Tuesday 22 May 2012

أزمة الحكومة والعملية السياسية


تطالعنا كل يوم وخصوصا في ساعات المساء بعد يوم عمل طويل ، تطالعنا أخبار الصراع السياسي في العراق .. وأحاديث المصالحة والإئتلافات .. وتصريحات هذا المسؤول أو ذاك . كل يوم قصة جديدة .. وخبر جديد .. وكذبة جديدة ، حتى لقد ضاع الشعب المسكين بين مكر ودهاء الخبثاء ، وتشابك وتقاطع المصالح والغنائم ..
فكرت أن أكتب وأحلل كما يفعل غيري ، وقد كتبوا الكثير مشكورين .. إلا أني فجأة خطرت في ذهني قصة طريفة كنت قد قرأتها قبل سنوات وضمنتها أحد مقالاتي عام 2007 فرجعت الى مدونتي لأقرأها من جديد .. ولأنقلها لكم مرة أخرى .. فهي تغني عن كل تعليق ..!
قصة البغل والحمار وبينهما السائس ..!!
زمن القصة يعود الى عام 1946 وهذا نصها حرفيا :
( لقد تعاركت الحيوانات في أسطبل أمانة العاصمة في بغداد ، فأصيب سائسها بضربة في بطنه حُمل على أثرها الى المستشفى ، وقد تم تسجيل القصة في تقرير رفعه الطبيب البيطري الى أمين العاصمة ، وكان أمين العاصمة آنذاك هو الدكتور فائق شاكر . كان رحمه الله ألمعيا ، فعلّق على التقرير تعليقا يفيض بالنكتة البارعة . ومما يذكر أن ذلك التقرير كان أول ماوجده أمين العاصمة على مكتبه في أول يوم لدوامه في منصبه الجديد ..!! )
نص التقرير :
سيادة أمين العاصمة المحترم
الموضوع : التقرير اليومي للحيوانات التابعة لأمانة العاصمة والتي تستخدم في نقل الأزبال والأوساخ وجر العربات .
مساء البارحة وبعد غروب الشمس بقليل قام البغل الأسود رقم 73 بممازحة رفيقه الحمار الأبيض رقم 201 المربوط الى جانبه في الأسطبل الواقع بالنزيزة مال الشيخ عمر
( منطقة في بغداد ) وقد أدى هذا الشقا ( المزاح بالتعبير العراقي ) على غير عادتهم كل يوم الى العراك أمام زملائهم وأسفر ـ مع الأسف الشديد ـ على فشخ الحمار بكوكة رأسه ( كوكة تعبير بغدادي يعني الجمجمة ، وفشخ يعني جرح بالرأس ) نتيجة ضربة زوج رداف قوية ومعاندة من البغل ( ضربة زوج يعني ضربة بالحافر ، ورداف يعني الضرب بالحافرين معا ) مما دفع زميله الحمار أن يخرج عن جادة الصواب ويملّخ البغل بعضة قوية شلعت ( قلعت ) وصلة ( قطعة ) من كتفه الأيمن . وعند قيام النوبجي السايس رقم 11 جبار الأعور بالمفازعة ( الحجز بينهما ) أمام أنظار بقية الحيوانات ، أتته ضربة تياه ( تائهة ) غير مقصودة في بطنه وانطرح على الفشقي ( روث الحيوانات ) يتلوى من شدة الألم . وقد أدخل المصابون المستشفى البيطري بموجب ورقة الفحص الطبي رقم 93 في 25/9/1946 . أما السايس فقد قام بعدها سلامات .
للتفضل بالإطلاع والأمر بما يلزم وإعلامنا
والأمر منوط بسعادتكم
توقيع
الطبيب البيطري
علّق الدكتور فائق شاكر أمين العاصمة على التقرير بما يلي :
ـ الحمد لله على سلامة السايس جبار الأعور
ـ يغرّم البغل والزمال بقطع العليج ( العلف ) عنهم لمدة ثلاثة أيام حتى يتأدبوا من الان فصاعدا ويكونوا عبرة لغيرهم من الحيوانات ـ وليفهم كل من تسول له نفسه الخربطة أن الحكومة ساهرة وفاكّه ( فاتحة ) عيونها على الزغيرة والجبيرة ( الصغيرة والكبيرة ) ولا يتصوروا أبدا الدنيا عفتره كلمن بكيفه ( فوضى وكل حسب مزاجه ) .
ـ يمنع الشقا بين الحيوانات بالشغل وأثناء الراحة بأمري .. وتعلق قطعة ( لوحة ) بذلك في الأسطبل للإطلاع عليها من قبلهم ..!!
ـ يربط الطبيب البيطري بين البغل والحمار وحتى إشعار آخر حتى يتأكد الطبيب ـ وهو الأب المسؤول عن أبنائه ـ أن البغل والحمار قد صفت قلوبهم ومابقيت بينهم عداوة تؤدي الى الكتل والمكتول ( القتل والمقتول ) ..!
ـ على مدير الإدارة بأمانة العاصمة أن يكتب الى معالي وزير الداخلية ليفاتح الجهات المسؤولة لنقلي فورا الى أي وظيفة ماعدا أمانة العاصمة ، لأن ماعندي خلك ( صبر ) للزمايل والبغال ..!
أحنا ويا الأوادم هله هله ، عاد ويا الحواوين ..!
د. فائق شاكر
أمين العاصمة
26/9/1946
إنتهت قصة البغل والحمار وسائسهما .. أم هل أقول سياسييهما ..؟؟

No comments:

Post a Comment