Friday 18 May 2012

حروب البتروـ دولار والعرب النائمون في العسـل ـ 1 ـ




قبل حوالي اسبوعين قادتني قدماي الى مطعم في منطقة ( نايتس بريدج ) في لندن بصحبة صديق من المملكة العربية السعودية صادف تواجده في العاصمة البريطانية وذلك لتناول طعام الغداء ..

ونحن متجهَين الى إحدى الموائد ، وقعت عيناي على زاوية بعيدة من زوايا المطعم حيث يجلس حوالي 10 الى 12 شخصاُ يتناولون طعامهم وشرابهم في جو من البهجة والإبتسامات .. شيئ عادي تكاد تراه في أي مطعم وفي أي مكان  .. ولكن ماكان مفاجأة غير عادية لي أن عيناي تسمرتا على وجهين معروفين يجلسان الى جنب بعض .. إنهما :
زلماي خليل زاد ، الأمريكي ـ الأفغاني .. سفير أميركا في أفغانستان ثم العراق ثم الممثل الدائم لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة . أما الشخص الثاني فهو :
برهم صالح ، رئيس وزراء إقليم كردستان في العراق .
ومعهما أشخاص أجانب وعراقيين لم أمعن النظر اليهم كثيراً لحساسية الموقف ولعدم رغبتي في لفت نظر أحدهم إليّ إذا مانظرت اليهم مجدداً .

سالني صديقي رجل الأعمال السعودي ، أليس ذاك خليل ... الذي كان في العراق ؟
قلت : نعم ، زلماي خليل زاد !
قال : يبدو أنها جلسة عمل تجاري ..
قلت : لاأعتقد .. فما هو العمل التجاري الذي يجمع بين سفير للولايات المتحدة وقيادي كردي ؟
قال : وهل هناك أهم من بترولكم ..! وأردف مبتسماً : ياعراقي .!
وتركت الكلام حول الموضوع عند هذا الحد ، مع وصول النادل الى منضدتنا ، وأنا غير مقتنع بتحليل صديقي الذي إعتبرته تحليل رجل تاجر .

لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى وصل الى بريدي نص مقابلة صحفية مع يلماز خليل زاد أرسلها لي أستاذ فاضل ووزير نفط عراقي سابق وخبير نفطي عالمي حالياً ، مع تعليقه على المقابلة بعبارة  تهكمية باللغة الإنكليزية  تقول : مَن قال أن كل ماحدث كان بسبب النفط ..؟؟؟
Who says it was all about OIL ..???

قرأت المقابلة التي يحمل قسمها الأول عنوان : شركة زلماي خليل زاد تتسلم العراق !
Zalmay Khalilzad’s take on Iraq

عندها تكشفت أمامي علامات الإستفهام التي كانت في رأسي منذ ذلك اللقاء في المطعم اللندني الفاخر لقد كان صديقي محقاً في تحليله .. أو أنه كان يعرف مالم أكن أعرف ، ولأنه لايحب الكلام في السياسة فقد إكتفى بذلك التعليق العابر عن البترول العراقي ..!!

المقابلة نشرها ( بين لاندو ) على موقعه ( تقرير النفط العراقي )
  Ben Lando of :  Iraq Oil Report
يقول في مقدمتها : ( السفير الأمريكي السابق وصل رسمياً الى الأرض النفطية العراقية في خطوة مثيرة للجدل ربما تزيد العلاقات العربية ـ الكردية في العراق تعقيداً وتقوض السياسة الأمريكية التي كان يتبناها يوما ً ما . السفير الأمريكي السابق في العراق يدير حالياً شركة تركز على الإستثمارات في العراق ، بعد أن تم تعيينه منذ فترة وجيزة عضو في مجلس إدارة الشركة النرويجية للنفط :                                                                                                                        ( DNO)
والتي تتولى العمل على مشاريع نفطية كردية وإنتاج النفط في تلك الحقول . يعتبر منصبه الأخير هذا من التطورات المهمة لسفير أمريكي سابق في العراق عاد اليه بهذه الصفة الإستثمارية ، علماً أن شركته الخاصة ( خليل زاد وشركائه ) تقدم الإستشارات والخبراء للمستثمرين الذين يرغبون في الإستثمار في العراق خاصة وفي بلدان أخرى ) 

بتاريخ 18 / 6 / 2010 ، أي بعد ثلاثة أيام فقط من ذلك اللقاء الإحتفالي كما يبدوعلى الغداء بإنجاز صفقة العمر لشركة زلماي خليل زاد في إستثمارات النفط العراقي في المنطقة الكردية ، أو مع حكومة إقليم كردستان ..!! تم نشر المقابلة والتي ألقت الضوء على مايجري للنفط العراقي في الشمال والذي قسّمت حقوله الى 44  قطاعاً ، منها قطاعات خارج المنطقة الكردية جغرافياً مثل محافظة نينوى وصلاح الدين وديالى .

الى قرائي الكرام سأقدم ترجمة نص القسم الأول من المقابلة  في الحلقة الثانية .. والتي سيليها في الحلقة التالية القسم الثاني منها .. ثم حديثنا عن مؤامرة تمزيق العراق بأيدي الإسرائيليين والأمريكان وإيران ، بدءاً بعصب السياسة وهو الإقتصاد ، وقلب ذلك وهو النفط .. ولن يقف خط المؤامرة عند حدود العراق بالتأكيد .. وهي رسالتي الى أولئك النائمين في العسل من حكامنا في العالم العربي ..!

أجدني قبل أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع الإقصادي ـ السياسي الشائك وأنا لازلت أكتب في المقدمة ، أن أقف قليلاَ ضمن حدود كردستان في العراق وبالذات في مدينة أربيل عاصمة الإقليم وعند حجم الإستثمارات العقارية فيها تحديداً ومصادر هذه الإستثمارات العالمية والخليجية العربية ، لثقتي بعلاقة ذلك فيما يتم الطبخ له على المستوى الإقتصادي حالياً ولتمرير الخطط السياسية مستقبلاً ، وما يحدث لموضوع النفط ومقابلة خليل زاد موضوع هذا البحث .
قد يتصور البعض ، أنني أسرد رواية من نسج الخيال حينما أقول أن المشاريع العقارية والقرى العصرية في أربيل ( القرية الإنكليزية ، والقرية الألمانية  والى آخر القائمة ) ، تذكرني ببدء النهضة العقارية قبل سنوات في إمارة دبي تحديداً من الإمارات العربية الأخرى المتحدة ، وأقارن ذلك بها .. وكيف بدأت في دبي تحت شعار الإستثمارات العقارية الأجنبية ولازالت تسير في نفس الخط ، فأصبحت في واقع الحال من وجهة نظر إقتصادية :
المركز الإستثماري لغسيل الأموال العالمية  عن طريق إستثمارها في المشاريع العقارية ..!!
وأقول : ما أحوج المنطقة الى مركز جديد لغسيل الأموال .. والسؤال : مَن أولى بذلك المركز من العراق وكردستانه ، ونفطه وخطط إعماره القادمة .. وحيتان الإقتصاد العالمي وقططه السمان ..؟؟

سننتطرق الى ذلك وبشكل مستقل ، وكذلك سنقوم بجولة سريعة في منظمة إقتصادية قد لايعرفها الكثيرون تتولى قضايا ديون الدول ويديرها فعلياً من وراء الستار رؤساء وحكام تسمى ( نادي باريس ) Paris Club
29/06/10


    

No comments:

Post a Comment