Thursday 17 May 2012

هل أتاكم حديث جوزيف بايدن ..؟





إنتهت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الى العراق .
زيارة سريعة لم يتم فيها الإعلان عن موعد وصوله ولا عن موعد مغادرته مثل من سبقه ومن سيليه من سرّاق العراق ، بوش ومساعديه ومستشاريه ونائبه تشيني ووزير دفاعه غيتس وقبله رامسفيلد ووزيرة خارجيته كوندي ، ثم أوباما ونائبه بايدن وغيتس أيضاً وهيلاري كلينتون .. والقائمة تطول ..
زيارات لصوص الظلام لايأتون البيوت من أبوابها ،  وعدم خجل مستقبليهم الذين يفترض أنهم قادة دولة مستقلة ويفترض أن  تحكمهم الأعراف الدبلوماسية والقانونية فيما يتعلق بالزيارات الرسمية .
لقد رأينا كيف أنهم ركضوا الواحد بعد الآخر ( كل على إنفراد) الى المطار العسكري الأمريكي حيث جلس أوباما لساعات للتبرك بلقائه !!
ليس هذا بالمهم الآن .. فقد رأينا ولا زلنا نرى ماهو أدهى وأمر داخلياً وخارجياً من الحكومات الكارتونية والمسيّرة بالرموت كونترول .
المهم هنا هو الزيارة الأخيرة لجوزيف بايدن . ولكن قبل أن نتكلم عنها ، دعوني أذكّركم من هو جوزيف بايدن ، لكي لاننسى أعداؤنا في غمرة الأحداث المتلاحقة ..
جوزيف بايدن ، السنياتور عن الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي ( الكونغرس ) هو صاحب مشروع تقسيم العراق منذ تسعينات القرن الماضي ، أي قبل إحتلال العراق من قبل الأمريكان .
مشروعه يتضمن جعل العراق ثلاث كيانات : شيعية ، سنية ، وكردية !
كان عرّاب أقكاره المدعو ( فاولر ) من مؤسسة ( راند ) الأمريكية ، والذي تساءل عام 1991 بعد ضرب العراق وإدخاله تحت طائلة العقوبات الإقتصادية ، تسؤلاً غريباً ودقيقاً أيضاً في الحسابات السياسية حين قال : ( هل سيبقى العراق موحداً نهاية عام 2002 ..؟؟ ) .. وسقط العراق تحت الإحتلال بعد بضعة أشهر فقط من توقعاته التي سبقت إحتلال العراق بإثني عشر عاماً ..!!!
جورج بوش الأب ، كان لديه إنطباع إيجابي عن مشروع بايدن ، كما قال هو ، مضيفاً أن عدداً من أعضاء مجلس الأمن الدولي ، وبعد لقائه بهم ، كانوا إيجابيين فيما يتعلق بمشروعه وأنهم قد عقّبوا عليه بالقول : ( يبدو أن تقسيم العراق هو المخرج الوحيد للخروج من المأزق ) !!
من أقوال بايدن :

ـ  أنه إذا لم يتم التخطيط بشكل جيد لعملية التقسيم فإنه سيؤدي الى عدم الإستقرار ، بل يهدد بإنتشار الفوضى . ( قال ذلك في تعقيبه على بحث قدمه جوزيف أدوردز من معهد " بروكينكز " الأمريكي حيث يقارن بين البوسنه والعراق .. فالأولى كما يقول جيرانها صربيا وكرواتيا يهدفان الى تقسيم البوسنه ، في حين أن جيران العراق لايريدون ذلك ..! )
ـ  إن تقسيم العراق ليس الحل الأمثل أو النموذجي أو هو أفضل الخيارات لإنهاء الصراعات الطائفية والأثنية ، إلا أنه في الظرف الملموس يعتبر أفضل الخيارات المتاحة ..!!
( يتكلم هنا في ظل حكم بول بريمر للعراق وبدء إذكاء الصراع الطائفي والعرقي من قبل أعوان بريمر كعبد العزيز الحكيم وأحمد الجلبي ومسعود البارزاني وغيرهم ، بما يمكن أن يُفسر قوله بأن إستمرار الصراع والمواجهات المذهبية والعرقية ستثبت صحة نظرية بايدن ويصبح التقسيم الخيار الوحيد !! )
ـ  بغداد يجب أن تكون جزءاً من عملية التقسيم ، ويبدو أن الحكومة الأمريكية تميل الى هذا الرأي
( وهو بذلك يعقب على فقرة وردت في بحث جوزيف أدوردز تقترح أن تكون بغداد مدينة " دولية  مستقلة " .. !! )
ـ  رسم الحدود ( يقصد بين أشلاء العراق ) بحيث لاتؤثر على الموارد النفطية .. وإصدار هويات لكل إقليم ، ووضع نقاط تفتيش على حدود كل إقليم وذلك بهدف محاصرة ( العناصر المتطرفة !! )
وقدّر كلفة هذه العملية مليار دولار حسب ما يذكر التقرير ، وتحتاج الى نحو 300 ألف جندي تساعدهم قوات التحالف ( القوات الأمريكية ) !!
(( راجع علي الحمداني : " ماذا نعرف عن مشروع بايدن " . 11/8/2007 . و " عودة الى جوزيف بايدن " . 18/3/2008 .
 
عاد جوزيف بايدن الى العراق الأسبوع الماضي في زيارة ( رسمية ) إلتقى خلالها : نوري المالكي رئيس الوزراء . ونائبي رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي .
لم يجتمع برئيس الجمهورية جلال الطالباني بسبب وجوده في السليمانية ..!! ( ولاتنسون حرارة الجو في بغداد هذه الإيام ..!!)
ولم يجتمع بمسعود البارزاني الموجود في مقره الرسمي في أربيل ..!! أو يسافر الأخير للقائه في بغداد .. السبب كما أعلن رسمياً ( حالة الجو في العراق ووجود العواصف الرملية ) ..!!
ومن لايصدق ، عليه أن يسأل علي الدباغ ، الناطق الرسمي بإسم حكومة العراق ، والذي صرح بذلك وصرح أيضاً : بعدم ( التدخل الأمريكي ) في الشأن العراقي ..!!! ( لابأس من ذلك .. فهي شطحة دباغية جديدة ..!!)
لقد قال علي الدباغ ذلك أمام ميكروفونات الصحافة ، في وقت كان يجتمع فيه بايدن مع نوري المالكي الذي طلب من بايدن ( تدخله ) لدى الأكراد لحل الأزمة في كركوك ..!!! بعد أن أكد المالكي أن مشكلة كركوك لاتحل بالقوة أو فرض الأمر الواقع .. في تحدٍ جديد كما يبدو لمخططات حكومة ( إقليم ) كردستان ودستورها الجديد في العراق ( الديمقراطي الموحد ) ..
يبدو أن مام جلال أراد الخروج من هذا المأزق والوقوع بالإحراج مابين كاكا مسعود والمالكي ففضل الذهاب الى السليمانية ولم يقابل بايدن أو يكون طرفاً في المباحثات بينه وبين المالكي بخصوص كركوك وغيرها ، وكذا فعل البارزاني ..!
ذكرنا ماقاله جوزيف بايدن سابقاً عن مشروعه التقسيمي للعراق ..
فماذا قال جوزيف بايدن في زيارته الأخيرة للعراق ..؟
أترك التعليق للقراء الأفاضل :

ـ  أحذّر العراقيين من أن الإلتزام الأمريكي أزاء العراق قد ينتهي إذا إنزلق البلد ثانية الى العنف الطائفي والأثني .. وأن أميركا سترفع يدها إذا لم تحلوا نزاعاتكم بأنفسكم .
ـ  إن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة في العراق حتى إذا تقلص دورها العسكري بالإنسحاب (نقلت ذلك صحيفة " واشنطن بوست " الأمريكية ، وقالت أنه أطلق تحذيره أمام المالكي بعد أيام قلائل من الإعلان عن الإنسحاب الأمريكي من المدن العراقية )
ـ  يجب أن يتقدم العراقيون في حل نزاعاتهم الطويلة . ( ذكرت ذلك أيضاً الواشنطن بوست نقلاً عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية )
ـ  العراق لن يكون آخر أولويات الولايات المتحدة حتى وإن إزدادت وتيرة العمليات العسكرية الأمريكية في افغانستان .
ـ  لاداع لقلق المسؤولين العراقيين من أن يكون العراق آخر أولويات واشنطن بعد إنسحاب القوات الأمريكية من المدن ( يشير في ذلك الى ماأبداه نوري المالكي ونائبي الطالباني من قلقهم كما يبدو من أن " تتخلى عنهم " !! أميركا )
ـ  العراقيون يريدون أن يكون بيننا إتفاق استراتيجي لاعلاقة له بالقضايا العسكرية ( والنعم والله .. وهل هناك إتفاق استراتيجي اكبر من الموافقة على الإحتلال والتوسل بعدم جعل العراق في آخر أولويات واشنطن ..؟؟!! )

يبدو أن تصريح طارق الهاشمي نائب الطالباني ، رئيس ( الحزب الإسلامي ) ، يضع النقاط على الحروف ، فبعد أن أعلن عن خيبة أمله لعدم حمل نائب الرئيس الأمريكي للعراقيين حلولاً للمشاكل التي يواجهونها ، قال :
( على الولايات المتحدة أن لاتترك العراقيين يواجهون قدرهم في إعادة بناء وتشكيل الدولة العراقية الأمر الذي كلفنا الكثير من دمائنا الى الآن .
على الإدارة الأمريكية اليوم أن تقف مع هذا البلد وأن تعوضنا الخسارة التي تحملناها حتى يتعافى العراق ويستقر " !! " فهي قادرة على إصلاح واقع الحال وتقديم العديد من الخدمات للشعب العراقي بما أنها " واقعياً " لازالت موجودة في العراق حتى يومنا هذا سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً)

هل رأيتم سذاجة وحماقة سياسية مثل هذه ..؟
ألا يعلم نائب رئيس جمهورية العراق ورئيس حزب سياسي مشارك في العملية السياسية في العراق بكافة أبعادها القذرة من هو جوزيف بايدن ..؟ وما هو مشروعه الذي يعود الى ثمانية عشر عاماً مضت ..؟ فليقرأ إذن ماجاء في بداية هذا المقال .
ألا يعلم لحد الآن مسؤولي العراق اليوم لماذا تم إختيار أوباما لجوزيف بايدن نائباً له ..؟ وأبقى على وزير دفاع العدوان من الحزب الجمهوري في زمن بوش روبرت غيتس وزير دفاع في إدارته ..؟؟
ألم يطلعوا على خارطة حدود الأقاليم العراقية التي رسمها مشروع بايدن هذا بما يؤكد على ضمان عدم التأثير على الموارد النفطية ..!!؟
لقد وصلنا الى مرحلة يتوسل فيها ( قادة ) بلد محتل بالأجنبي الذي يحتلهم كي لايتخلى عنهم ..!
إنها والله سابقة لم يعرفها تاريخ البشرية منذ وجدت الأمم والدول ..!
فهل بعد كل ذلك من عهر ودعارة سياسية أكثر من هذا ..؟

06/07/09
   

No comments:

Post a Comment