Thursday 17 May 2012

أسلحة الدمار الشامل .. وأسلحة التفاهم الكامل .. والإنتخابات ( الديموقراطية ) أداة التنفيذ الفاعل !





بين يديك عزيزي القارئ مقالي الثالث الذي يتناول قراءة الأحداث في العراق والمنطقة وأبعاد ومستجدات المخططات الأمريكية التي بدأت تتكشف وبشكل متواتر ..
المقالين السابقين لي بهذا الصدد كانا في شهر آب / أغسطس و أيلول / سبتمبر .. الأول تحت عنوان : ( جواد ونجاد وتعبيد طريق الخيانة  "بالبلدوزر " الأمريكي ) ، والثاني بعنوان (قراءة في الأحداث السياسية وإستقراء للعام 2010 ) .. وسأواصل بإذن الله هذا التحليل السياسي ـ أصبت أو أخطأت ـ في الأشهر الثلاثة القادمة حين ستكتمل دورة البدر الأمريكي ـ الفارسي ـ الصهيوني وذلك بعد إكتمال الإنتخابات العراقية في شهر كانون الثاني / يناير 2010 . عندها سيبدأ تنفيذ الصفحة الجديدة من المخطط القذر الذي تعثر أكثر من مرة .. والذي سيتعثر أكثر مادام في العراق نَفَسٌ حر واحد يشم هواء العراق ويعفر وجهه بترابه الطاهر .

أسلحة الدمار والتبريرات الهزيلة :

كان هذا هو أحد الأسباب الكاذبة والمضللة التي إستخدمتها السياسة الصهيوأمريكية للتهيئة وعلى مدى سنوات قبل ضرب العراق واحتلاله على الرغم من موافقة قيادة العراق على إجراء التفتيش الشامل والكامل وتقديم أقصى المساعدات والتسهيلات لفرق التفتيش مع علمها بأنهم ليسوا أكثر من جواسيس وعملاء مخابرات أمريكية وإسرائيلية ووصلت لدرجة فتح القصور الرئاسية أمامهم .
كان هناك من يعيب على الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله موافقته على الأبعاد اللاأخلاقية التي ذهبت اليها فرق التفتيش في حين أنه كان يرى إسقاط ذرائعهم الكاذبة أمام الرأي العام العراقي والعربي والعالمي وكان كمن يستقرئ الأحداث أنهم إنما يريدون وتحت ذريعة التفتيش القيام بالتجسس الميداني ، أو مايسمى عسكرياً الإستخبارات التي تسبق بدء المعركة . وقبل ذلك كانت الطائرات الإسرائيلية قد قصفت ودمرت مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 ، والعراق  مشغول بخوض معركة الشرف دفاعاً عن أرضه مع إيران الشر وخمينيها الذي كان يريد تصدير ثورته الى العراق والمنطقة . يعني موقف إسرائيلي مساند لإيران تبعته مواقف مفضوحة أخرى خلال فترة الحرب .
إذاً ، تم إستخدام كذبة سلاح الدمار الشامل والصواريخ التي يمتلكها العراق والتي قالت عنها السياسة البريطانية على لسان توني بلير أنها يمكن أن تصل الى لندن خلال عشرين دقيقة ، وأظهر الإعلام البريطاني كلام الكذاب الأشر على أنه حقيقة مطلقة !!
تم إستخدام الكذب وإغفال كافة تقارير المفتشين الدوليين التي نفت وجود أسلحة دمار شامل نووية أو غيرها لدى العراق ، لغرض ضرب العراق واحتلاله بالتنسيق العلني مع بريطانيا ودول مايسمى التحالف وبعض دول المنطقة العربية ، وبالتنسيق السري مع إيران ، وكما إعترف لاحقاً خاتمي وأبطحي وحتى رافسنجاني .!!

ولكن ، ماذا حدث ويحدث على الطرف الآخر .. أي أسلحة الدمار الشامل والصواريخ بعيدة المدى وتخصيب اليورانيوم التي تقوم بها إيران وتصر عليها ..؟
لاشيئ ..سوى تصريحات .. ومؤتمرات .. وتهديدات ولكن بماذا ..؟  بالحصار والمقاطعة ..!!!
وحتى في مؤتمر جنيف الأخير قبل أيام تم عقد لقاء ثنائي بين رئيس الوفد الإيراني جليلي ومسؤول أمريكي رفيع كما تناقلت الأنباء ..!
وعلى ذكر الاعيب وتضليلات توني بلير المشار اليها فيما يخص العراق .. أشير الى معلومات قام بنشرها بتاريخ 1 تشرين الأول / اكتوبر الحالي ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ـ الأمانة العامة ـ باريس ) وتحت عنوان : ( التقييمات الخاطئة ناجمة إما عن مراوغات النظام الإيراني وإما عن النية لتبرير سياسة المساومة وتقديم التنازلات له ) . أنقل منها بعض الفقرات التي تبين بوضوح لايقبل اللبس أن التنسيق والإتفاق الأمريكي ـ الإيراني كان موجوداً وقائماً قبل إحتلال العراق وفي السنة التي تم فيها الغزو عام 2003 وحتى بعد ذلك .. وكان بلير هو نفس بلير ، وبوش هو نفس بوش اللذين رفعا راية أسلحة الدمار الشامل العراقية وعملا على ضرب العراق عسكرياً ..!!!
(( كتبت صحيفة " فاينانشيال تايمز " البريطانية نقلاً عن أجهزة الإستخبارات البريطانية تقول : كانت إيران النووية تعمل بسرية منذ أواخر عام 2004 أو أوائل عام 2005 على صنع رأس نووي سراً .. وقد إقتنعت الحكومة البريطانية حالياً بأن خامنئي المرشد الأعلى كان قد أصدر أوامره قبل أربع سنوات ببدء البرنامج النووي الإيراني ! وأشارت الصحيفة الى تقييم الإستخبارات الأمريكية الصادر عام 2007 التي إدعت أن النظام الإيراني " أوقف مشروعه النووي عام 2003 ومن المرجح أنه لم يستأنفه حتى عام 2007 " وكتبت تقول " كانت بريطانيا تبدي دائماً وفي لقاءات خاصة شكوكها في تقييم الولايات المتحدة بشأن إيران ، لكنها تعلن حالياً فقط وجازمة أن المشروع النووي العسكري الإيراني قد استؤنف منذ عام 2004 أو 2005 ..! " ))
أين هذا من موقف بريطانيا في ضرب العراق وتحالفها مع أميركا في ذلك ، في وقت كانت كل المعلومات التي تحت أيديهم تشير الى أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية ..؟
(( نقلت صحيفة " وول ستريت جورنال " الأمريكية يوم 11 كانون الأول / ديسمبر 2007 عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية " أن الفقرة الأولى من تقرير الإستخبارات القومية الأمريكية صحيح حيث أن إيران أوقفت برنامجها للسلاح النووي عام 2003 ( عام غزو العراق ) إلا أنها إستأنفته بعد عام واحد من ذلك بعدما تم نقل وإخفاء الأجهزة المتعلقة بها الى مواقع أخرى ، واستأنفت مشاريعها عام 2004 . ))
(( في أيار / مايو عام 2003 ، وفي مؤتمر صحفي كشفت المقاومة الإيرانية عن سبع مراكز أبحاث لإنتاج الأسلحة غير التقليدية في موقع " شيان ـ لويزان "
في كانون الأول / ديسمبر 2004 ، كشفت المقاومة الإيرانية  عن مجمع " همت " وأن النظام الإيراني يعمل في الجناح المسمى " كريمي " على إنتاج رأس نووي وبرمز يحمل الرقم 2500 .
في شباط / فبراير 2005 ، تم الكشف عن أبحاث إنتاج صاعق القنبلة النووية باستخدام بلونيوم وبرليوم ..!
في آذار/ مارس 2005 ،  تم الكشف عن أن خامنئي خصص ثلاثة مليارات دولار لشراء ثلاثة رؤوس نووية ..!
في آب / أغسطس 2005 ، تم الكشف عن مخططات سرية للنظام الإيراني لتهريب وإنتاج الصلب المكثف ( مارجينغ ) من قبل وزارة الدفاع الإيرانية .. وهو الصلب الذي يستخدم لصنع السلاح النووي .
وفي نفس الشهر ، تم الكشف عن جهود إيرانية للحصول على تريتيوم وديتريوم المعدنين اللازمين في تعزيز قوة القنبلة الذرية .
في شباط / فبراير 2008 ، كشفت المقاومة الإيرانية وفي مؤتمر صحفي في بروكسل العاصمة البلجيكية عن مركز القيادة والتنسيق لمشاريع صنع القنبلة النووية في " لويزان " ومركز صنع الرؤوس النووية في موقع " نوري " في منطقة خجير .
في 24 أيلول / سبتمبر 2009 ، وفي مؤتمر صحفي في باريس تم الكشف عن موقعين سريين للنظام في شرق وجنوب شرقي طهران لإنتاج صواعق التفجير .

نتساءل :
إذا كان كل هذا الكم من المعلومات الخطيرة قد تم كشفه من قبل إستخبارات المقاومة الإيرانية ..؟
وإذا كانت الأجهزة الإستخبارية البريطانية قد كشفت هذه الأنشطة للأمريكان ..؟
وإذا كانت الصحافة الأمريكية نقلاً عن مصادر إستخبارية أمريكية قد كشفت بدورها بعضاً من هذه الأنشطة للحكومة الأمريكية وبريطانيا والغرب بشكل عام ..؟
فماذا كانت ردود فعل الأمريكان ..؟ وماذا كان يجب أن تكون بالنسبة لها ولبريطانيا وإسرائيل ودول الغرب بشكل عام ..؟ لقد كانت :
تفضيل الحل الدبلوماسي ..!
عقد اللقاءات وتوكيل خافير سولانا بالتحدث بإسم أوربا ..!
فتح الحوار مع الإيرانيين ..!
إجتماعات ومؤتمرات ..!
التلويح والتهديد بالمقاطعة الإقتصادية والعسكرية لإيران ..!
أما على الأرض فقد تخلت القوات الأمريكية في العراق عن إلتزاماتها ووعودها وسلّمت المقاومة الإيرانية في ( أشرف ) للنظام العراقي العميل لإيران ليفعل بها مايشاء ..!
وفي إسرائيل يعلن إيهود باراك وزير الدفاع ، أن إيران لاتشكل خطراً على الوجود الإسرائيلي !!
فهل بعد كل ذلك من كلمة تقال ..؟؟

الإنتخابات العراقية القادمة :

ليست الإنتخابات القادمة في العراق في 16 كانون الثاني / يناير 2010 ، بمعزل عن المخطط القذر إنها ( الميك اب ) الأمريكي لنظام فاقد للشرعية .. ولعل تقليعة الإنتخابات قد أصبحت جزءاً من إستراتيجية التمرير والضحك على الذقون .. وقد سبقت الإنتخابات العراقية ، الإنتخابات الإيرانية وعلى الرغم من كل ماحدث في الشارع الإيراني من إحتجاجات ورفض لها بسبب أعمال التزوير فقد تم تنصيب محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية قادمة .. وكذلك تم تنصيب كرازاي في أفغانستان عبر الإنتخابات أيضاً ..! 
وسيتم تثبيت نوري المالكي في إنتخابات العراق القادمة ..!!

يقول المفكر والكاتب الفرنسي الساخر " فولتير " مايلي :
{ إن من عيوب الديموقراطية هو حصر السلطة في جمع أصوات العامة ، وقد ينتخب الشعب أكثر الناس بلادة وغباءاً ويضعهم في أعلى مناصب الدولة لالشيئ إلا لمقدرتهم على تملقهم للشعب وخداعه . }
" من مقال للأستاذ أبو خليل التميمي بعنوان : نحن لسنا ضد الديموقراطية الحقيقية ، نشر على موقع مجموعة الطليعة العربية في تونس بتاريخ 1/10/2009 . "

لو نظرنا الى الخارطة السياسية المضطربة في عراق الإنتخابات القادمة ، سوف نرى مايلي :
ـ  رفض المالكي الإنضمام الى كتلة الإئتلاف بقيادة المجلس الأعلى وكما كان الوضع في الإنتخابات السابقة .
ـ  رفض الكتلة الكردية فتح الحوار مع حكومة بغداد إلا بعد الإنتخابات .
ـ  تأكيد حسن السنيد ، القيادي في حزب المالكي أن مجموع الكتل والأحزاب التي إنضوت تحت قائمة المالكي ( إئتلاف دولة القانون ) بلغ 40 كتلة ، ومن المتوقع إنضمام 30 كتلة أخرى ( اللهم زد وبارك ..!! )
ـ  إنضمام الجلبي الذي أفلس سياسياً الى إئتلاف الحكيم ، وكذلك حزب الفضيلة والصدريين المترنحين وجناح من حزب الدعوة وغيرهم ، وهؤلاء جميعاً من أزلام إيران المعلنين .. في وقت يحاول فيه المالكي أن يظهر بمظهر الذي يبتعد عن إيران وهو أقرب حلفائها وبمباركة الأمريكان !
ـ  أياد علاوي مثل ( بلاع الموس ) فلا هو قادر على الإنضمام الى أحد الإئتلافين ( الحكيم أوالمالكي ) ، ولايستطيع السباحة ضد التيار بنزوله الى الحلبة بقائمة مستقلة كالسابق ..!!
ـ  طارق الهاشمي ، أعلن ( براءته ) من الحزب الإسلامي بقوله أن الحزب أصبح بالنسبة له تاريخ في وقت يقوم أحد أزلامه وهو أياد السامرائي بزيارة ودية حميمية الى طهران لضمان بقائه في منصب رئيس البرلمان أياً كان الفائز ، فالكل أزلام إيران وأحباء الأمريكان ..!!

الصورة تكاد تكون واضحة المعالم وتنتظر الرتوش فقط من الفرشاة الأمريكية لتخرج لنا لوحة العراق الجديد في ظل الإنتخابات ( الديموقراطية ) !!
لو فرضنا جدلاً فوز الإئتلاف الحكيمي .. فمن هو الشخص الذي سيسمى رئيساً للوزراء .. عمار ، الجلبي ، الجعفري ، العنزي ، أو علاوي فيما لو إنضم اليهم .
كل ذلك من المستحيلات .. أو أن يقبل رئيس وزراء سابق ، عضو حالي في الإئتلاف أن يتسلم حقيبة وزير أو نائب رئيس ..! هذا من جهة ، ومن الجهة الأخرى فالكتل الصغيرة المستقلة لاحظ لها ، وغاية ماتطمح له هو مقعد في المجلس النيابي ..!
إذاً ، محصلة كل هذه الصراعات الظاهرية وطريقها المرسوم هو واحد ..
إبقاء نوري المالكي رئيساً لحكومة العراق لفترة رئاسية قادمة .. ولكنني أشك أنها ستكون فترة رئاسية كاملة هذه المرة .. فالمخطط أكبر مِن مَن سيكون رئيساً لحكومة بغداد
فلننتظر ...!!

وموعدي معكم مع العد التنازلي في مقال شهر تشرين الثاني / نوفمبر القادم إن شاء الله .
 02/02/10

No comments:

Post a Comment