2010-09-17 :: إعداد: علي الحمداني ::
عدد القراء 2052
هذه الكلمة ألقيت في جنيف عام
2008 :
أيها السيدات والسادة
شكراً لكم على الحضور
لقد بدأت عملي كعضو في البرلمان العراقي في مارس
/ آذار 2006، ومنذ ذلك الوقت، راقبت العديد من إنتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك
داخل السجون. إنني أعتبر أن هذه هي مراقبة للمؤسسات في بلادي والتأكد من إدارتها
وتسييرها طبقاً للقانون واحترام حقوق الإنسان، وهي جزء من مهامي الدستورية بحكم
عضويتي في الجهاز التشريعي. ولهذه الأسباب ركزت عملي طيلة المدة النيابية على السجون
ومراكز الإحتجاز في العراق.
وباختصار شديد يمكن ان اقول لكم أن هناك أكثر
من 420 مكاناً للتوقيف في العراق تحت سيطرة وإدارة الحكومة العراقية. إضافة الى
وجود أماكن سرية للإعتقال داخل السجون الرسمية. كما أن هناك أيضاً اماكن للإعتقال
تدار من قبل الميليشيات. وبسبب السرية التي تحيط بالموضوع، فهناك القليل من
المعلومات المتوفرة عن الممارسات اللاإنسانية الجارية في العراق والتي تؤثر على عموم
الشعب العراقي. لقد جئت الى جنيف، كعضو في البرلمان العراقي لأطالب رسمياً مساعدة
المجتمع الدولي، لأن شعب العراق يحتاج الى مساعدتكم.
لقد قابلت بعض الشخصيات الرسمية من الأمم
المتحدة والصليب الأحمر وعدة أشخاص آخرين من منظمات غير حكومية،
وأمامي الكثير من اللقاءات الأخرى التي سوف أجريها خلال وجودي هنا. إنني أخاطبكم
كعراقي لأن شعب العراق يحتاج لمساعدتكم، وكنائب في البرلمان العراقي يريد إنهاء
معاناة العراق وتمكين شعب العراق لكي يعيش بأمان.
لقد إستمعت خلال لقاءاتي هنا عن الصعوبات التي
تواجهها المنظمات الدولية التي تعمل في العراق وعن صعوبة الحصول على المعلومات
حول مايحدث في العراق. لهذا جئتكم من بغداد الى جنيف لأطلعكم على المعلومات التي
جمعتها والمستندات والوثائق الرسمية الحكومية، والتي تثبت لكم جميعها جسامة الخرق
الكبير لحقوق الإنسان في العراق، والتي ترتكب من قبل القوات الأمنية الحكومية هناك.
بصفتي نائب في البرلمان، فقد تلقيت ومنذ عام 2006، الكثير من المعلومات عن
إنتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب، وكان اسلوب تعاملي للتقرب من الحقائق
يعتمد على جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات عن السجون السرية ومراكز الإعتقال غير
القانونية قبل أن أذهب اليها للتحقق بنفسي.
وعلى الرغم من أن زيارة أماكن
الإعتقال هي حق دستوري بصفتي نائب في البرلمان، إلا أنني كنت
أواجه صعوبات كثيرة في الدخول لهذه الأماكن، ذلك لأن الحكومة العراقية لاتريد السماح
بكشف مايحدث من إنتهاكات لاإنسانية وخارج سلطة القانون. وعندما تمكنت من الوصول
الى بعض أماكن الإحتجاز، كان هدفي هو التوثيق بقدر ماأستطيع لما أشاهد وللتحدث
الى المحتجَزين. لقد إصطحبت معي مصور محترف ليسجل ويصور مانراه، وكذلك استخدام
كل ماهو متاح لي من أجل تسجيل ما أشاهده بما في ذلك إستخدام هاتفي النقال.
التوثيق :
خلال عملي، استطعت أن أطلع على الكثير من الوثائق الرسمية
ومن خلال معرفتي لأشخاص ومسؤولين رسميين يعملون ضمن الحكومة قاموا بتسليمي وثائق
سرية. هؤلاء هم من الأشخاص الذين يريدون للعراق أن يعود آمناً وكان تقديمهم هذه
الوثائق لي لغرض المساهمة في تحقيق هذا الهدف ومساعدة العراقيين. لدي الكثير من الوثائق
قدمت لي من وزراء مسؤولين تثبت قتل معتقلين أبرياء في مراكز التوقيف. وكذلك القيام
بعمليات إغتصاب في سجون النساء. كل هذه الجرائم تثبت أن مستوى الإنتهاكات الاإنسانية
قد وصل الى مستوى الإبادة الجماعية.
في عام 2005، تمت محاصرة مدينة الفلوجة التي يسكنها
قرابة 400,000 عراقي وذلك من قبل القوات الأمريكية والعراقية من الأرض، وتم منع
دخول أو خروج الأهالي، ثم تم قصفها من الجو بالطائرات المقاتلة والعمودية الأمريكية،
وقد أستخدمت في هذا القصف أسلحة محظورة دولياً مثل الفسفور الأبيض، مما نتج عنه
عمليات قتل جماعي إنتهى بقتل وإصابة أكثر من 12,000 شخص من أهالي الفلوجة بما فيهم
النساء والأطفال والشيوخ. ليس ذلك فقط، بل أن الأمراض الجلدية القاتلة أصيب
بها حتى من تولى دفن الضحايا. في عام 2007، قامت القوات ألأمريكية والعراقية
بمحاصرة وقصف مدينة الزركة في محافظة النجف الأشرف جنوب بغداد
وبالطائرات المقاتلة والعمودية أيضاً. نتج عن ذلك مقتل وإصابة أكثر من 2,000 عراقي
برئ بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
عندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية، تحت
رئاسة جورج بوش، حربها ضد العراق في 19 آذار/مارس 2003، كانت هذه الحرب تمثل عدواناً
خرقَ وبشكل صريح إتفاقيات الأمم المتحدة وأهدافها والقانون الدولي. لقد بدأ الأمريكيون
حربهم بالعملية العسكرية (الصدمة والترويع) والتي نتج عنها تدمير بغداد والعديد
من المدن العراقية وقتل وترويع المدنيين حتى أولئك الذين حاولوا الفرار لتفادي
الهجوم.
وافق مجلس الأمن على القرار 1483، بعد النظر في
رسالة 8 مايو 2003، التي قدمها ممثلو كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي
تعهدت فيها هاتان الدولتان بأن "الحلفاء" سيتصرفون وفقاً
للقانون الدولي وإتفاقيات جنيف ومعاهدة لاهاي لعام 1907 والإحتياجات
الأساسية للشعب العراقي.. ولكن القوات الأمريكية وقوات الإحتلال متعددة الجنسيات
تجاهلت تماما تعهداتها وأهملت منظمة الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بالعراق.
واليوم وحينما يسيطر الأمريكان على ثروات العراق ويوظفونها لصالحهم لايراعون في
ذلك مصالح الشعب العراقي الذي يعاني تحت افحتلال من القتل والتعذيب والسجن
والإغتصاب الجنسي والهجرة وإنتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة وحقه
في العيش الكريم.
هذه الجرائم، وفي ظل الاحتلال الأمريكي، تسببت حتى الآن
في وفاة مليون ونصف المليون من العراقيين بمن فيهم المثقفون والعلماء والأكاديميون
والأطباء والمحامون والصحفيون.
أما المخاطر التي يتعرض لها نواب
الشعب العراقي فقد طالتهم أيضاً مع كافة الإنتهاكات بالرغم من أن القانون يمنحهم
الحصانة القانونية وحماية الدولة. لقد إنتهكت القوات الحكومية العراقية حرمة مكاتب
ومنازل أكثر من 30 برلمانياً بما فيهم محدثكم. وتوجد الآن حملة من أجل إستبعاد
عدد كبير من أعضاء البرلمان العراقي الذين لديهم وجهة نظر ضد التدخل الأجنبي
الأمريكي والإيراني ومشاريعهم في العراق. لقد تم إغتيال إثنان من أعضاء البرلمان
عامي 2007 و 2008 أحدهما داخل مبنى البرلمان. كما إستقالت إحدى النائبات في
البرلمان من منصبها بسبب المخاطر التي اصبحت تهدد حياتها بعد إغتيال زوجها وشقيقها
وتلقيها تهديدات بالقتل إن لم تستقل من منصبها.
لقد عانيت شخصياً ودفعت ثمن أدائي لواجبي تجاه
شعب العراق، كنائب في البرلمان، ففقدت أحد عشر عضواً من أفراد عائلتي قتلوا عام
2006 وبسبب دوري في كشف السجون وما يجري فيها. وأطالب بتحقيق دولي للكشف عن عملية
إغتيال إثنين من زملائي في البرلمان العراقي هما : محمد عوض
و صالح العكيلي، وأطالب بإحالة مرتكبي جرائم القتل الجماعي والإنتهاكات الجسيمة لحقوق
العراقيين الى العدالة. ولذا اطالب :
ـ المساعدة على ضمان حماية أعضاء البرلمان
ـ إعادة منصب المقرر الخاص المعني بالعراق لدى مجلس
حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ـ تشكيل محكمة دولية خاصة للتحقيق في الجرائم واسعة النطاق
ضد حقوق الإنسان في العراق في الماضي والحاضر.
أشكركم وآمل أن تتخذ المجموعة الدولية الإجراءات
اللازمة التي تحتمها مصلحة الشعب العراقي.
** ترقبوا معنا قريبا مزيدا من الحقائق والوثائق
المرتبطة بملف ملاحقة الدايني لأجل إخفاء الحقيقة وإخماد صوتها..
علي الحمداني: lalhamdani@rocketmail.com
|
No comments:
Post a Comment