة مع ( المعارضة ) للمالكي وتبني سحب الثقة عنه .. ومرة التخلي عن ذلك لصالح مايسمى الإستجواب .. وأخيرا ، وأمس فقط خرج علينا بهاء الأعرجي ليعلن أن الكتلة الصدرية لن تكون طرفا في الإستجواب ..!!
قلت : ذلك يعني اللعب على الحبلين .
قال : هو ذاك .
قلت : أليس ذلك مايمكن أن نسميه الغدر بالشعب العراقي وحتى بمناصريه من عامة الناس .
قال : هو الغدر بعينه
واكتب ياصديقي عن غدر الغادرين .. وأنا أحد المغدورين .

إنتهت جلسة الشاي مع صديقي .. ولم تنته الحكاية بعد .. ولي اليها عودة .


مدونة مقالات الكاتب :

22/6/12


Monday 18 June 2012

14 / 6 / 2012 وضع اللمسات الأخيرة لصناعة ديكتاتور




إبتداءاً أنا اؤمن بأن الذاكرة العراقية ليست بالذاكرة القصيرة ولله الحمد .. ولكنني أؤمن أيضا
( فذَكّر إنْ نَفَعَتِ الذكرى ) . وهذا مادفعني الى كتابة هذا المقال .

كنت كغيري من العراقيين أراقب تسارع الأخبار السياسية خصوصا منذ يوم الخميس 14/6/2012 .. بعد أسابيع من صراع " دون كيشوتي " تمّ تأليفه وإخراجه وتمثيله على مسرح السياسة العراقية فكان شاغل الناس وحديث الإعلام طوال هذه الفترة . وفي ذلك اليوم تحديدا وعلى حين غرّة تمت عملية إسدال الستار أمام دهشة الكثيرين .

لم أكن ، والكثير غيري بلا شك ، مندهشا لما حدث ويحدث .. فقد كتبت مقالات حول محاولة  تنصيب نوري المالكي رئيسا لما يسمى حكومة العراق حتى قبل أن يتم ذلك التنصيب في عام 2010 .. أي قبل حلول عام الإنتخابات وقبل أن تجرى تلك الإنتخابات بستة أشهر
تم نشرها جميعها ومنها :

ـ إستقراء الأحداث السياسية لعام 2010 . نشرت في 21/9/2009 . أشرت فيها الى أن المالكي هو المرشح للفوز بالإنتخابات القادمة بتأييد أميركي ـ إيراني وبالإتفاق بينهما .
ـ الإنتخابات أسلحة الدمار الشامل الحقيقية . نشرت في 21/10/2009
ـ بين الصراع العراقي والرغبة الأميركية . نشرت في 3/11/ 2009
ومقالات أخرى بعد تنصيب المالكي منها : إنتهت مرحلة الصدمة والترويع وبدأت مرحلة الفوضى الخلاّقة وذلك بتاريخ 29/9/2010 ، ثم كتبت : إلغاء الإنتخابات العراقية في المستقبل في 19/10/2010 ثم مقال : سواء قاطعتم الإنتخابات أو شاركتم فيها ، بقيتم أو إنسحبتم ، فالنتيجة واحدة . وهذه نشرت في 23/11/2010 .
جميع هذه المقالات وغيرها ذات الصلة يجدها من يريد أن يطلع عليها على رابط مدونة مقالاتي في آخر هذا المقال .

الآن يبدو أن دورنا كمتفرجين على هذه المسرحية قد إنتهى وعلينا أن نغادر الصالة وقد إنتهى العرض مادحين أو قادحين سواء رضينا بما تم تقديمه وعرضه علينا أم لم نرضى .!
ولأن المسرحية قد تعاونت على إنتاجها وإخراجها قوى دولية وإقليمية .. ولأننا كشعب قد دفعنا من شقائنا وعرقنا ودموعنا ودمائنا الكثير حتى نراقب أحداثها .. فقد آن الأوان أن نحمد ربنا على نعمة الإستقرار بعد هذه العاصفة ونعمة الإصلاحات التي وعدنا بها المالكي في المرحلة القادمة وهو بطل المسرحية وقد اتفق معه في ذلك كافة الممثلين وأيضا المؤلف والمنتج والمخرج مما سيضمن إستمرارها في العرض وبنجاح ساحق لسنوات قادمة على المسرح العراقي .

هنا لابد لي من وقفة لكي أستعرض أمامكم فصول المسرحية التسع والتي إبتدأت عام 2010 .. ولكي أكون واقعيا في الوصف والتسميات فقد إرتأيت أن أطلق عليها (( المهازل التسعة )) وكأني بهذه التسمية أطابق واقع الحدث وأحاكي سنوات تسع عجاف من الإحتلال والإنتكاسة العراقية .

المهازل التسعة

المهزلة الأولى : في آذار 2010 ، وبعد إعلان النتائج الأولية للإنتخابات بعد الإنتهاء من عملية فرز الأصوات .. فاجأنا المالكي أمام الصحافة بالقول : أن النتائج والعملية الإنتخابية لم تنتهِ بعد !
يومها كان الشعب العراقي أو الناخبين منهم قد تأكدوا أن القائمة العراقية قد حققت الفوز بنسبة بسيطة وأن أمر المالكي قد إنتهى .. ولم نكن لنعرف وقتها أن هناك إتفاقات جانبية قد تم حسمها وأن نوري المالكي يعني ماقاله لأنه قد أحيط به علما .. لنكتشف بعد ذلك إصطفاف التيار الصدري وفي اللحظات الأخيرة الى جانبه لترجيح كفته ، وكذلك فعلت الكتلة الكردية ..!!

المهزلة الثانية : الإنتخابات نفسها كان من المقرر أن تجري في كانون الثاني 2010 ، وهي فترة إنتهاء المدة الدستورية لولاية المالكي الأولى .. ولكن فجأة تم الإعلان عن موعد جديد للإنتخابات وحدد تاريخ السابع من آذار 2010 موعدا جديدا لها ( ثلاثة أشهر في صالح بقاء المالكي ) . وحين أعلنت نتائج الإنتخابات كما ذكرنا في المهزلة الأولى إستغرقت عملية الصراع السياسي في المسرحية الإنتخابية ( ثمانية أشهر ليتم الإعلان عن فوز المالكي أخيرا وتنصيبه رئيسا للحكومة ) .. ولو أضفنا ( مدة الشهر ) التي مُنح إياه المالكي لتسمية حكومته .. نكون قد إنتهينا الى مدة سنة كاملة قضاها المالكي في رئاسة الحكومة فعليا فوق المدة الدستورية لولايته الأولى !

المهزلة الثالثة : بعد كل هذه المدة والمماطلة والتسويف والتآمر .. لم تأخذ عملية تنصيب المالكي سوى أربع ساعات في مجلس النواب !! وأذكركم بوقوف جلال الطالباني رئيس الجمهورية على المنصة منفعلا ومنتشياً ليعلن شفاها تكليف المالكي بتشكيل الحكومة تبعتها عملية عناق وتقبيل !!
تم ذلك مع أن الدستور والعرف يقولان أن التكليف يكون بكتاب رسمي .. وفي خطة مكشوفة أخرى قام الطالباني بالإعلان في 21/11/2010 بأن كتاب التكليف الرسمي سيصدر يوم 25/11/2010 أي قبل يوم واحد فقط من إنتهاء المدة الدستورية الممنوحة له لإصدار أمر التكليف بتسمية مّن سيشكل الحكومة !! ( يعني عصرها الكاكا بالأيام ..!!)

المهزلة الرابعة : خلال عملية الصراع التي كانت دائرة بين علاوي والمالكي بعد الإنتخابات ونتائجها فقد أحجم التكتل الكردي بشقيه البارزاني والطالباني عن الوقوف ( ظاهريا ) الى جانب أي منهما وأكتفى بالتمسك بنقاطه وشروطه المطروحة !! ولكن حقيقة الأمر أن التنسيق مع إيران كان في أعلى مستوى لتثبيت المالكي وقد أنيطت تلك المهمة بالطالباني لقربه من الساسة الإيرانيين وعلاقاته معهم .
في تلك الفترة ، وخلال عملية الصراع السياسي على تشكيل الحكومة ، أعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية عن إستعداده لإستضافة الأطراف العراقية المتصارعة وتقريب وجهات النظر . وفور إعلان ذلك رفض البارزاني هذه المبادرة وعلناً ..!! ولكن الذي حدث أن المجموعة الخليجية أعلنت تأييدها لمبادرة الملك عبد الله .. وفجأة إنقلب البارزاني ليعلن موافقته على المبادرة .. فهو ينظر الى الأمور بنظرة رجل الأعمال الناجح ويعلم حجم الإستثمارات الخليجية في الإقليم .
على أي حال ، لم يكتب لتلك المبادرة النجاح ، وكان ذلك بدون أدنى شك بأوامر إيرانية الى كافة الأطراف السياسية العراقية لكي تنفرد إيران بالمهمة ونجحت في ذلك فعلا بتنصيب نوري  المالكي لاحقا .

المهزلة الخامسة : إنسحاب علاوي وجماعته باستثاء البعض منهم من جلسة البرلمان المخصصة لإعلان فوز المالكي ، سواء بقصد أو بدونه ، بذكاء أو بإنفعالية ..!! وكانت تلك الخطوة بمثابة المسمار الأخير في القائمة العراقية والعقبة الأخيرة أمام فوز المالكي ..!! ثم وخلال فترة الشهر التي منحت للمالكي لتشكيل حكومته ، اعلن علاوي أنه سوف لن يحضر جلسة يوم 21/11/2010 وذلك بسبب سفره الى لندن لحضور ( حفل زفاف ) كريمته .. وأسدل الستار !!

المهزلة السادسة :  بدأت بعد ذلك عمليات إنشقاق وإنشطار بين الكتل السياسية المناوئة لنوري المالكي على وجه الخصوص .. إنشق ابراهيم الجعفري بجناح جديد لحزب الدعوة وهو رئيس الحكومة السابق والمنافس الأقوى للمالكي . إنشق الوفاق او القائمة العراقية الى كتل أصغر لا أهمية تذكر لها . أعيدت تشكيلات التحالف الطائفي بدخول كتل وخروج أخرى . فرضت العزلة على التيار الصدري وغادر مقتدى الى إيران ( للدراسة وتلقي العلوم ) وتعرض التيار لضربة عسكرية في البصرة . خرجت شخصيات من الجانب الآخر ممن كانوا محسوبين على العرب السنّة لينضموا تحت جناح المالكي ، شخصيات عرفت بالإنتهازية والمصلحية . تم تمييع منصب مجلس السياسات العليا الذي وعد به علاوي واصبح خارج اللعبة يتنقل بين هذا البلد وذاك ليلقي بالتصريحات يسرة ويمنى . علّقت ثلاث مناصب وزارية مهمة بدون وزير وتولاها المالكي شخصيا حتى يومنا هذا وهي الدفاع والداخلية والأمن ليصبح القائد العام للقوات المسلحة ولا من معترض لا في التحالف ولا في الأحزاب ولا في البرلمان ..!!

المهزلة السابعة : دخل العراق تحت ظل الولاية الثانية لنوري المالكي في سنوات قهر واستلاب للحريات وتفرد سلطوي . تزامن مع كل ذلك إرهاب الدولة المتمثل بتصاعد أعمال العنف والتفجيرات المنظمة الكبيرة ، وأضفنا مسمى " الدامي " الى كافة أيام الأسبوع تقريبا .. من السبت الدامي الى يوم الجمعة الدامي . كذلك تصاعدت عمليات القتل والإغتيالات وازدادت الهجرة القسرية وتدنت الخدمات العامة الى أدنى مستوياتها في وقت إرتفعت فيه سرقة المال العام الى أعلى مستوياتها .. وسقطت هيبة القضاء المستقل بل أغتيلت على يد مدحت محمود النعلبند القاضي الإمعة والإنتهازي المعروف ليصبح القضاء أداة بيد نوري المالكي يقوم بتنفيذه نيابة عنه وبالقرارات القانونية الملزمة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود النعلبند . لقد ظهرت على السطح معلومات السجون السرية التي تتبع مكتب المالكي مباشرة وفضيحة سجن مطار المثنى والجادرية . آلاف المعتقلين بدون توجيه التهم اليهم أو محاكمتهم ولسنوات ..!
إذاً ، لقد دخلنا فعلا مرحلة الفوضى الخلاّقة التي حققها المالكي بعد أن رسمها وولتفيتز ورامسفيلد وبايدن وبدأ بها بول بريمر .
بعد أربع سنوات تحوّل فكر الشارع العراقي من رفض الإحتلال والمحتل الى رفع الظلم ثم الى الرهانات على شخوص العملية السياسية وهم جميعا قد خرجوا من رحم واحد ورضعوا من ثدي واحد .. مَن سيكسب ومَن سيخسر .. مَن سيبقى ومَن سيخرج ..!!

المهزلة الثامنة : ومع قرب الإنتخابات المحلية مرة أخرى .. تنبه ( الإخوان ) في العملية السياسية العراقية الى ( خطورة ) المالكي فجأة ..! ليدخلوا العراق في عملية صراع جديدة ، تم توزيع الأدوار فيها بالشكل التالي :
البارزاني ومعه علاوي والعراقية والنجيفي والصدر في جانب واحد .. المالكي وثعالب الدعوة مثل عزت الشابندر والزهيري والسنيد وبقية الشلة الإجرامية في الجانب الآخر .. وفي الوسط وقف عمار الحكيم ومجلسه والجعفري وكتلته موقف المصلحين والمقربين لوجهات النظر .. في حين صرح الطالباني أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع (!!!) .

هذه العاصفة الجديدة نطلق عليها مرحلة ( سحب الثقة ) من المالكي أو (إستجواب) المالكي أمام مجلس النواب .. وبدأت عملية جمع التواقيع النيابية ( لإسقاط ) حكومة المالكي .. وتساءلنا : وماذا بعد ذلك ؟ ومن البديل ..؟ وماالذي سوف يتغير ..؟ ونحن نعلم أن مايحدث هو عاصفة مفتعلة .. وهو فعلا مسرحية أميركية ـ إيرانية  تم توزيع الأدوار فيها بكل دقة وأدى الممثلين فيها أدوارهم بكل جدارة قبل أن ينتقلوا الى المهزلة التاسعة وحسب التوقيت المقرر لها .....

المهزلة التاسعة : أقف مع هذه المهزلة الأخيرة موقف من يحاول إستقراء الأحداث التي ستحملها لنا الأخبار في الأيام أو الأسابيع القادمة :

ـ  الطالباني في رحلة علاج ، إلا أن أحد أركان حزبه صرّح أن لديه ، أي الطالباني مستمسكات وملاحظات حول أركان المجتمعين في أربيل يحتفظ بها الى ( يوم معلوم ) !!
ـ  البارزاني يصرح يوم الأحد 17/6 ، أنه ليس لديه عداء شخصي مع المالكي ..! ولكنه يهدف الى إصلاح مسار العملية السياسية في العراق .
ـ الصدر يصرح بدوره أنه يريد فقط أن يلعب دور الوسيط بين الأطراف ( لمصلحة العراق ) وأنه ليس لدى تياره تطلعات لمنصب رئاسة الحكومة ..!!
ـ عمار الحكيم يدلي بكلمته في منتداه ليوم الأربعاء أنه يريد التوفيق بين وجهات النظر وأنه لابديل للخروج من الأزمة إلا عن طريق طاولة المفاوضات .
ـ أسامة النجيفي وهو لاشك يتكلم بإسم علاوي وبقية أطراف القائمة العراقية يتكلم من لندن محاولا إنكار أي إتصال له مع المالكي ..! في حين أشارت أكثر من جهة صحفية غربية الى وجود تفاهم بين الإثنين للخروج من الأزمة .

تحول الإتجاه إذاً ، من موضوع سحب الثقة الى موضوع آخر ، أعتبره شخصيا ليس أكثر من خطوة وسطية لحفظ ماء الوجه ، وهو الحديث عن إستجواب المالكي من قبل مجلس النواب .. وتشكيل لجنة (!!!) للتحضير لذلك .

هذا بدوره سوف لن يتم أيضا ، وإذا ما تم ذلك ، فسوف ينتهي على خير ولصالح المالكي وبحل وسط .. وهذا الحل الوسط هو مااقترحته إيران على كافة الأطراف ( ونحن نعلم أنه أمر عندما يصدر من إيران أكثر منه إقتراح ) وذلك بالطلب من الأطراف السياسية في العراق بإعطاء المالكي فترة شهرين للبدء بإصلاحاته .. وكأن العراق قد أصبح إقليميا أو محافظة فارسية ..!!

بإلقاء نظرة سريعة على كافة المناورات السياسية التي ذكرتها في هذا المقال ومنذ تولي المالكي رئاسة الحكومة ، ومقارنة تسلسل أحداثها بالمهزلة التاسعة تحديدا .. نرى بوضوح أنها مناورات تتطابق الى حد بعيد وتحمل نفس الرائحة النتنة التي دأبت أطراف مايسمى العملية السياسية في العراق على إنتهاجها وتكرارها وبتغيير جلدها المرة تلو الآخرى كالحرباء .

لم أتمنى يوما في حياتي العملية ككاتب أن أكون فيه مخطئا في تحليلاتي كما أتمنى الآن .. ولكنني أرى أن ذلك سوف لن يحدث ، ولو حدث ، فلن يكون أكثر من حلقة في سلسلة متهرئة من عملاء وخونة تسمى حلقة تبديل الوجوه وبما يخدم مخططات أميركا وممصالح إيران .

لك الله ياعراق .. ولك الله ياشعب العراق ..  والله المستعان


مدونة مقالات الكاتب :

 18/6/12

Thursday 14 June 2012

ذبح الشعب العراقي المظلوم أبرز إنجازات مفاوضات الصالونات المترفة






قبل أسبوع نشرت مقالاً بعنوان : ( هل أن على العراق أن يدفع فاتورة التحالفات الدولية 
والإقليمية القذرة ..؟ ) .

يوم أمس الأربعاء 13 حزيران دفع شعب العراق المغلوب على أمره الفاتورة الأولى لما يسمى أزمة الحكومة والعملية السياسية في العراق . أكثر من 90 شهيدا من المدنيين والطبقات المسحوقة في عشرة محافظات عراقية .. وأكثر من مائتي جريح ومصاب في المستشفيات لانعلم ولن نعلم كم منهم سيضاف إسمه الى قائمة الموتى في ظل عناية وخدمات طبية شبه معدومة . أضف الى كل ذلك إحتراق وتدمير بنى تحتية بمليارات الدنانير تشكل مصدر رزق لعشرات الآلاف من العوائل العراقية .. وخرائب وسيارات ومحلات تجارية محترقة ومدمرة في كل زاوية وفي كل شارع تضاف الى الخرائب الحالية على أرض العراق نتيجة إنعدام أبسط الخدمات في ظل حكومات العار واللصوصية والنهب المنظم للمال العام .

ونتابع على شاشات التلفزة تصريحات أولاد الحرام ، وهذا مصطلح أجده الأكثر أدباً للنشر  ليشمل أكبر رأس منهم الى أصغر لص قابع في إحدى زوايا الزريبة الخضراء ، وهم يقفون أمام عشرات المايكروفونات ووراءهم الأعلام الخضراء والصفراء يلقون مواعظهم على مسامع الشعب المسكين حول أزمة ( العملية السياسية ) .. وكلٌّ يدعي وصلاً بليلى ..!!

وقبل مسرحية التصريحات القصخونية .. نراهم في إجتماعات ثنائية بين قادة الأحزاب والكتل السياسية يجلسون على الأرائك المذهبة الوثيرة تحت أجواء مكيفات الهواء المنعش ، تعلو وجوههم الكالحة الغبراء الإبتسامات الصفراء أمام عدسات الكاميرات .. أو نجدهم في إجتماعات على الطاولة التي تزينها باقات الورود وأواني الفاكهة المذهبة وقناني المياه المعقمة .. يبتسمون ويتحادثون ويناقشون .. ألا لعنهم الله أنى يؤفكون .

أشهر وأشهر مضت .. وسنوات عجاف عبرت .. والحال هو الحال .

وبين آونة وأخرى وحين تشتد الأزمة نتيجة الإختلاف على تقسيم الغنائم وليس شيئ آخر .. تبدأ عمليات تفجير السيارات الملغّمة والعبوات الناسفة .. وأين ..؟ في الأسواق المكتضة بالناس أو المقاهي أو المساجد والحسينيات .. ولا ندري لماذا لاتنفجر مثلا أمام المؤسسات الرسمية المهمة أو معسكرات الميليشيات والتي يطلق عليها معسكرات الجيش والشرطة .. إذا كانت من تدبير وتنفيذ أعداء الحكومة والتحالف الطائفي وأطراف مايسمى العملية السياسية ..؟؟

وتظهر الوجوه الكالحة مرة أخرى ( عليها غَبَرة ، ترهقها قَتَرَة ، أولئك هم الكفرةُ الفَجَرة )  متمثلة بالمكصوصي والدباغ وغيرهما ممن تعلو أكتافهم النجوم والشارات الحمر ليخبرونا أن ماحدث هو من عمل : الصداميين والبعثيين والقاعدة والتكفيريين .. !!
أو يخرج علينا في حوار إخباري على قناة الفضائية العربية المدعو المطلبي نائب عن قائمة دولة القانون المالكية ليوجه أصابع الإتهام علنا وتحديدا الى قطر والسعودية وتركيا .. دون التطرق الى إيران ، وليته كان يتمتع بذرة من دبلوماسية الحديث فيقول لنا على الأقل ( دول الجوار أو الدول الإقليمية ) فيريح ويستريح .

لقد ملّت أسماع الشعب العراقي الذي يدفع الدماء يوميا من سماع هذه الإسطوانات المشروخة ..
ولماذا البعثيين والقاعدة والتكفيريين ..؟ لماذا ليست الميليشيات المدربة والمسلحة والتي تتوفر لها الحماية في التنقل ..؟ وكلنا يعلم أن لكل مسؤول أو رئيس حزب أو كتلة سواء كان يرتدي العمامة أو البدلة أو ربطة العنق الحريرية ميليشيته الخاصة ..!

ماهي مصلحة البعثيين والقاعدة من تفجير الأسواق والمقاهي التي يرتادها العمال والكسبة ..؟
المنطق يقول أنهم لو فعلوها حقيقة فهم إما عملاء للمالكي أو من يقف وراءه .. إذا ماانصبت مصلحة الفوضى والدمار في كفته وهو يعيش أزمته .. أو أنهم عملاء للأحزاب المناوئة له كأن يكونوا الصدريين أو الحكيميين أو الجلبيين أو الجعفريين أو البرزانيين ..!!

فهل يُعقل هذا ..؟؟

أما المقاومة العراقية المسلحة فقد أعلنتها ومنذ اليوم الأول لإنطلاقتها المباركة أنها تعمل ضد المحتل الأجنبي وعملاء المحتل وحرّمت الدم العراقي وكما هو مثبت في بياناتها أو حتى في أفلام الفيديو المسجلة لعملياتها الجهادية والقتالية .. أهدافها معروفة وهدفها واضح وحاربت من أجل ذلك على جبهتين ، جبهة العدو المحتل ، وجبهة من حاول إختراقها من القاعدة أو الصحوات لتحافظ على مبدأيتها وحرفييتها ودفعت من أجل ذلك الكثير .

ثم أننا جميعا بدأنا ندرك حجم وأبعاد التدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي .. يعني بكلمة أبسط  تسيير السياسة الداخلية وحتى الخارجية العراقية وفق مايشتهون وكيفما يريدون .. وهذا يتم وكما أثبتت الأحداث التي لاتكذب بموافقة أميركية وإتفاقات مع حكومة الشر الإيرانية  وفق سياسة المصالح المتبادلة .. تصريحات المسؤوليين الإيرانيين العلنية بخصوص العراق تعني التدخل بشؤونه .. وتصريحات المسؤوليين الأمريكيين العلنية في طلب مساعدة إيران تعني ذلك أيضا .. والتدخل الإيراني بدأ مع دخول القوات الأمريكية الى العراق .. واستمر خلال وجودهم في شوارع العراق .. وبعد خروجهم منها .. والتنسيق مع إدارة مجرم الحرب بوش كانت قائمة حتى قبل 2003 .. وهذا أيضا قد تكلم به صراحة على الملأ ، القادة الفُرس من خامنئي الى رافسنجاني الى خاتمي وأبطحي .
فلماذا بعد كل هذه الثوابت والحقائق ننسى الدور الإيراني ومصالحه في الفوضى العراقية ونتكلم عن البعثيين والقاعدة .. عن قطر والسعودية وتركيا .. ؟؟ ولست هنا في معرض الدفاع عن هذه الدولة أو تلك وكلهم كانوا شركاء في ذبح العراق .

ألا يعني ذلك نَفَسا طائفيا كريهاً لايخدم في النهاية إلا الأهداف الإيرانية التوسعية ورغبة أحزابها الطائفية في العراق ..؟

هكذا يقول المنطق .. وهكذا يقول العقل .. فماذا بعد الحق إلا الضلال ..؟

ألا لعنة الله والشعب العراقي والتاريخ على مثيري الفتن .
ألا لعنة الله والشعب العراقي والتاريخ  على الأصابع التي تعلوها محابس الفيروز والعقيق ساخت إيران لتريق دماء الشعب العراقي الزكية .
ألا لعنة الله على الظالمين الذين يبغونها عوجا .

ورحمة الله على أرواح الأبرياء من الشعب العراقي الذين سقطوا أمس الأربعاء ظلما وعدوانا ، وعلى أرواح كافة من دفع ويدفع حياته بسبب نزوات الحاكمين الفاسدين .. ولأهليهم جميل الصبر


مدونة مقالات الكاتب :



          

Wednesday 6 June 2012

هل أن على العراق أن يدفع ثمن فاتورة التحالفات الدولية والإقليمية القذرة ..؟





منذ أن بدأت عمليات الشد بين أطراف مايسمى العملية السياسية في العراق تطفو على السطح ، وبدأ الشارع العراقي يسمع بها عبر وسائل إعلامه أو الوسائل الإعلامية الأخرى لاسيما العربية منها .. وليس هناك من حديث إلا : هل سيبقى نوري المالكي رئيسا للحكومة .. أم سيخرج أو يجبر على ذلك عبر مايسمى سحب الثقة من الحكومة من خلال جمع تواقيع النصف زائد واحد من مجلس النواب .؟

وإذا خرج نوري المالكي بإية طريقة يختارها هو أو يختارها له الغير .. فمن هو البديل ..؟

وإذا ماتم الإتفاق على البديل المؤقت لرئاسة الحكومة حتى الدورة الإنتخابية القادمة .. فما هي المعجزات التي ستجري على يديه ويشهدها الشعب العراقي .. وهل أنه  سيكون شخصية وطنية مثلا ، أم أنه مجرد واحد آخر ممن حملتهم الدبابات الأميركية قبل أكثر من تسع سنوات ..؟

والسؤال المهم هو : هل يقف المحلل السياسي عند حافات ماتتناقله وسائل الإعلام .. أم أن عليه إجراء قراءة لما بين السطور لكي يربط بين الواقع والحدث .. الحقيقة والتضليل .؟

هذا الأخير هو ماأعتقده وأؤمن به وأنا أتابع الأخبار العراقية المحلية ، والإقليمية ، والعالمية .. أضعها بين يدي القارئ الكريم ، وهي لاشك خاضعة للنقاش .  

قبل ذلك أتساءل  : هل أن مايحدث في العراق اليوم حقنة تخدير جديدة .. أم هو إتفاق بين أحزاب العمالة الطائفية على الخطوة التالية من المخطط ..؟

كل من يظن أن ماتعرضه وسائل الإعلام العراقية بشكل خاص وبمختلف توجهاتها هو مايمثل حقيقة أخبار العملية السياسية في العراق ، أو حقيقة مايجري وراء كواليس الإجتماعات المتكررة الثنائية والجماعية منها ... فهو واهم .!

وكل من يظن أن في العراق ساسة وأحزاب سياسية مستقلة في قرارها فيما يتعلق بمستقبل العملية السياسية العراقية .. واهمٌ أيضاً ، لأنها أحزاب لاتمتلك ذلك بأمر مَن جاء بها الى السلطة .

وكل من يظن أن في العراق حكومة أو أحزاب معارضة أو قرار رئاسي أو برلماني يصب في خدمة العراق وأبناء العراق فهو أيضا واهم ! وليس أدل على ذلك من فقدان أبسط الخدمات منذ أكثر من تسعة أعوام وسرقة المال العام جهارا نهارا ، والوعود الكاذبة والمزيفة ..!

 ولذلك فنحن ومنذ أشهر نسمع جعجعة ولا نرى طحين .

إذاً علينا أن نقرأ مايجري من أكثر من زاوية .. ونحاول أن نربط التحركات الإقليمية بما يجري في العراق بشكل متوازٍ من حيث التوقيت وطبيعة الحدث . دون الإنجرار الى التصور الخاطئ وهو أن في العراق حكومة تملك قرارها ، أو حتى دولة مستقلة .

ــ  الزيارات العراقية الرسمية الى طهران من قبل قادة الكتل والأحزاب أو من يمثلهم ، أي أطراف (النزاع) في العراق وآخرها زيارة مقتدى الصدر .

ــ  زيارة أطراف أخرى من هذه التشكيلة الى أنقرة .

ــ  ستشهد الساعات الأربع والعشرين القادمة إجتماعا في طهران يجمع نيجيرفان البارزاني رئيس وزراء الإقليم الكردي ومقتدى الصدر رئيس التيار الصدري . هذان المسؤولان ، وهما أبرز طرفي الأزمة مع المالكي ماكانا ليذهبان الى طهران بمحض رغبتهما وبدون الضوء الأخضر الأميركي وبدون علمهما بخيوط الحل .. علما أن السيد نيجيرفان بارزاني كان قد عاد منذ أيام من زيارة الى أنقرة إجتمع خلالها مع السيد رجب طيب أوردوغان رئيس الوزراء التركي . ولن أتساءل هنا : هل أن العراق فعلا دولة مستقلة تمتلك قرارها السياسي .. أم أن القرارات تأتي من وراء الحدود ..؟؟!!

ــ  رئيس الجمهورية جلال الطالباني يشكل لجنة للتدقيق في تواقيع النواب الذين طالبوا بسحب الثقة من حكومة المالكي .. وذلك بناء على رغبة المالكي بعرض التواقيع للتأكد من صحتها .

ــ  التصريحات الإيرانية الرسمية حول رغبة إيران في حل الأزمة العراقية  ومن هؤلاء السفير الإيراني في بغداد دنائي فر .

ــ بالمقابل التصريحات الأمريكية على لسان بعض المسؤولين وصناع القرار عن الدور الإيراني في العراق والرغبة في قيام إيران بذلك . بكلمة أخرى موافقة أميركية على تدخل إيران بالشأن العراقي ولعب الدور في تثبيت أو خلع من ترغب .

ــ ثم يأتي الخبر الآخر المهم ، والذي أعتقد أن القليل قد إلتفت له ، وهو تصريح وكالة الطاقة الذرية عن قرب وصولها الى إتفاق مع الجانب الإيراني فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي ..!!

نظرة سريعة الى الأخبار ومعطياتها وتداعياتها .. تجعلني أعتقد أن في العراق ليست هناك أزمة سياسية بمفهوم الأزمات السياسية التي تحدث داخل الدول بين الحكومة والمعارضة .. بل أن هناك أزمة تقاطع للمصالح تفهمها وتعيها أميركا جيدا وتسعى الى إحتوائها ، ولهذا ألقت بثقلها على الطرف الإيراني لمعرفتها بتأثيره على كافة الأطراف وبدوره الرئيسي في الشأن العراقي . ولأن إيران ليست بهذه السذاجة لتدع أمراً كهذا يمر بدون إستثماره لأقصى الحدود .. فقد قفز الى الواجهة موضوع برنامجها النووي .. فجاء تصريح مسؤولي الطاقة الذرية التمهيدي وبتوقيت غريب عن قرب الوصول الى إتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ..!!

إذاً فإن هناك إتفاق اميركي ـ إيراني جديد : حلحلة الأزمة العراقية بما ترغب به أميركا مقابل تنازلات أميركية بشأن برنامج إيران النووي .

هذا بشكل عام .. وهو غير معلن وغير منظور .. وسوف لن يعلن أو أن تتناوله وسائل الإعلام الآن أو لاحقاً .
يعني لقد  لعبت إيران الورقة العراقية بدهاء مقابل مصالح ذاتية تتعلق ببرنامجها النووي وسوف تقود حتما بعد ذلك الى تخفيف موضوع الضغوطات عليها فيما يتعلق بالمقاطعة الإقتصادية .

ولكن إذا إنتقلنا الى الجانب المنظور من كل ما يجري في العراق ضمن ما يسمى العملية السياسية والأزمة التي تمر بها كما يصفها لنا مسؤولي العراق حكومة أو معارضة .. نرى أن مايجري حقيقة وكما قلنا أمر مبيت له لعبت الأصابع الإيرانية دورا بارزا فيه مستخدمة هذا الطرف أو ذاك ، وكلهم تلاميذ نجباء لها ، لكي تخلق حالة فوضى سياسية تضاف الى حالات الفوضى الأخرى التي تضرب كافة مرافق الحياة في العراق .

أميركا ، كما هي إيران أيضا ، لاتريد في الوقت الحاضر تبديل نوري المالكي أو إزاحته .. ولو أرادت ذلك لفعلته في 2010 حين لم يحصل حتى على الأغلبية الإنتخابية ليتولى رئاسة الحكومة وأبقت العراق قرابة تسعة أشهر بدون حكومة حتى تم تثبيت المالكي وإزاحة الآخرين .. ولكي لاننسى ، فقد تم تثبيت المالكي بمساعدة طرفين هامين هما : مقتدى الصدر وتياره .. والكتلة الكردية . يعني ، نفس العدوين اللدودين اللذين يبرزانهما اليوم للشارع العراقي كخصوم يعملان على إسقاط المالكي من خلال مايسمى ( سحب الثقة ) فيما يسمونه أزمة العملية السياسية في العراق ..!!

فهل يعقل ذلك .. وما الذي حدث خلال هاتين السنتين ومنذ تم تثبيت المالكي رئيسا للحكومة .؟  
هل عرف الساسة الأكراد الآن أن المالكي لم يفِ بوعوده ..؟ وهل إكتشف مقتدى فجأة مَن هو المالكي حتى بعد أن ضربه عسكريا قبل ذلك في البصرة بصولة الفرسان ..؟ وهل إستيقظ المجلس الأعلى على حين غرّة مِن أهل العراق ليبحث لنا عن حكومة وحدة وطنية توّحد العراق، أو ليس هو نفس المجلس الذي دعى الى إقليم الجنوب منذ 2004 ..؟ وهل بدأت صيحات إعلان الأقاليم تظهر من جديد لاسيما في البصرة إذا ماتم تبديل المالكي بسحب الثقة عن حكومته .. هل بدأ ذلك من فراغ ..؟

مايحدث في العراق ماهو إلا صفقة سياسية إقليمية على حساب الشعب العراقي .
وما يحدث داخل العراق ماهو إلا أدوات لتنفيذ هذه الصفقة .
سوف تُعطى لكافة الأطراف قطعا من الكعكة .. ولكن
سوف يبقى المالكي حاليا .. وربما لولاية ثالثة .
وسجّلوا ذلك عليّ إن شئتم


مدونة مقالات الكاتب :