Friday 26 October 2012


التزييف

حقائق وأحداث تكشف أكاذيب السياسة الأميركية
(8)
 

علي الحمــداني

 

مقدمة الحلقات :

 

الوقائع الواردة في حلقات هذه الدراسة سوف تتناول زيف وخداع وتضليل ماكنة السياسة الأميركية ومن ورائها بعض الإعلام المسيس على عكس الإدعاءات الباطلة التي تروّج لحرية الإعلام والصحافة .

 

الزيف والخداع والتضليل على كافة الأصعدة إبتداءا من صناعة القرار السياسي المعلن للرأي العام ومروراً بحرية الصحافة وإدعاءات حقوق الإنسان ووقوفا عند عمليات تعذيب المعتقلين البشعة واللاإنسانية في سجون السلطة داخل الولايات المتحدة أو سجون الإحتلال خارجها وربما ليس إنتهاءا ببريق الديموقراطية الذي تعلنه وتتغنى به تصريحات المسؤوليين الأميركان كجزء منظم من حملة التضليل والتزييف المنظمة هي الأخرى .

 

الدراسة إستندت على وقائع وحقائق مثبتة وموثقة بالأسماء مصادرها مستقاة من تقارير ومقالات نشرت في كبريات الصحف العالمية المستقلة ومن برامج تلفزيونية تم بثها على محطات فضائية عالمية إضافة الى كتب تم نشرها في هذا الخصوص .

 

هذه المصادر سيتم تثبيتها في نهاية الدراسة لمن يريد الإطلاع عليها والإستزادة من التفصيلات . فالموضوع إذن ليس سردا مجردا ولا من وحي الخيال بل وقائع موثقة قد تصيبكم بالذهول كما صدمتني شخصيا وأنا أمضي بين سطورها .

 

الدراسة سوف تغطي سبع مواضيع رئيسية وعلى عدة حلقات ومن عدة أقسام ، وكما يلي :

 

1-  التزييف في الحرب العدوانية على العراق .

2-  التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسان

     آ-  القسم الأول : عتاة المجرمين والقتلة تم توظيفهم سجانين في سجن أبي غريب .

    ب-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل إسمه ماهر عرار مثالا .

    ج-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل آخر إسمه خالد المصري مثالا .

    د-  قضايا أخرى " قضائية " مخزية .

3-  الفلوجة

4-  تسييس الإعلام لإخفاء حقائق قتلاهم والهاربين من الخدمة العسكرية في العراق .

5-  سياسة جورج بوش الرعناء .

6-  قصة " هاييتي " .

7-  حرب بوش المستمرة على الصحافة ومحاولة خنق الكلمة الحرة .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

 

الفلوجــة

الجريمة في عصر الإنحطاط السياسي والأخلاقي

 

على الرغم من مرور سنوات على جريمة الفلوجة والتي تم التخطيط والتنفيذ لها من قبل قوى الشر والإجرام الأميركية في عهد حكومة الإحتلال برئاسة العميل أياد علاوي .. أقول في عهد ذاك لأنه كان رئيسا موقتا لحكومة الإحتلال ، إلا أنها كانت ستقع تحت أي حكومة أخرى من صنيعة المحتل سواء الجعفري أو المالكي أو أي عميل آخر ، لأنها أصلا رغبة الإدارة الأميركية في ظل ولاية المجرم جورج بوش .

 

كتب الكثيرون عن التفاصيل المروعة لتلك المجزرة ، ونشرت حولها أفلام وصور يندى لها جبين الإنسانية .. ولازالت آثارها وما تركته من تشوهات خَلقية على الأجنة في بطون أمهاتهم ومضاعفات سرطانية قاتلة شملت العديد والعديد ولا تزال الجريمة مستمرة حتى يومنا هذا .. كل ذلك بسبب إستخدام الجيش الأميركي لأسلحة فتاكة محرمة دوليا مثل اليورانيوم المنضب والقنابل الفسفورية والعنقودية ضد المدنيين في مدينة صغيرة حفرت إسمها في ذاكرة الإنسانية إسمها الفلوجة . تماما كما حفرت المقاومة العراقية أسطورة في ذاكرة التاريخ على الرغم من كل الأسلحة الفتاكة للقوات الغازية وحتى تلك الخيانات التي واجهتها .

 

اليوم أنقل لكم في هذه الحلقة من هذه الدراسة صورا أخرى عن هذا الموضوع ، لادخل فيها للعاطفة أو الغضب ، رغم أن ماأكتبه في منتهى الألم . فأنا هنا سأنقل لكم وجهات نظر وقصص وتحليلات من صحافة وإعلام الغرب وتحديدا من أميركا .

 

وتبدأ قصتنا من هنا :

 

بدأ التخطيط  فعليا لضرب الفلوجة عام 2003 . وبدأت حرب الخداع النفسية  بعد ذلك بفترة وجيزة ومع بداية عام 2004 . كانت الإدارة العسكرية الأميركية تنظر الى المهمة من جانبين .. أولهما جهلها الإستخباري بالكثير من المعلومات المتعلقة بالمقاومة العراقية ، وثانيهما ملاحظتها لتواتر إزدياد القتلى الأمريكيين لاسيما في منطقة الأنبار ( على سبيل المثال فقط ، أسقطت المقاومة العراقية بتاريخ 2 تشرين الأول / اكتوبر ، مروحية شينوك أمريكية أدت الى مقتل 16 جنديا امريكيا وجرح 26 آخرين .. ) . لذلك أعدت خططها إبتداءا من العمل الإستخباري وانتقالا الى الهجوم العسكري . لقد كانت كل الدلائل تشير الى أن الأميركيين شعروا أنهم أمام تحدٍ كبير وهم في أشهرهم الأولى من الإحتلال ، وكأن تجربة فيتنام القاسية كانت لاتزال تعشعش داخل الفكر العسكري الأمريكي رغم مرور أربعين عاما على إنقضائها .

 

أول خطوة تمت مع أواخر عام 2003 ، حيث منعت تعليمات البنتاغون السرية لنفس العام  والخاصة بسياسة عمليات المعلومات ، الجنود الأمريكيين من إدارة العمليات النفسية الموجهة الى الإعلام . كان القرار بتوقيع دونالد رامسفيلد . ولكن ماكانت تضمره الأجهزة الإستخبارية الملتحقة برامسفيلد والمتمثلة بمستشاريه هو العكس تماما .. أي إستخدام الإعلام لنشر الأكاذيب .

 

في الحقيقة ، لم تكن تلك هي التجربة الأولى في السياسة الرعناء التي قادها جورج بوش وإدارته لاسيما دونالد رامسفيلد وزير دفاعه . قبل ذلك بحوالي ثلاث سنوات ، وتحديدا في الرابع والعشرين من أيلول / سبتمبر 2001 ، أي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر باسبوعين أبرزت صحيفة الواشنطن بوست إعتراف الضابط الأميركي " هوارد كيرتز " حينما قال : " هذه الحرب هي الحرب الأعلى من حيث التكثيف في المعلومات والتي يمكن لأي شخص تصورها .. يجب أن نكذب حول الكثير من الأمور ..!! "

ذلك التصريح أعتبر في وقته كشف للصحافة فيما يتعلق بالحملات النفسية للجيش .

 

في موضوع الإعداد لمعركة الفلوجة .. تم عكس التكتيك وبالصورة التالية :

من على شاشة فضائية " سي . أن . أن " ظهر متحدث بإسم جنود البحرية الأمريكان "المارينز" وهو الملازم الأول " ليلي جلبرت " في شهر آذار / مارس 2004 ليصرح مايلي :

{ أن القوات الأميركية قد بدأت عملية كبيرة للسيطرة على المدينة العراقية ، الفلوجة .. وقد قطع الجنود خط المغادرة  } وأضاف : { ستكون ليلة طويلة } !!

في الحقيقة لم يكن غزو الفلوجة قد بدأ ، بل أنه كان من المقرر أن يبدأ بعد ثلاثة أسابيع من ذلك التاريخ .

بعد أن بدأ الهجوم فعلا ، وبعد ثلاثة أسابيع ، خرجت صحيفة " لوس أنجلوس " لتقول : ( إن إعلان جلبرت المرتب بعناية كان عملية نفسية تهدف الى خداع المتمردين " هكذا أسمتهم " في الفلوجة ، والسماح للقادة الأمريكيين رد فعل رجال العصابات " هكذا أسمتهم أيضا " في حال صدّقوا أن الجنود الأمريكيين سيدخلون المدينة . )

 

في نيسان / ابريل 2004 أطلقت الولايات المتحدة أول هجوم كبير لها على الفلوجة ، متخذة ذريعة مقتل أربعة من المرتزقة وهم عسكريين يعملون في شركة الأمن الخاصة " بلاك ووتر " ولكن في حقيقة الأمر ، لم يكن لمقتل هؤلاء كما أعلنت الدعاية الأميركية ، أي علاقة حقيقية بالهجوم لأن ذلك كان قد أعد له فعليا في أواخر عام 2003 في دهاليز إستخبارات رامسفيلد وكما رأينا .

نحن هنا نتكلم عن معركة الفلوجة الأولى التي إنتهت الى كارثة للقوات الأميركية على يد المقاوميين العراقيين .

 

كان ذلك الحادث أي قتل جواسيس البلاك ووتر نقطة مهمة لتحفيز الروح الإنتقامية لدى القوات الأميركية

بهذه الروح بدأ الهجوم على مدينة تضم 300 ألف شخص .

وبهذه الروح وقف الجنرال " مارك كيميت " المتحدث العسكري بإسم قوات الإحتلال في بغداد ليكرر بعد الإندحار المخزي لقواته :

( سنعود الى الفلوجة وسيكون ذلك في الوقت الذي نختاره ..!! ) .. وأضاف : أنه سوف يجلب السلام الى هذه المدينة (!!)

نعم .. السلام على الطريقة الأميركية تحت إدارة إبن تكساس .

ولنسمع من أفواههم وعبر صحافتهم وإعلامهم كيف كانت عملية السلام في الفلوجة .

 

تمت محاصرة المدينة وضربها وقتل في تلك الضربة الأولى 600 عراقي وجرح أكثرمن 1000 شخص . قالت القيادة الأميركية أن أولئك هم أعضاء من المقاومة .. في حين جاءت تقارير الإعلام لتؤكد أن معظم القتلى والجرحى من المدنيين.. وعلى الرغم من ذلك أصرت القيادة الأميركية عدم وجود أي مدني بين القتلى الستمائة مع أن المعارك دارت في قلب المدينة المكتضة بالسكان . كان برهان القيادة الأميركية على صحة أقوالها هو أن 95% من القتلى هم من الذكور وفي سن الخدمة العسكرية ..!!

فضح الصحفيان البريطانيان روي مكارثي وجوليان بورجر على صحيفة " الغارديان " في عدد 12 نيسان 2004 كذب الرواية الأميركية . وكذلك فعل جيفري كاتلمان في مقاله على صحيفة "نيويورك تايمز" عدد 2 مايس 2004 وتحت عنوان " في قلب الفلوجة "

 

أثناء النهار أخذت مروحيات " سوبر كوبرا " تحوم فوق المدينة وتطلق صواريخ " هيل فاير " . وفي المساء كانت الطائرات " أي سي 130 " تقصف بالأسلحة الثقيلة .

هذا مالم تنكره القيادة الأميركية .. لكنها في نفس الوقت تقول أنهم حققوا تقدما في تجنب ضرب المدنيين .

يقول أرثر نيلسون في صحيفة الغارديان في 21 نيسان ، أنه شاهد قاذفة أميركية تقصف مبنى سكني في الفلوجة لتحيله أنقاض فوق رؤوس ساكنيه ..!!

إنه يتكلم هنا عن معركة الفلوجة الأولى ، حيث نقلت نفس الصحيفة : { إن قادة الجماعات المسلحة " المقصود بالطبع رجال المقاومة " إستطاعوا بالتنظيم من السيطرة على أرض المعركة وأحدثوا إرباكا ملحوظا للقوات الأميركية المهاجمة . لقد إعتمدوا تكتيك حرب العصابات ونصب الكمائن مما أدى الى إفشال الخطة الهجومية للجيش الأميركي . لقد فشلت التتكنلوجيا الحديثة أمام السلاح البسيط .. مما جعل القوات الأميركية تقوم بقصف عشوائي على البيوت والمباني مما أدى الى مقتل عدد كبير من المدنيين }

 

في هذه المعركة صرح مجرم الحرب بوش نصا : (( لقد واجهت قواتنا وقتا صعبا ، وأنا أصلي كل يوم من أجل أن تتراجع الخسائر .. لقد ملأت أرقام الموتى قلبي بالعذاب ..!! ))

 

نعم كان بوش صادقا مع نفسه هذه المرة لأن القوات الأميركية ومن أجل أن تتمكن من إخلاء جثث قتلاها من أرض المعركة قامت بالإستعانة ب ( الحزب الإسلامي ) والذي لعب دوره بإتقان وتمكن من عقد هدنه لهذا الغرض ( كان طارق الهاشمي آنذاك رئيسا للحزب الإسلامي )

 

في إجتماع البيت الأبيض في 16 نيسان 2004 بين مجرمي الحرب جورج بوش وتوني بلير ، إقترح بوش قصف المركز الرئيسي لقناة " الجزيرة " في قطر لأنها توصل أخبار الفلوجة الى المشاهد العربي ..!! هكذا فقد هذا الكاوبوي أعصابه ..!!

تسرب هذا الخبر الى صحيفة " ديلي ميرور " البريطانية ، فسارعت الحكومة البريطانية على تطبيق قانون الأسرار الرسمية ، ومنعت الصحيفة المذكورة وأي صحف أخرى من نشر تفاصيل أية وثائق تكون قد تسربت من الإجتماع ، كما تم إعتقال أثنين من موظفي الديلي ميرور للتحقيق معهما ..!

نشر هذا الخبر الصحفي في الديلي ميرور ، كيفن مكواير في عددها الصادر في 22 نوفمبر 2005 .

 

بعد كل هذه الشهور مابين تهديد بوش بقصف محطة الجزيرة ، ونشر خبر الحظر الحكومي البريطاني على نشر الوثائق بحجة الأسرار الرسمية .. سارع توني بلير ليعترف بذلك وليقول أنه تمكن من إقناع بوش بعدم الإقدام على هذه الخطوة .. ومن الواضح أن بلير كان يكذب ، وأن منع بوش جاء من قبل مستشاريه وقوى سياسية أميركية فاعلة وراء الستار (!!!)

هذا ماذهب اليه أيضا آرثر نيلسون من الغارديان البريطانية في مقاله المذكور .. وكذلك منظمة

" مراسلون بلا حدود " في 3 مايس 2005 تحت عنوان : " الحرب الأكثر دموية للإعلام منذ حرب فيتنام " .

 

أتوقف هنا وسأنتقل في الجزء الثاني من هذه الحلقة الثامنة الى معركة الفلوجة الثانية .

والله المستعان .

 

التزييف

حقائق وأحداث تكشف أكاذيب السياسة الأميركية
(7)
 

علي الحمــداني

 

مقدمة الحلقات :

 

الوقائع الواردة في حلقات هذه الدراسة سوف تتناول زيف وخداع وتضليل ماكنة السياسة الأميركية ومن ورائها بعض الإعلام المسيس على عكس الإدعاءات الباطلة التي تروّج لحرية الإعلام والصحافة .

 

الزيف والخداع والتضليل على كافة الأصعدة إبتداءا من صناعة القرار السياسي المعلن للرأي العام ومروراً بحرية الصحافة وإدعاءات حقوق الإنسان ووقوفا عند عمليات تعذيب المعتقلين البشعة واللاإنسانية في سجون السلطة داخل الولايات المتحدة أو سجون الإحتلال خارجها وربما ليس إنتهاءا ببريق الديموقراطية الذي تعلنه وتتغنى به تصريحات المسؤوليين الأميركان كجزء منظم من حملة التضليل والتزييف المنظمة هي الأخرى .

 

الدراسة إستندت على وقائع وحقائق مثبتة وموثقة بالأسماء مصادرها مستقاة من تقارير ومقالات نشرت في كبريات الصحف العالمية المستقلة ومن برامج تلفزيونية تم بثها على محطات فضائية عالمية إضافة الى كتب تم نشرها في هذا الخصوص .

 

هذه المصادر سيتم تثبيتها في نهاية الدراسة لمن يريد الإطلاع عليها والإستزادة من التفصيلات . فالموضوع إذن ليس سردا مجردا ولا من وحي الخيال بل وقائع موثقة قد تصيبكم بالذهول كما صدمتني شخصيا وأنا أمضي بين سطورها .

 

الدراسة سوف تغطي سبع مواضيع رئيسية وعلى عدة حلقات ومن عدة أقسام ، وكما يلي :

 

1-  التزييف في الحرب العدوانية على العراق .

2-  التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسان

     آ-  القسم الأول : عتاة المجرمين والقتلة تم توظيفهم سجانين في سجن أبي غريب .

    ب-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل إسمه ماهر عرار مثالا .

    ج-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل آخر إسمه خالد المصري مثالا .

    د-  قضايا أخرى " قضائية " مخزية .

3-  الفلوجة

4-  تسييس الإعلام لإخفاء حقائق قتلاهم والهاربين من الخدمة العسكرية في العراق .

5-  سياسة جورج بوش الرعناء .

6-  قصة " هاييتي " .

7-  حرب بوش المستمرة على الصحافة ومحاولة خنق الكلمة الحرة .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

 

معتقلون بإسم القضـاء

( 2 )

 

القضاء هنا هو القضاء الأميركي .. والتهمة هي " الإرهاب " .. والمتهم ، أي متهم وبأي تهمة وكما هو معروف : " برئ حتى تثبت إدانته " ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بسلطات قضاء :

" زعيمة العالم الحر " ..؟

 

لايهمني مَن هو صاحب هذه القضية .. أو أصحاب القضايا الأخرى .

ولايهمني الى أي حزب أو تنظيم ينتمي أو من أي بلد هو أو حتى  بأي دين أو مذهب يؤمن

أنا أتكلم هنا عن الإنسان وحقوقه التي منحتها له شرائع السماء .. في حين بقيت شرائع الأرض تتغنى بها وكما يحلو لها .. ثم يحدثوننا بعد كل ذلك عن الحرية وحقوق الإنسان !!

 

صاحب قضيتنا في هذه المرة ، يدعى : خالد المصري .. واليكم قصته :

 

ساقه حظه التعس أن تشاجر مع زوجته ليلة راس السنة لعام 2003 .. ولم يكن خالد المصري يعلم أن ذلك الشجار سينتهي برحلة تعذيب وتجويع وسجن لمدة خمسة أشهر على يد " العدالة " الأميركية .. كما لم يكن يدري أن حظه التعس بسبب تشابه بالإسم فقط سيكون كابوسا طويلا عليه وعلى عائلته طوال تلك الأشهر .!!

 

وُلد خالد في الكويت من أبوين لبنانيين عام 1961 ، وانتقل الى ألمانيا عام 1985 هربا من الحرب الأهلية اللبنانية ، واصبح مواطنا ألمانيا عام 1995 ، وتزوج عام 1996 . كان يعمل في ألمانيا بائعا للسيارات وله خمسة أطفال .

 

ترك بيته بعد شجاره مع زوجته .. وقرر الإبتعاد لعدة أيام ، فاستقل حافلة متجهة الى مقدونيا حيث كان يفكر بأن يبقى هناك لبعض الوقت يحاول خلالها مراجعة نفسه بشأن خلافاته الزوجية . أمر عادي قد يحصل لأي شخص .. ولكنه مع خالد أخذ منحىً آخر .

 

أولا إشتبه حرس الحدود المقدوني بأن جواز سفره ربما يكون مزوراً .. فاقتادوه بعيدا للإستجواب . وثانيا بسبب العطلة قاده حظه العاثر الى إستجوابه من قبل موظفة تعمل في محطة الإستخبارات شعرت أنها فرصتها الذهبية لكي تحقق في قضية تخص " الإرهاب " ! وثالثا أن مركز الإستخبارات المقدوني في مدينة سكوبجي يرتبط إستخباريا مع وكالة الإستخبارات الأميركية في ولاية فرجينيا . .! وهكذا تم إتخاذ القرار بحق هذا " الإرهابي الخطير " بنقله الى سجن وكالة الإستخبارات الأميركية .. وأين ..؟ في أفغانستان لكي يتم إستجوابه !!

 

في الثالث والعشرين من كانون الثاني / يناير 2004 ، ألقي المصري في سيارة أخذته الى طائرة تنتظره حيث أعطي حقنة شرجية بالقوة وعقارا ليستيقظ بعدها وهو محاط بجنود أمريكيين في أفغانستان .

 

يحكي خالد المصري قصة معاناته ، فيقول :

 

{ حال نزولي من الطائرة في أفغانستان ، تم دفعي داخل شاحنة .. ومنها الى داخل بناء حيث تم إلقائي على أرض أسمنتية في زنزانة صغيرة وقذرة وتلقيت الرفس والضرب على  رأسي وأسفل قدمي وأسفل ظهري . لم يكن هناك سرير بل مجرد غطاء قذر من النوع العسكري وزجاجة واحده من ماء عفن .

في الليلة الأولى إستجوبني حوالي ثمانية رجال يرتدون ملابس وأقنعة وجه سوداء ، بالإضافة الى طبيب أميركي ومترجم مقنعين أيضا . نزعوا عني كامل ملابسي وصوروني ، وأخذوا مني عينات دم وبول ، ثم أعادوني الى الزنزانة .

مكثت في عزل إنفرادي ، ولمدة أربعة أشهر ، لم يسمح لي خلالها بالخروج لإستنشاق الهواء النقي .

في شهر آذار ، قررت الإضراب عن الطعام بسبب إبقائي في السجن من دون تهمة محددة أو محاكمة . وفي اليوم السابع والثلاثين من الإضراب ، تم أخذي الى غرفة الإستجواب حيث ربطت الى كرسي وتم إدخال أنبوب طعام عبر أنفي الى معدتي .. شعرت بعدها بإنتكاسة صحية ومرض إستمر لأسابيع .

في شهر أيار / مايو .. تم إحضاري الى غرفة الإستجواب مجددا .. وهناك التقيت بشخص أميركي قدم نفسه على أنه طبيب نفساني .. ,اخبرني أنه جاء من واشنطن العاصمة لكي يلتقي بي ويبلغني أنه سيتم إطلاق سراحي قريبا .. ولكن بشرط !! أن لاأذكر على الإطلاق ماحدث معي وذلك لأن الأمريكيون يريدون إبقاء ماحدث في هذه المسألة سرا ..!!

 

في الثامن والعشرين من نفس الشهر ، أخرجوني من زنزانتي في أفغانستان معصوب العينين ومقيد اليدين ، حيث وضعت على متن طائرة متجهة الى أوربا .. بعد أن أخبروني أنني  لن أُرحل الى ألمانيا مباشرة لأن الأمريكيون يرغبون التحفظ على تورطهم في محنتي .

 

بعد أن حطت الطائرة ، إقتادوني بسيارة لعدة ساعات عبر طرق جبلية وأنا معصوب العينين .

وفي نهاية المطاف أعطوني جواز سفري الألماني وأخبروني أنهم سيزيلون العصابة عن عيني ولكن يجب أن لاانظر الى الوراء وإلا سيطلقون النار علي . وهكذا إبتعدت السيارة عني وأنا واقف مذهولا على حافة طريق لكي أعلم بعد قليل أنني في ألبانيا .!

 

عدت أخيرا الى المانيا بعد خمسة شهور لأجد أن زوجتي وعائلتي قد رحلوا .. ثم تمكنت أن أعرف أنهم قد عادوا الى لبنان بعد أن إعتقدت زوجتي أنني قد هجرتها .. فأخذت أطفالي وسافرت الى أهلها في لبنان . }

 

حين تكلم المصري عن قصته بعد ذلك .. إعترفت وكالة الإستخبارات الأميركية بأن خطأ قد حدث .. وأنهم بعد أن عرفوا أن جواز سفر خالد المصري غير مزور .. أطلقوا سراحه (!!)

 

هكذا .. خمسة أشهر في زنزانة في أفغانستان .. تحقيق وتعذيب لكي يكتشفوا بعد كل هذه المدة أن جواز سفره الألماني غير مزور ..(!!!)

 

لقد تم خلال عام 2004 فقط ، وفي ظل إدارة المجرم جورج بوش إعتقال بحدود 3000 شخص بتهمة " الإرهاب " نقلوا الى غوانتنامو أو أفغانستان .. وبحسب تصريح ضابط سابق في وكالة الإستخبارات المركزية .. ولكن لاأحد يعرف تحديدا كم من هؤلاء تم إطلاق سراحه ، وكم منهم بقي في الزنزانات ، وكم منهم إختفى من على وجه الأرض ..؟!

 

ومع كل ذلك ، لنستمع الى تصريح سحاقية الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في كانون الأول / ديسمبر 2005 :

(( إن الولايات المتحدة لا تنقل ولم تنقل معتقلين من بلد الى آخر للإستجواب باستخدام التعذيب ))

 

وحقا إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت .

وللحديث بقية .

 

وحسبنا الله ونعم الوكيل   

 

 

التزييف

حقائق وأحداث تكشف أكاذيب السياسة الأميركية
(6)
 

علي الحمــداني

 

مقدمة الحلقات :

 

الوقائع الواردة في حلقات هذه الدراسة سوف تتناول زيف وخداع وتضليل ماكنة السياسة الأميركية ومن ورائها بعض الإعلام المسيس على عكس الإدعاءات الباطلة التي تروّج لحرية الإعلام والصحافة .

 

الزيف والخداع والتضليل على كافة الأصعدة إبتداءا من صناعة القرار السياسي المعلن للرأي العام ومروراً بحرية الصحافة وإدعاءات حقوق الإنسان ووقوفا عند عمليات تعذيب المعتقلين البشعة واللاإنسانية في سجون السلطة داخل الولايات المتحدة أو سجون الإحتلال خارجها وربما ليس إنتهاءا ببريق الديموقراطية الذي تعلنه وتتغنى به تصريحات المسؤوليين الأميركان كجزء منظم من حملة التضليل والتزييف المنظمة هي الأخرى .

 

الدراسة إستندت على وقائع وحقائق مثبتة وموثقة بالأسماء مصادرها مستقاة من تقارير ومقالات نشرت في كبريات الصحف العالمية المستقلة ومن برامج تلفزيونية تم بثها على محطات فضائية عالمية إضافة الى كتب تم نشرها في هذا الخصوص .

 

هذه المصادر سيتم تثبيتها في نهاية الدراسة لمن يريد الإطلاع عليها والإستزادة من التفصيلات . فالموضوع إذن ليس سردا مجردا ولا من وحي الخيال بل وقائع موثقة قد تصيبكم بالذهول كما صدمتني شخصيا وأنا أمضي بين سطورها .

 

الدراسة سوف تغطي سبع مواضيع رئيسية وعلى عدة حلقات ومن عدة أقسام ، وكما يلي :

 

1-  التزييف في الحرب العدوانية على العراق .

2-  التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسان

     آ-  القسم الأول : عتاة المجرمين والقتلة تم توظيفهم سجانين في سجن أبي غريب .

    ب-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل إسمه ماهر عرار مثالا .

    ج-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل آخر إسمه خالد المصري مثالا .

    د-  قضايا أخرى " قضائية " مخزية .

3-  الفلوجة

4-  تسييس الإعلام لإخفاء حقائق قتلاهم والهاربين من الخدمة العسكرية في العراق .

5-  سياسة جورج بوش الرعناء .

6-  قصة " هاييتي " .

7-  حرب بوش المستمرة على الصحافة ومحاولة خنق الكلمة الحرة .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

 

معتقلون بإسم القضـاء

( 1 )

 

القضاء هنا هو القضاء الأميركي .. والتهمة " الإرهاب " .. والمتهم ، أي متهم وبأي تهمة وكما هو معروف : " برئ حتى تثبت إدانته " ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بسلطات قضاء " زعيمة العالم الحر " ..؟

 

التزييف

حقائق وأحداث تكشف أكاذيب السياسة الأميركية

 

علي الحمــداني

 

مقدمة الحلقات :

 

الوقائع الواردة في حلقات هذه الدراسة سوف تتناول زيف وخداع وتضليل ماكنة السياسة الأميركية ومن ورائها بعض الإعلام المسيس على عكس الإدعاءات الباطلة التي تروّج لحرية الإعلام والصحافة .

 

الزيف والخداع والتضليل على كافة الأصعدة إبتداءا من صناعة القرار السياسي المعلن للرأي العام ومروراً بحرية الصحافة وإدعاءات حقوق الإنسان ووقوفا عند عمليات تعذيب المعتقلين البشعة واللاإنسانية في سجون السلطة داخل الولايات المتحدة أو سجون الإحتلال خارجها وربما ليس إنتهاءا ببريق الديموقراطية الذي تعلنه وتتغنى به تصريحات المسؤوليين الأميركان كجزء منظم من حملة التضليل والتزييف المنظمة هي الأخرى .

 

الدراسة إستندت على وقائع وحقائق مثبتة وموثقة بالأسماء مصادرها مستقاة من تقارير ومقالات نشرت في كبريات الصحف العالمية المستقلة ومن برامج تلفزيونية تم بثها على محطات فضائية عالمية إضافة الى كتب تم نشرها في هذا الخصوص .

 

هذه المصادر سيتم تثبيتها في نهاية الدراسة لمن يريد الإطلاع عليها والإستزادة من التفصيلات . فالموضوع إذن ليس سردا مجردا ولا من وحي الخيال بل وقائع موثقة قد تصيبكم بالذهول كما صدمتني شخصيا وأنا أمضي بين سطورها .

 

الدراسة سوف تغطي سبع مواضيع رئيسية وعلى عدة حلقات ومن عدة أقسام ، وكما يلي :

 

1-  التزييف في الحرب العدوانية على العراق .

2-  التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسان

     آ-  القسم الأول : عتاة المجرمين والقتلة تم توظيفهم سجانين في سجن أبي غريب .

    ب-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل إسمه ماهر عرار مثالا .

    ج-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل آخر إسمه خالد المصري مثالا .

    د-  قضايا أخرى " قضائية " مخزية .

3-  الفلوجة

4-  تسييس الإعلام لإخفاء حقائق قتلاهم والهاربين من الخدمة العسكرية في العراق .

5-  سياسة جورج بوش الرعناء .

6-  قصة " هاييتي " .

7-  حرب بوش المستمرة على الصحافة ومحاولة خنق الكلمة الحرة .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

 

معتقلون بإسم القضـاء

( 1 )

 

القضاء هنا هو القضاء الأميركي .. والتهمة " الإرهاب " .. والمتهم ، أي متهم وبأي تهمة وكما هو معروف : " برئ حتى تثبت إدانته " ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بسلطات قضاء " زعيمة العالم الحر " ..؟

 

لايهمني مَن هو صاحب هذه القضية .. أوالقضايا الأخرى التي سنسردها لاحقا

ولايهمني الى أي حزب أو تنظيم ينتمي أو من أي بلد هو أو حتى  بأي دين أو مذهب يؤمن

أنا أتكلم هنا عن الإنسان وحقوقه التي منحتها له شرائع السماء .. في حين بقيت شرائع الأرض تتغنى بها وكما يحلو لها .. ثم يحدثوننا بعد كل ذلك عن الحرية وحقوق الإنسان !!

 

صاحب القضية إسمه : ماهر عرار . وتعالوا تستمع الى قصته :

 

إنه سوري المولد .. كندي الجنسية . ترك سوريا مع أسرته وهو في السابعة عشرة من عمره مهاجرا الى كندا حيث أكمل هناك دراسته ليتخرج في جامعة " ماك جيل " في مونتريال مهندس كومبيوتر .

 

في يوم 26 أيلول / سبتمبر عام 2002 ، كان م القضاء هنا هو القضاء الأميركي .. والتهمة " الإرهاب " .. والمتهم ، أي متهم وبأي تهمة وكما هو معروف : " برئ حتى تثبت إدانته " ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بسلطات قضاء " زعيمة العالم الحر " ..؟

 

ماهر الذي كان في الثالثة والثلاثين من عمره عائدا من تونس حيث كانت عائلته تقضي عطلتها هناك . وصل عند الظهيرة الى مطار جون كينيدي في نيويورك . ليتابع سفره الى منزله في أوتاوا في كندا .

 

بعد أن طبع موظف الجوازات اسم عرار على الكومبيوتر ، طلب منه الوقوف جانبا بانتظار تعليمات إضافية . وبعد حوالي ساعتين ..!!  وصل ضباط بالزي الرسمي لتدقيق البصمات والتصوير قائلين له أنها إجراءات عادية .. كذلك تم تفتيش حقيبته ومحفظته . بعد ذلك وصل مسؤولين من شرطة نيويورك و " أف . بي . آي . " لإستجوابه مؤكدين له أنه سيتمكن من اللحاق برحلته الى مونتريال . عندها طلب ماهر محاميا .. وكانت الإجابة أنه لايملك هذا الحق لأنه ليس مواطنا أمريكيا .

 

في الساعة الرابعة عصرا ، جاء محقق من أف . بي . آي .. لإستجوابه مجددا مركّزا على نقطة واحدة ، وهي علاقته بشخص يدعى عبد الله المالكي وهو سوري أيضا . إستمر هذا التحقيق لخمس ساعات ، أنكر خلالها ماهر عرار أية معرفة له بالمدعو عبد الله المالكي . ثم حضر شخص آخر ليستجوبه لمدة ثلاث ساعات أخرى ، وهذه المرة عن عضويته في مجموعات إرهابية .. أنكرها مهندس الكومبيوتر الكندي بشدة . بعد ذلك وضعت الأصفاد في يديه واقتيد الى بناء في مطار جون كينيدي حيث وضع في غرفة بدون سرير .

 

في الصباح حضر محققان آخران ليسألاه لخمس ساعات أخرى عن اسامه بن لادن والعراق وفلسطين . أنكرها ماهر وطلب مجددا حضور محامي .. لكن المسؤولين تجاهلوا طلبه . كان قد مضى مايقارب اليومين ولم يأكل شيئا ..

 

في ذلك المساء ، جاء ضابط الهجرة ليعرض عليه أن يتطوع ويُرسَل الى سوريا . رفض الرجل العرض طالبا إرساله الى كندا .. وبدلا من ذلك تم إرساله الى مركز إعتقال في منطقة بروكلين في نيويورك ليبقى هناك مدة 13 يوما ..

 

عند الثالثة صباحا بعد هذه المدة ، وفي الثامن من تشرين الأول / اكتوبر ، أوقظ ماهر ليقرأوا عليه وثيقة بقرار مدير الهجرة لترحيله الى سوريا ..!

 

هذا كله ، ماقاله ماهر عرار في مقابلة تلفزيونية لاحقا في تشرين الثاني / نوفمبر 2003 ..

واليكم القصة لما حدث لاحقا وكما رواها في برنامج " الديمقراطية الآن " .

 

ولكن قبل ذلك نحتاج الى وقفة صغيرة مع تصريح لمسؤول سابق في وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية وهو : روبرت بيير . يقول :

{ في حال رغبتنا في إستجواب جاد لعربي نرسله الى الأردن . وإذا أردناه أن يلقى التعذيب نرسله الى سوريا ، أما إذا أردناه أن يختفي ولا نراه مجددا فنرسله الى مصر ..!! يمكن للأمريكيين إرسال الأسئلة في الصباح الى مخابرات هذه الدول ليحصلوا على الإجابات في المساء . } ـ  لا تعليق !! ـ

 

يقول عرار : (( نزلت في عمّان عند الثالثة صباحا ، مقيدا بالسلاسل ومعصوب العينين . تم وضعي في شاحنة حيث أوصلتني الى الحدود السورية وتم تسليمي الى رجال المخابرات السورية الذين كانوا بانتظاري على الحدود . ( لاحظوا التنسيق بين مخابرات أميركا والمخابرات السورية هنا وهو مايؤيد مقولة روبرت بيير أعلاه ..!! )

 

أخذوني الى بناء للإستخبارات العسكرية السورية يعرف بإسم الفرع الفلسطيني .. وهناك بدأت عملية التعذيب .. إبتدأوا أولا بضربي بسلك كهربائي .. كنت أسمع أيضا في غرف مجاورة صيحات أشخاص آخرين يتعرضون للتعذيب . بعد أيام من التعذيب كنت جاهزا لكي أعترف بأي شيئ يريدونه لكي يتوقفوا عن تعذيبي . من وجهة نظري كانوا يريدون فقط إرضاء وإسعاد الأمريكيين .

بعدها وضعوني في زنزانة مظلمة تحت الأرض بعرض ثلاثة أقدام وعمق ستة أقدام وارتفاع سبعة أقدام مع فتحة في السقف يدخل منها بعض الضوء .. كان هناك غطاءان فقط على الأرض  لاماء ساخن ولا مراحيض . لقد بقيت في تلك الحجرة عشرة أشهر وعشرة أيام .

 

قادت زوجتي منى من كندا حملة متواصلة مع جمعيات حقوق الإنسان .. وقابلت أعلى المستويات في الحكومة الكندية والتي طالبت بإطلاق سراحي .

في الخامس والعشرين من تشرين الأول / أكتوبر 2003 ، تم أخذي من الزنزانة وتم تسليمي الى مسؤولين في السفارة الكندية . لم توجه لي أي تهمة ولم أحاكم  .

 

أعتقد أن عملية شفائي وعودتي الى عملي ستستغرق وقتا طويلا .. لقد تم تدمير حياتي ومستقبلي

لست قادرا على تصديق ماحدث لي ومن بلد يثني على الديمقراطية ويحترم حقوق الإنسان كما يقولون .. إسمه الولايات المتحدة الأميركية . ))

 

بعد ثلاثمائة وأربعة وسبعين يوما من نزوله في مطار جون كينيدي في نيويورك .. تم إطلاق سراح ماهر عرار .. ولم يتم إصدار أي تهمة بحقه إطلاقا .

 

بعد أيام من إطلاق سراحه .. وقف جورج بوش في خطاب من البيت الأبيض قال فيه نصا :

( الديكتاتوريون في العراق وسوريا قد تركوا ميراثا من التعذيب والبؤس والفساد ...!!! )

 

مرة أخرى .. حسبنا الله ونعم الوكيل

والى حلقة قادمة

التزييف

حقائق وأحداث تكشف أكاذيب السياسة الأميركية
(5)
 

علي الحمــداني

 

مقدمة الحلقات :

 

الوقائع الواردة في حلقات هذه الدراسة سوف تتناول زيف وخداع وتضليل ماكنة السياسة الأميركية ومن ورائها بعض الإعلام المسيس على عكس الإدعاءات الباطلة التي تروّج لحرية الإعلام والصحافة .

 

الزيف والخداع والتضليل على كافة الأصعدة إبتداءا من صناعة القرار السياسي المعلن للرأي العام ومروراً بحرية الصحافة وإدعاءات حقوق الإنسان ووقوفا عند عمليات تعذيب المعتقلين البشعة واللاإنسانية في سجون السلطة داخل الولايات المتحدة أو سجون الإحتلال خارجها وربما ليس إنتهاءا ببريق الديموقراطية الذي تعلنه وتتغنى به تصريحات المسؤوليين الأميركان كجزء منظم من حملة التضليل والتزييف المنظمة هي الأخرى .

 

الدراسة إستندت على وقائع وحقائق مثبتة وموثقة بالأسماء مصادرها مستقاة من تقارير ومقالات نشرت في كبريات الصحف العالمية المستقلة ومن برامج تلفزيونية تم بثها على محطات فضائية عالمية إضافة الى كتب تم نشرها في هذا الخصوص .

 

هذه المصادر سيتم تثبيتها في نهاية الدراسة لمن يريد الإطلاع عليها والإستزادة من التفصيلات . فالموضوع إذن ليس سردا مجردا ولا من وحي الخيال بل وقائع موثقة قد تصيبكم بالذهول كما صدمتني شخصيا وأنا أمضي بين سطورها .

 

الدراسة سوف تغطي سبع مواضيع رئيسية وعلى عدة حلقات ومن عدة أقسام ، وكما يلي :

 

1-  التزييف في الحرب العدوانية على العراق .

2-  التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسان

     آ-  القسم الأول : عتاة المجرمين والقتلة تم توظيفهم سجانين في سجن أبي غريب .

    ب-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل إسمه ماهر عرار مثالا .

    ج-  معتقلون بإسم القضاء .. قضية معتقل آخر إسمه خالد المصري مثالا .

    د-  قضايا أخرى " قضائية " مخزية .

3-  الفلوجة

4-  تسييس الإعلام لإخفاء حقائق قتلاهم والهاربين من الخدمة العسكرية في العراق .

5-  سياسة جورج بوش الرعناء .

6-  قصة " هاييتي " .

7-  حرب بوش المستمرة على الصحافة ومحاولة خنق الكلمة الحرة .

 

---------------------------------------------------------------------------

 

 

الحلقة الثانية

الجزء الثاني من :

 

التعذيب وأكذوبة حقوق الإنسـان

 

عتاة المجرمين والقتلة وأرباب السوابق أصبحوا سجانين في أبي غريب

 

تسربت في عام 2004 الصور البشعة واللاأخلاقية واللاإنسانية عما كان يجري في زنزانات سجن أبي غريب .

في العديد من هذه الصور ظهر إثنان من السجانين الأمريكان ، جندي ومجندة .

الجندي يضع نظارات ويقف مبتسما فوق كومة من المعتقلين العراقيين وهم عراة ..

إنه تشارلس غرينر .. صاحب سجل زاخر بالإساءات والجرائم قبل أن يصل الى أبي غريب .

أما المجندة التي أظهرتها الصور تجر سجينا عراقيا عاريا من رقبته فهي : ليندي إنغلاند . وقد كانت عشيقة غرينر فترة خدمتهما في سجن أبي غريب ، وكما ثبت لاحقا خلال " محاكمتهما " .

 

كان هذان في نهاية الأمركبشي الفداء لإدارة بوش .. حيث حوكما وحكما خلال عام 2005 ، وورد في محاكمتهما أنهما تصرفا بشكل فردي وببذاءة وأساءوا الى العدالة .. وكانت تطلعات إدارة بوش أن ذلك كفيل بغلق القضية وتبرئة الإدارة الأميركية أمام الرأي العام .. ولكن !!

السؤال الكبير الذي تعرفه تلك الإدارة وتعرف الجواب عليه ، هو أنهما قد تم تعينهما في سجن أبي غريب بأمر منها .. وأنها تعلم علم اليقين سجلهما الإجرامي والمنحرف داخل الولايات المتحدة ، إضافة الى أنهما كانا في السجن في الولايات المتحدة نتيجة أحكام قضائية صدرت بحقهما .. أي أنهما مجرمَين تم تجنيدهما للعمل في أبي غريب عن قصد .. ولولا ماكشفته الصور وفضحته لبقيا يمارسان ساديتهما وإجرامهما وبعلم دونالد رامسفيلد وبوش .

 

لاشك ، كان هناك غير هذين الشخصين .. وربما بقوا سجانين في أبي غريب حتى بعد محاكمة غرينر وإنغلاند .. ولكن حين أغلقت قضية هذين المجرمَين ، تم التعتيم كليا على كل ماكان يجري بحق معتقلي سجن أبي غريب .. بل مضت الإدارة العسكرية الأميركية في العراق بمخططها لصرف النظر عن هذه الفضيحة وإشغال الرأي العام ، فقامت بتسريب وكشف المعتقلات التي كان يديرها مجرمي الحكومة العراقية وبعلمهم بدون أدنى شك ، مثل معتقل الجادرية ، ومعتقل مطار المثنى ومعتقلات المنطقة الخضراء . وبالرغم من أن ماكان يجري في هذه المعتقلات يفوق حد التصور على يد أزلام السلطة وبارتباط هذه السجون بشخص رئيس الحكومة نوري المالكي .. إلا أن ذلك لايعفي أميركا وإدارتها في العراق لأنهم كانوا على علم بتفاصيل كل ذلك .. ومرة أخرى إستخدموا المآسي الإنسانية وحقوق الإنسان المسلوبة كورقة سياسية ولعبة قذرة .

 

ما هو تاريخ غرينر وإنغلاند اللذين حكما بالسجن في الولايات المتحدة بسبب ماقاما به في أبي غريب (!!!) ؟ أحدهما لخمس سنوات والأخرى لثلاث سنوات !! ومرحى للعدالة الأميركية .

 

خدم غرينر بداية في سلاح مشاة البحرية ( المارينز ) ولمدة ثمان سنوات .. عُرف عنه نزعته العنصرية الشوفينية ضد السود . في عام 1996 ، تم تعينه ـ كما يبدو من اجل ذلك ـ كضابط في سجن " غرين " الذي تشكل نسبة السجناء السود فيه 77% . بعد سنتين إنفجرت فضيحة في بعض الصحف الأميركية تتعلق بسجن غرين وتقييد السجناء بالأصفاد وضربهم ضربا مبرحا وتعرضهم لإهانات عنصرية وقحة .

يقول أحد السجناء السابقين في سجن غرين أنه عندما رأى صورة غرينر يقف فوق أجساد المعتقلين في سجن أبي غريب ، عرفه وتذكره عندما كان يمشي في ممرات السجن ويقول ونفس الإبتسامة على وجهه أنه يتطلع شوقا لقتل بعض الزنوج في السجن .!!

أما مايخص حياته العائلية ، فله سجل من العنف المنزلي ضد زوجته وأنها قدمت رسميا ثلاث طلبات لحمايتها منه وحصلت على الطلاق بعد أن إعترف غرينر في المحكمة أنه كان يجرها من شعرها ويصدم رأسها بعنف في الأرض ..!!

طرد غرينر من وظيفته عام 2000 ، وأصبح عاطلا عن العمل . ولكنه في عام 2002 ، قدم طلب للإلتحاق بالجيش الإحتياطي ، وتم قبول طلبه (!!)

في خريف 2003 ، عينته وزارة الدفاع الأميركية التي كانت تحت إمرة دونالد رامسفيلد سجانا في سجن أبي غريب !!

خلال محاكمته في 2005 ، بعد فضيحة صور أبي غريب .. إعترف أيضا أنه عند بداية تعيينه في السجن ، قام بضرب سجينا عراقيا عاريا على رأسه بلكمات قوية أدت الى وفاته بعد ساعات

 

هذا هو تشارلس غرينر ، وتاريخه الإجرامي .. الذي لايمكن أن يتصور حتى الغبي أو المجنون أن إدارة وزارة الدفاع الأميركية التي عينته ضابطا مسؤولا عن سجن أبي غريب لاتعلم تاريخه وسجله في الولايات المتحدة .. إلا أن يكون هناك جواب واحد لهذا السؤال .. وهو أن منطق الكاوبوي الذي تحلى به رامسفيلد وعقليته الإجرامية كانت وراء ذلك في وقت لم تتوقف أفواههم القذرة في التحدث عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان .

 

قبل أن ننتقل الى الكلام عن المجندة العاهرة ليندي إنغلاند عشيقة غرينر  .. أسوق لكم بعض الأمثلة والأسماء عن بعض سجاني سجن أبي غريب الذين عينتهم إدارة بوش وفي ذلك السجن تحديدا ..!

 

ماك كوتر : مشرف على سجن يوتا في الولايات المتحدة قام بتجريد سجين مصاب بمرض عقلي من ملابسه وتقييده عاريا على كرسي !

غاري ديلاند : مشرف آخر في نفس السجن ، أجبر سجينا على التمدد عاريا على أرضية إسمنتية لمدة أسابيع .

جون آرمسترونغ : مشرف على سجن كونيكت ، قام بالضرب الوحشي على سجين مختل عقليا مما أدى الى وفاته .

هؤلاء الثلاثة تم تعينهم سجانين في سجن أبي غريب من قبل إدارة بوش .. فهل كان ذلك من قبيل الصدفة .. أم أن خطة الإدارة الأميركية كانت تسير بهذا الإتجاه ..؟ ثم أليس كل ذلك يدخل ضمن جرائم ضد الإنسانية وخرق لحقوق الإنسان تقتضي محاكمة بوش ورامسفيلد تحديدا عليها ..!!؟؟

 

أما الرابع فكان المستشار الأميركي لوزارة العدل العراقية (!!) ومسؤول السجون في العراق بعد الإحتلال وهو : تيري ستيوارت الذي كان يعمل رئيس إصلاحية في ولاية أريزونا عام 1997 .. وطرد منها بعد ما تسربت عنه معلومات حول إساءته الجنسية للسجينات ومنهن قاصرات . ومرة أخرى مرحى للعدالة الأميركية في العراق ..!!

 

تاريخ ليندي انغلاند في تسعينات القرن الماضي يشير الى أنها كانت عاهرة محترفة .. تعرفت على أحد الضباط ويدعى آندي أوكلاند ، حيث ساعدها بالإنخراط بالجيش الإحتياطي لتصبح عشيقته لعدة سنوات .

في 2003 .. وبعد أشهر من الإحتلال . تم تعيينها سجانة في سجن أبي غريب .!!

حين حوكمت في 2005 ، بعد فضيحة الصور ، وكانت حينها عشيقة للمجرم الآخر غرينر في سجن أبي غريب .. تم الحكم عليها بثلاث سنوات .. في حين حكم على غرينر بخمس سنوات سجن ( !!! )

 

أما العميد جانيس كاربينسكي مديرة سجن أبي غريب والقائدة المسؤولة عن السجن ، فقد تم إنزال رتبتها الى مقدم في 2005 .. ويذكر أن من أهم مهامها الأخرى إضافة الى سجن أبي غريب أنها كانت المستشارة الأميركية والمشرفة على كامل الشرطة العراقية . ومرحى لشرطة العراق الجديد ..!!

 

خلال محاكمتها في 2005 ، وبعد تنزيل رتبتها العسكرية قامت بالكشف عما تعرفه فقالت : أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع .. ومساعده لشؤون الإستخبارات ستيفن كامبون .. كانا على علم بكل مايحدث في سجن أبي غريب .. وأنهما من قاما فعليا بتعيين أولئك المجرمين كسجانين ومشرفين على السجن . وأضافت أنها تسلمت مذكرة موقعة من رامسفيلد تناقش التقنيات المسموح بها للتحقيق مع السجناء ومن ذلك إستخدام وضعيات التوتر الجسدي بالنسبة لهم ، تطبيق الضجيج والضوء الساطع ، وإحداث الإضطرابات في أوقات النوم .. وتنتهي المذكرة بعبارة " أحرص على تطبيقها " ..!!

وأضافت أنه في زيارة سرية خاصة لرامسفيلد لسجن أبي غريب عام 2003 ، قال لها ولبقية المشرفين : (أن هؤلاء الناس خطرون ويجب معاملتهم كالكلاب المتوحشة .. واعتبر 90% منهم أنهم معتقلي أمن ولا يجب إطلاق سراحهم ).. وتضيف أنها وبحسب معلوماتها وبحسب الملفات أن حوالي 75 الى 80% من السجناء من الذين كانوا هناك كانوا معتقلين بدون أي دليل مادي لإعتقالهم أو صدور أي حكم من أية محكمة عراقية أو اميركية بحقهم ..!!

 

والى الأقسام الأخرى من هذه الدراسة نواصل في الحلقة القادمة

وحسبنا الله ونعم الوكيل