Tuesday 19 March 2013


علي الحمـداني

 

مقال موجز من ثلاث حلقات

              ( 2 )

بعد عشر سنوات

الحكم العراقي السابق في الميزان

 

ــ  عهد صدام أو عهد " الدكتاتورية " : كانت قوى الظلام من شياطين الإنس وأشرار البشر الذين يمسكون بسياسة القوى الكبرى في العالم ، في أوربا وأميركا وإسرائيل ، تعمل دائبة على إسقاط النظام الوطني في العراق بقيادة الرئيس صدام حسين رحمه الله . أما العراق فكان محاطاً بقوى التآمر والعمالة والسفالة ب 360 درجة .. وأعني 360 درجة وإن إختلفت درجات تآمرهم على النظام العراقي .

هذه الحقائق التي كان ينكرها الجميع في التسعينات من القرن الماضي ويعترف بها البعض الآخر على استحياء والتي دخلت حيز الواقع والتنفيذ في آذار 2003 تجعلنا نقف الآن كشعب عراقي مع أنفسنا وضمائرنا وأن نعدل بالقول كما تطالبنا شريعة السماء لنقول : ( إذا كان من يتآمر على العراق هؤلاء .. ومَن احتل أرضه هم هؤلاء .. ومن أوصله الى ماهو عليه الآن وبعد عشر سنوات هم هؤلاء .. أليست هذه شهادة بما لايقبل الشك والريب أن الحكم في العراق كان حكما وطنيا نقيا لاتشوبه عمالة ولا مكان في قيادته لأي تنازل على حساب الوطن .. ألا يكفي ذلك بربكم شهادة على وطنية الحكم والحاكم ..؟ ) ومن يقول غير ذلك فهو يشهد زورا أو غباءا أو عمالة لأميركا وإسرائيل وبقية أنظمة الظلم والإستغلال العالمي .

 

هذه وقفة مراجعة مع النفس للشعب العراقي كما قلنا وقبل أن نسترسل بالحديث .

 

كانت أفاعي مايسمى بالمعارضة العراقية تنفث سمومها في الساحات الأمريكية والأوربية والعربية وفي إيران الشر بالطبع . تتلقى الدعم المالي واللوجستي والإعلامي من أجهزة مخابرات تلك الدول وحكوماتها جهارا عيانا ، حتى أن المجرم أحمد عبد الهادي الجلبي في العاصمة البريطانية لندن حيث كان يصدّر جريدته " المؤتمر " يتفاخر بأنه يتسلم راتبا شهريا من البنتاغون " دونالد رامسفيلد " مقداره 330 ألف دولار شهريا كدعم ورواتب لجريدته تلك ومنها راتب الخائن المرتد حسن العلوي الذي كان يرأس تحريرها والذي إنتهى به المطاف كنائب " مستقل " معين غير منتخب في مجلس نواب حكومة الإحتلال حاليا .

 

كانت الشائعات تملأ الشارع البريطاني في فترة التسعينات من القرن الماضي وأوائل القرن الحادي والعشرين . أقول الشارع البريطاني تحديدا لأنه تميز عن بقية العواصم الأوربية حيث كان يعج بآلاف اللاجئين (العراقيين) وهم في حقيقة أمرهم من التبعية الإيرانية والذين قدموا من إيران ومنحوا اللجوء والإقامة في بريطانيا (!!) وجيوبهم مليئة بالمال ليفتحوا المحال والشركات التجارية ( محصولي إيراني موجود أست ) ويعملوا لحساب نظام طهران . وأيضا نشطت في تلك الفترة المراكز والمدارس ( الدينية ) كمركز ومدرسة الخوئي وتوابعها مدرسة الصادق ومدرسة الزهراء والمركز الإسلامي الإيراني الذي يرتاده هؤلاء ، وجميعها كانت أوكار تجسس وتآمر تعمل لصالح الأحزاب الطائفية المرتبطة بإيران وهي التي حضرت مؤتمر لندن في ( هيلتون متروبول ) بأشهر قليلة قبل الغزو الأميركي للعراق .. وهي الوجوه التي نراها تحكم العراق اليوم .

 

لعل من المفيد أن نذكر بعض شائعاتهم المسمومة آنذاك والتي كانت ومع الأسف موضع تصديق الكثيرين من العراقيين والعرب .. والتي إنكشف زيفها بعد 2003 . نذكرها لكي نناقشها وكذلك لكي نقارنها مع ماحدث ويحدث من قبل أزلام السلطة في المنطقة الخضراء حاليا ومن قبل معممي المرجعية .

 

* صدام حسين يمتلك عمارة ( سنتر بوينت ) وهي عمارة ضخمة من حوالي 40 طابقا تشغلها مكاتب وشركات وتقع على الطريق السريع في غرب لندن المسمى ( نورث سيركلر رود ) .

أنا شخصيا قمت بالتحري في حينها عن هذه البناية ومن يمتلكها .. ووجدت وبشكل رسمي موثق عندي أن هذه البناية مع بناية ثانية تحمل نفس الإسم وبنفس الحجم تقع في وسط لندن على تقاطع ( اكسفورد ستريت ) و

( توتنهام كورت رود ) مملوكة لمجموعة شركات إستثمارية عقارية بريطانية ومن الشرق الأقصى منذ أن تم تشييدهما أوائل السبعينات وحتى يومنا هذا. فتأملوا ..!!

 

* صدام حسين وعائلته يمتلكون سلسلة شركة ( فانتج ) للمنتجات الصيدلانية في بريطانيا ، ويصرّون أنه قد تم شراؤها بكذا مليون باوند إسترليني ويؤكدون أن مقر إدارتها في العنوان الفلاني !! وهي طابق أول من عمارة تقع في " أدجور روود " مع تقاطع " جابل ستريت " قرب محطة قطارات الأنفاق . بعملية بحث واستقصاء بسيطة تبين أن العنوان المذكور لشركة يمتلكها عرب أنشطتها في مجال الترجمة وتصديق الوثائق ووكالة توظيف وفتح دورات تأهيلية ودورات لغة إنكليزية . أما سلسلة شركة الصيدلة فتعود الى عائلة إنكليزية عريقة ولم يتم بيعها على الإطلاق منذ خمسينات القرن الماضي أي قبل أن يأتي حزب البعث أو صدام حسين الى السلطة بما لايقل عن عشرين عاما .. وأن مقر إدارتها في مدينة أخرى في الشمال البريطاني . ومرة أخرى تأملوا ..!!

                                                                          

لعل هناك من سيقول الآن بأن ماأذكره هو محض خيال أو دفاع أعمى وأنني لاشك " صدامي " !!

أقول نعم من الطبيعي أن يحدث ذلك وأتوقعه .. ومن الطبيعي أيضا أن ينسج السفلة الأكاذيب حول الرجل الذي ذهب الى دار الحق لملاقاة ربه ، وأن الشرف والغيرة والدين والأخلاق هي مايدعوني وغيري من حملة الأقلام للدفاع عنه سيما بعد كل مارأيناه خلال العشر سنوات المظلمة من تاريخ العراق . هذا من جهة ، ومن الجهة الأخرى هناك حقائق رسمية وعلى المستوى الدولي أعقبت 2003 . هذه الحقائق وببساطة تقول أن أجهزة المخابرات والسلطات الرسمية في دول العدوان على العراق والأمم المتحدة عجزت خلال عشر سنوات من أن تجد حسابا مصرفيا واحدا يعود الى صدام أو عائلته خلال وجوده على رأس السلطة في العراق وفي أي بنك في العالم علما أن غالبية هذه البنوك يمتلكها أو يديرها اللوبي اليهودي .. وكذلك عجزوا أن يجدوا عقارا واحدا أو إستثمارات معينة وفي أي مكان من العالم مسجل بإسم صدام أو عائلته .. وحتى تخميناتهم عن وجود شركات وهمية أو حقيقية تعود الى صدام ولا تظهر إسمه قد باءت بالفشل ، فكل ماوجدوه عن هذه الشركات سواء في بريطانيا أو أوربا أو أميركا أنها تعود لأثرياء عراقيين ورجال أعمال ومؤسسة من قبلهم وتمارس أنشطتها التجارية والمالية بعيدا عن إي علاقة مع العراق. لقد قامت المخابرات المركزية الأميركية بإجراء تحقيقات مع هؤلاء عام 2003 ونشرت تلك الأخبار في الصحف وتناقلت بعضها أجهزة الإعلام وعرضت بعض الصور على شاشات التلفزة .. وظهر بالنتيجة أن لاعلاقة لهؤلاء بصدام أو أي من أفراد عائلته أو أنهم كانوا يعملون لحسابه بأي شكل من الأشكال . أسماء هؤلاء نعرفها ولايمنعني من نشرها الآن إلا خصوصيتهم واحترام تلك الخصوصية .

هذه حقائق ليست من عندي ولكن من تحقيقات الدول الكبرى ومن أنشطة مخابراتها سواء تلك المباشرة منها في العدوان على العراق كأميركا وبريطانيا أو غير المباشرة كإسرائيل وإيران وأنظمة بعض دول المنطقة العربية المتعاونة معهم . ومن أراد أن يثبت لي العكس أو الخطأ فيما أقول فعليه أن يقول كلمته لغرض مناقشته بالحجة والبرهان والوثائق .

 

نخلص من كل ذلك أن " دكتاتور " العراق والحكم " الدكتاتوري " الذي كانت ثروات العراق تحت يده .. لم يفرط بها . وقد آن الأوان لكي نضعه وفترة حكمه في ميزان العدل . ولنقارن فترة 35 عاما من وجوده في أعلى هرم السلطة مع 10 سنوات من وجود حكومات اللصوصية والنهب في حكم العراق .. لقد كنت أول من نشر قبل سنوات بعضا من فضائحهم المالية عبر نشر العناوين البريدية لأملاكهم وعقاراتهم الخرافية في العاصمة البريطانية ومنهم عائلة المرجع الأعلى السيستاني وقصور أصهاره وبناته وحتى حفيدته ، فضلا عن الآخرين ومنهم مجرد وزراء أو من قيادات " الدعوة " أو الإئتلاف " الطائفي " العراقي ، في وقت يعيش أغلب االشعب العراقي تحت خط الفقر .. والحديث طويل ولنا اليه عودة .

 

تلي الحلقة الثالثة بإذن الله .

 

lalhamdani@rocketmail.com

 

   

 

علي الحمـداني

 

مقال موجز من ثلاث حلقات

              ( 1 )

بعد عشر سنوات

الحكم العراقي السابق في الميزان

 

أسميته الحكم العراقي السابق ، وأعني به الحكم الوطني الذي سبق إحتلال الوطن . قد يسميه البعض حكم " البعث " أو عهد صدام أو الحقبة " الديكتاتورية " أو ربما عند البعض " الحكم الطائفي السنّي " . وكلها قد تكون صحيحة من وجهة نظر قائليها .. ولكن وبعد تجربة عشر سنوات أي عقد كامل من الزمن ، أشعر أنه قد آن الأوان لوضع تلك الحقبة وبكافة هذه المسميات في ميزان عدل لتقييمها .. ولن يكون الكلام حولها عاطفيا أو متحيزا أو إنفعاليا . ولأن ميزان الوقائع لايكذب ، ولأننا جميعا عشنا تلك التجربة ، أي لامحل للكذب والتلفيق ، لذلك سيكون حديثنا متجردا عن كل ذلك .. ينقل الوقائع ويقارن بالواقع .

 

ــ  حكم البعث : أقول نعم كان الحزب الحاكم هو حزب البعث العربي الإشتراكي . حزب لم يولد خارج حدود الوطن العربي .. وعبارة الوطن العربي بحد ذاتها قد تفسرلنا أبعاد التسمية في كلمتي " البعث " و " العربي " . أما الإشتراكية كمفهوم إقتصادي واجتماعي ، فقد عمل الحزب على تطبيقها في كافة مراحل حكمه بدءا بتأميم النفط العراقي وانتهاءا بمعالجة تداعيات الحصار الدولي الجائر الذي فُرض على العراق ومن خلال توزيع الحصص التموينية وعرض الحكم العراقي لثروته النفطية مقابل الغذاء للشعب العراقي .

 

لو قارنا هذه الفقرة بما حدث خلال عشر سنوات ، فإننا سنكون أمام حقيقة نعيشها حاليا . هناك أيضا حكم الحزب الواحد والذي هو حزب الدعوة الإسلامية والذي إنتهت مقاليد قيادته بيد نوري المالكي . وأيضا سأبدأ بمفردات التسمية تماما كما فعلت مع تسمية حزب البعث .. وأتساءل هنا : ما هي هذه الدعوة .. وكيف هي إسلامية .؟ أنا شخصيا لا أجد ماينطبق على مفهوم كلمة الدعوة إلا بقدر إرتباطها ، وهذا ما خبرناه بالتجربة ، بنظام إسلامي التسمية ينحصر بطائفة ويرتبط بتوجيهات مرشد أعلى من خارج حدود العراق ، ولكون هذا المرشد إيرانيا كما هو معروف فإن إهتمامه وهدفه سيكون إيرانيا أو فارسيا أو كلاهما معا . ومن باب المقارنة أيضا مع ماذكرنا حول حزب البعث ، فإن حزب الدعوة وُلدَ خارج حدود العراق وأتى ليحكم العراق .. وأنا لاأعرف له أهدافا معلنة لحد الآن كما كان لحزب البعث .. ولمن يعرف شعاراته وأهدافه عليه أن يمدنا بها لمناقشتها ..! وللمقارنة أيضا أسأل عن تطبيقات " الدعوة " على الأرض العراقية بعد عشر سنوات من حكمه . أما كلمة " الإسلامية " المرادفة للدعوة .. فلم نجد لها نشاطا أو تطبيقا على أرض العراق باستثناء محاربة الغالبية التي تنتمي الى المذهب الآخر .. ولو شاء البعض أن يسميها الأقلية فأيضا سأقول أوافق على ذلك ، ولكنها أيضا تبقى إسلامية .. فماذا فعل لها حزب الدعوة .. أم أن الأصح أن أقول ماذا فعل بها ذلك الحزب ؟

وإذا كان حزب البعث قد نفرد بالسلطة كما يقال .. فماذا عن حزب الدعوة ؟ أليس هو متفرد بالسلطة في الوقت الحاضر ..؟

 

وعلى ذكر التفرد بالسلطة ، فإن ذلك يفهم ضمنا ، أنه لا وجود لغير البعثي في درجات سلم السلطة وهو ماعليه الحال الآن في ظل حكم الدعوة أو الإئتلاف الطائفي بشكل عام .

الحقيقة تقول غير ذلك فقد كان هناك أشخاص غير بعثيين من أعلى سلم الدرجات الوظيفية ونزولا الى أقلها .. وكان هناك أيضا في السفارات العراقية في الخارج الشيئ ذاته مع حساسية تلك المناصب ومغرياتها وتطلع الجميع الى العمل في الخدمة الخارجية .

هنا لابد لي من وقفة عند حادثة أعتبرها فريدة من نوعها وتاريخية أيضا ، قد يعرفها البعض ، ولكنني سأسردها للجميع :

 

في عام 1982 ، كان الأستاذ طارق عزيز وزيرا للخارجية . وقد قام بإصدار قانون أو تعليمات تخص وزارته وجعلها بموافقة القيادة تشمل كافة مرافق الخدمة الخارجية ، أي في الوزارات الأخرى التي لها دوائر ومؤسسات حكومية خارج العراق .. ومنها على سبيل المثال ، الخطوط الجوية العراقية ، وزارة المالية ، وزارة الثقافة والإعلام ، وزارة التربية .. وغيرها . القانون الجديد يقول أنه على كافة الموظفين العاملين في حقل الخدمة الخارجية وفي كافة الدول الأجنبية القدوم الى بغداد لأداء إمتحان تحريري وشفهي في اللغة الإنكليزية في مقر وزارة الخارجية ومَن يجتاز هذا الإمتحان بمعدل 60% على الأقل يبقى في منصبه لإكمال مدة خدمته الخارجية ، أما من يفشل فيه فيعاد بأمر رسمي الى مقر وزارته في بغداد ، الخارجية أو غيرها . كانت الغاية من ذلك  هو التأكد من كفاءة العاملين في مجال اللغة الإنكليزية في الدول الأجنبية . أؤكد هنا وبدون مبالغة والشواهد على ذلك موجودة أن الأوامر الوزارية التي صدرت بنقل الراسبين في الإمتحان المذكور تم تنفيذها فورا .. والأهم من كل ذلك ، أن عدد من أعيد الى العراق من الموظفين البعثيين أكبر بكثير من غير البعثيين .. والحزب الحاكم كان حزب البعث ..!!

سؤال ولكل من يملك ضمير حي : أين ذاك مما يحدث الآن في سفاراتنا ومؤسساتها في الخارج ..؟

وهل كان البعث حزب حزب حاكم متفرد بالسلطة بسكل تسلطي أعمى أم أن ماذكرت يدل على العكس من ذلك ..؟ ولا أريد أن ادخل الآن في تفاصيل أدق في هذا الموضوع لأذكر أسماء من كانوا يعملون في عاصمة أوربية واحدة فقط ، وكم منهم كان يشغل منصب رئيس لدائرة أو مؤسسة وهو غير بعثي أصلا .. وفيهم ، والله يشهد ، من الشيعة أكثر من السنّة !! وقد إستمروا في خدمتهم الخارجية دون أية مضايقة أو تحجيم .

 

تلي الحلقة الثانية بإذن الله

 

lalhamdani@rocketmail.com