Tuesday 22 May 2012

حكاية صغيرة لكل عراقية ماجـدةٌ مِن القمم.! - عهد العراق أنموذجاً


كم ترعبني الكتابة في سيرة شخص وتجعل أناملي ترتجف وأنا أمسك بالقلم . شعورٌ لا أحس به بنفس المقدار وأنا أكتب مقالاتي السياسية وغير السياسية .. ولا حتى ذلك الإحساس الذي يصيب اعصابي بالخدر وأنا أسطر بضع أبيات أو سطور من الشعر في لحظة معاناة أو لحظة تجلي .
شعوري بالخوف وأنا أكتب سببه أحد إثنين ، إما خوفي من أن أظلم بغير حق من أكتب عنه ، أو خوفي من أن لاأفي من أكتب عنه حقه .. وخوفي في حكايتي اليوم مردّه الى السبب الثاني . وقد أضيف الى ذلك سبب آخر وهو أنني أكتب عن إمرأة .ما أجمل أن تكتب عن إمرأة كما يكتب الشعراء والروائيون ، ولكن ما أصعب أن تكتب عن إمرأة حين تكون تلك المرأة قد مزّقت شرنقة الأنثى وحلّقت ليس كالفراشة بل كالنسر تحسدها عيون الرجال ، تغار منها وتغار عليها .
هل تعلمون لماذا أقول كالنسر .. لأن النسر يحلّق عاليا ، ولأن النسر يجعل أوكاره عادة على القمم ، ولأن النسر وهو يقف يقف شامخا . تلك هي حكايتي عن إمرأة نبضاتها أنثوية تحس بها ، ونبضات قلمها على الورق ثورة وبركان تكاد تراها . لا حدود ولا أفق لتحليقها في سماء العراق ترصد همومه وترى أحزانه بعيون النسر .
دعوني أختار لها إسماً ، فالقصة لاتكتمل عادة بدون إسم . وهنا أقف حائرا : هل إسميها عهد أم عهود .؟ لأني أرى أن كلا الإسمين يطابق وصفها .. فهي كما أراها وكما تقول : عهد العراق .. ولكنني أرى فيها أيضا أكثر من عهد .. فهي أيضا عهود ، عهود للعراق الأرض والوطن .. عهود للعراق الفقراء واليتامى والأرامل .. عهود للعراق التاريخ والحضارة .. ولكنني وأنا أحب فيها كل هذه العهود ، أراها وقد إختارت لنفسها عهد العراق فقد إختارت تسمية يطلق عليها النحاة وأهل اللغة " السهل الممتنع " .. والإيجاز في التعبير هو لغة البلاغة كما يقولون . لذلك تعالوا أحدثكم عن عهد العراق .
تقول عهد بنصوص كلامها في رسالة غير منشورة ، آثرت أن أنشر هنا ومضات منها لأني أريد أن اقدمها هدية لكل عراقية ، فمن غير الإنصاف والعدل أن أحتكرها لنفسي فأكون أنانيا . ولئن سألتموني لماذا لكل عراقية .. فأقول لكم لأن العراقية إمرأة قدمت وأعطت بلا حدود ورضيت أن تبقى في الظل .. لاتبحث عن إسم ولا تريد عنوان .. ولو أردتم أن تعرفوا ماهي ومَن هي المرأة العراقية فاسألوا عنها كل شهيد من أجل العراق حملته كرها ووضعته كرها .. إسمها الثكلى والأرملة والكادحة بشرف من أجل لقمة العيش .. وعنوانها كل شبر وزاوية من أرض العراق .
تقول عهد :
" أنا مزيج من الدماء العراقية المركبة ، سنته شيعته عربه كرده وتركه .. "
" أنا بغداد الحبيبة وأسرار الرجال الشامخين .. فقد جعلت من بغداد أمهم وأختهم وحبيبتهم التي يعشقون رضاها .. "
" أنا أم لأطفال ولدتهم روحي لأن من ولده جسدي إغتاله جلاد .. لا أعرف المستحيل ، صبورة بلا يأس أو كلل ، أمنح الحزانى الأمل وأنسى حزن الذات .."
" أنا الحمام الأبيض ، وأنا النخل الشامخ الذي لاينحني .. أنا الصبر وأنا مَن يعلّم الآخرين الإعتياد عليه .."
" أنا ملكة من الملكات اللاتي خلقن في تاريخ العراق .. ربما أنا روح شبعاد .."
" في داخلي محارب صبور لايكل ولا يمل ، وفي داخلي حكمة الشيوخ الصابرين ، وفي داخلي إصرار مجنون . لا مستحيل عندي ولا خوف . أمنح بلا مقابل ، اعشق بلا أحلام شخصية ذاتية لأجل مصلحة . لا أفرط بكرامتي ونفسي ولو على جثتي . آخر ما أحبه وأول من أحترمه هو ذاتي فاحترام الذات يعلم البشر . أبدا لا أُصدَم ولو ركبتني هموم الأرض .."
" لا أحقد .. لكن لا أنسى .. آخذ حقي في اللحظة ومن ثم أغفر .."
" أتمرد وأجيد الحرب مع العدو .."
" مَن عرفني في زمن الخير الجميل إحتارَ .. ومَن يعرفني اليوم أيضا محتارٌ .."
" صديقة لكل الأرض ، بعيدة منزوية لا أنسى أبدا .. ربما أنا نفسي حاسب محمول مخزون به كل الأحداث .."
" أكاد أبصر بغداد .. سيكون هناك دم ولكن بعده تحرير وشموخ .."
" ثمن الحرية دوما دماء .. والبلدان لايحررها إلا أهلها .."
هذه حكايتي لكِ أيتها العراقية أين ماكنتِ .. ومن أحدثكِ عنها إغتال قطعة وبضعة منها ومَن تحب ، إغتاله جلاد ..
عاشت لحظات رعب المرض وصمدت ثم صبرت وهي تعلم أن التشخيص كان خاطئا ولكن بعد فوات الأوان كما عبرّت هي عن ذلك .
تقاتل بالكلمة شأنها شأن عراقيات أخريات تقرأن أسماءهن تزين صفحات الجرائد والمجلات ومواقع الصحافة الألكترونية .
هذه حكايتي لك أيها العراقي أين ماكنت .. لتعلم أن شقائق الرجال قد أصبحن في العراق أشجارا وأن القوارير اللاتي نرفق بهن قد غدون في العراق أكثر صلابة من الحديد .. أفلا تحني معي رأسك لهن إجلالا وتقديرا ..؟
هذه حكاية إمرأة من العراق لكم أيها العالم لكي تعلموا لماذا غدت العراقية ماجدة ..
وهذه حكايتي ولماذا أرى في عهد العراق بالذات .. ماجدة من القمم
دامت ودمتم لعراق محرر من الرجس والأنجاس .. وما ذلك على الله بعزيز .

No comments:

Post a Comment