Thursday 17 May 2012


في الزمن الصعب
كلمة حرة لمفكر وسياسي كوردي .
الدور المشبوه للحزبين الكرديين


تمهيد للمترجم :

يخطأ الكثيرون خطأً فادحاً عندما يتوهمون أن أكراد العراق هم من يمثلهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني أو الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني ..

هذان الحزبان هما اللذان يحكمان ويتحكمان ويديران سياسياً المنطقة الكردية من شمال العراق .. ولأن العالم عادةً لايسمع إلا إعلام الحاكم أو الديكتاتور الذي يعلو ضجيجه على بقية الأصوات ، فإن مانسمع اليوم ونرى من ممارسات ماهو إلا من هذا القبيل .. ولكن وبرغم ذلك ، تبقى الحقائق ويبقى الصوت الشعبي الحر ، والتأريخ نفسه خير شاهد على ذلك ، إذ لم تستطع ديكتاتورية حزبية أو عشائرية أو قومية شوفينية أو عسكرية فردية من إستمرار تزييف الحقائق والبقاء الى الأبد ..

مانرى ونسمع من تجاوزات في الشمال العراقي والذي يحاول أن يمد أذرعته الى بقية أجزاء العراق ماهو إلا إفرازات الطغيان الديكتاتوري للحزبين الكرديين الحاكمين والمتحالفين مع شراذم طائفية من أجل تحقيق مصالح غير مشروعة ، والكل لايمثل آيديولوجية أو إستراتيجية شعب كامل سواء الشعب الكردي أو الشعب العربي أو بقية مكونات المجتمع العراقي .

إن من واجب الإعلام الوطني أن يعرف كيف يفصل في أدبياته وطروحاته بين الشعب الكردي وبين القيادات الكردية الحاكمة وأهدافها المشبوهة .

كان لابد لي من هذه السطور لكي أبدأ بها قبل الإنتقال الى نص بحث المفكر والسياسي الكوردي الدكتور كمال مجيد ، الذي وافق مشكوراً على قيامي بترجمة مقاله من اللغة الإنكليزية ونشره . وفيما يلي نص البحث :

تقييم للوضع العام في القسم الكردي من العراق
الدكتور : كمال مجيد
بروفيسور فخري في جامعة كاردف ـ المملكة المتحدة
13 تموز / يوليو  2008

موجز :

عند التعامل مع منطقة شمال العراق ، فإن الإعلام الغربي عادة مايحاول أن يؤثر في وجهات النظر العامة ومن خلال طريقين :
الأول ، الضغط بإتجاه أن الكورد هم مختلفون بوضعهم عن بقية الشعب العراقي ، وأنهم قد عانوا بالتأكيد على يد الحكومات العراقية المركزية المتعاقبة في بغداد .
والثاني ، فهُم ، أي الإعلام الغربي ، يخلص الى أنه ومنذ عام 1991 ، عندما فصل القسم الشمالي الشرقي نفسه عن العراق ، فإن الشعب الكردي هناك أصبح يتمتع بحياة رائعة وبسلام دائم !

هذا البحث الذي نقدمه يدحض كلتا وجهتي النظر هاتين ..

الخلفية التاريخية :

لقد أنهت ثورة تموز 1958 ، الحكم الملكي الموالي للغرب في العراق ، وانسحب العراق من حلف المعاهدة المركزية أو حلف بغداد .. وعلى أثر ذلك تم إنهاء وجود القواعد العسكرية البريطانية في كل من الحبانية ( غرب العراق ) والشعيبة  ( في البصرة ) .

لقد قامت الحكومة الجديدة برئاسة عبد الكريم قاسم بدعوة مصطفى البرزاني وجماعته الذين كانوا معه للعودة الى العراق من الإتحاد السوفياتي والذي كانوا قد هربوا اليه بعد فشل تمردهم على حكومة نوري السعيد عام 1946 .

رحب العراقيون من عرب وكرد بعودة البرزاني ، وقامت الحكومة العراقية الجديدة برئاسة قاسم بمنح البرزاني وعائلته دار نوري السعيد الذي يقع ضمن مايعرف الآن بالمنطقة الخضراء ، وكذلك خصصت له راتب وزير في الدولة .. كما منحت أتباعه ومن كان معه وظائف جيدة في دوائر الدولة المختلفة ، ومن خلال إجراءات ، كنت أنا شخصياً مضطلع بمهام فيها . كما تم تعيين عدد من الأكراد كوزراء في حكومة قاسم .
مقابل ذلك ، فقد وقف البرزاني الى جانب عبد الكريم قاسم حين إندلع تمرد عبد الوهاب الشواف في الموصل ضد حكومة بغداد في 9 آذار / مارس 1959 ، وقام بإرسال مقاتلين أكراد من شمال العراق الى الموصل للوقوف الى جانب الحكومة وللقضاء على التمرد .

إستناداً الى معلومات جلال الطالباني ، رئيس جمهورية العراق في النظام الحالي المتحالف مع الأمريكان ، فإن مجموعة دول حلف ( الناتو ) لم تكن موافقة على فكرة قيام عراق مستقل وموحد !

أما شاه إيران ، محمد رضا بهلوي ، المتحمس في تأييد الغرب ، فقد قام بتعيين الجنرال ( وارهام ) في مهمة الهدف منها عزل وإسقاط عبد الكريم قاسم .. ومن أجل ذلك يقوم بالتعاون وإستخدام مصطفى البرزاني وعشيرته ..! ( جلال الطالباني ، مقابلة نشرت في جريدة الوسط في لندن ، العددين 357  و 358 ، عام 1998 )

عندما قُتلَ عبد الكريم قاسم في إنقلاب 1963 ، والذي نُظّمَ مشتركاً بين حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني ، والذي أُسندَت قيادته بشكل مشترك بين مصطفى البرزاني وجلال الطالباني .. قررت إسرائيل والغرب إستخدام الحزب الكردي ودعمه لغرض خلق حالة عدم إستقرار في العراق في وجه الحكومة الجديدة . وإستناداً الى هنري كيسنجر ( سنوات التجديد ، مطبعة فينوكس ، لندن 1999 ، الصفحات 584 ـ 592 ) فإنه مابين عام 1972 و 1975 فقط ، صرفت الحكومة الأمريكية بحدود 23 مليون دولار على المتمردين على الحكومة العراقية من جماعة البرزاني ، في الوقت الذي قامت إسرائيل بتجهيزهم بأسلحة تصل قيمتها الى 28 مليون دولار . وخلال نفس السنوات قدّر السناتور الأمريكي ( أوش بايك ) أن عدد الأكراد الذين قتلوا بلغ 35,000 وأن حوالي 200,000 منهم أصبحوا لاجئين ( صحيفة الغارديان البريطانية في 20/10/1990 ) .

في عام 1964 ، وفي محاولة للسيطرة ، قام الطالباني وبعض قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بالوقوف ضد مصطفى البرزاني وأتباعه من عشيرته . هذه العملية ، أفرزت حرباً دموية بين الجانبين راح ضحيتها عشرات الآلاف من الكرد ، ولم تنتهي فعلياً إلا في سبتمبرعام 1998 ، ولكن بقي كل من الطرفين يحتفظ بمقاتليه وبشكل منفصل عن الحزب الآخر وكما سنبين أدناه .

دخل جلال الطالباني عام 1966 ، في تحالف مع حكومة بغداد من أجل دعمه في قتال جماعة البرزاني ..! واستمر هذا التحالف حتى بعد عودة حزب البعث الى السلطة عام 1968 .. إلا أنه في آذار 1970 ، نجحت حكومة بغداد في توقيع إتفاق 11 آذار مع البرزاني ، وتم منح أربعة من جماعته مقاعد وزارية في الحكومة العراقية .. إلا ان الحكومة العراقية وفي نفس الفترة أقدمت على تأميم النفط ، والإعتراف بحكومة المانيا الشرقية ، ووقعت معاهدة صداقة مع الإتحاد السوفياتي .. وكنتيجة لذلك ، قام ( ريتشارد هيلمز ) رئيس المخابرات المركزية الأمريكية ( سي آي أي ) بدعوة إدريس البرزاني ( نجل مصطفى وشقيق مسعود ) ، ومعه الدكتور محمود عثمان ( النائب في البرلمان العراقي الآن ) الى واشنطن ، وتم الإتفاق معهما على إشعال حرب جديدة ضد حكومة بغداد هذه الحرب قامت بموجبها الولايات المتحدة بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل سخي كما يشير الى ذلك هنري كيسنجر ( راجع محاضرة د. محمود عثمان في " كوفة كاليري " في لندن عام 1996 )

خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية ، قام الحزبان الكرديان ( البرزاني والطالباني / الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ) بالوقوف مع إيران ومساندتها في حربها مع العراق ! وفي الحقيقة أن الهجوم الكيمياوي على ( حلبجة ) حدث مباشرةً بعد أن قامت قوات ( شوكت حاجي مشير ) عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني بالهجوم على حلبجة من داخل إيران وأحتلاله لها . وهناك أيضاً العديد من الشهود والأدلة المادية الأخرى التي تثبت أن قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني " حزب البرزاني " قاموا بعمليات نهب لحلبجة بعد الهجوم الكيمياوي عليها

بعد حرب الكويت ، والتي وقف الحزبان الكرديان فيها أيضاً الى جانب الغرب ، فقدت بغداد سيطرتها الكاملة على أفضل المناطق الكردية في الشمال الشرقي من العراق .. وتم تأسيس حكومة إقليمية هناك مركزها مدينة أربيل .

تم إجراء إنتخابات في المنطقة الكردية في مارس 1992 .. ولكن ، خلال ثلاثة أيام وفي 22/5/1992 ، أصدر مسعود البرزاني ، الزعيم الجديد للحزب الديمقراطي الكردستاني بياناً إعترف فيه بتزوير حدث في الإنتخابات .. ولكن وبرغم ذلك وبرغم النتائج المعلنة ، إتفق مع جلال الطالباني على تأسيس مجلس نيابي وحكومة مشتركة بين الحزبين وبتمثيل مساوٍ لكل منهما .. وهكذا وبدون إنتخاب نيابي حصل كل من الحزبين على نسبة 50 % من المقاعد لنواب يمثلون حزبيهما !

خلال أقل من أربعة أشهر فقط ، وافقت الإدارة الجديدة في أربيل مع الحكومة التركية على مهاجمة أكراد تركيا ..!!
في 7/10/1992 ، كتبت الصحفية ( بام أو تول ) في صحيفة ( الغارديان البريطانية ) : أن قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني ، إشتركت مع القوات العسكرية التركية في ضرب عناصر حزب العمل الكردستاني التركي الذين إلتجأوا الى جبال شمال العراق كلاجئين !!

ولكن ، وعلى أي حال ، فإن الأسوأ ، حدث في 1/5/1994 ، عندما إصطدمت قوات بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني يقوات بيشمركة الإتحاد الوطني الكردستاني ، حيث إشتعلت الحرب بينهما حتى سبتمبر 1998 .. وأصبحت أكثر ضراوة وعنفاً بعد 31 آب 1996 ، عندما قام الجيش العراق بأمر من صدام حسين وبناء على طلب من مسعود البرزاني من صدام شخصياً ، بإحتلال مدينة أربيل التي كانت مهددة بالسقوط بيد بيشمركة الإتحاد الوطني ، وطردهم منه ، وتسليمها الى مسعود البرزاني .
لقد أدى هذا الصراع الدموي بين الحزبين الكرديين الى مقتل أكثر من 10,000 كوردي .

لقد سجلت منظمة العفو الدولية ، درجة الوحشية في هذه الحرب في تقريرها المرقم :
( MDE14/ WU01 / 94 )
بتاريخ 11/6/1994 ، حيث جاء فيه ( أن الحزبين لم يقوما فقط بقتل السجناء أو الأسرى الأكراد لدى كل منهما ، بل قاموا بتعذيبهم ، وتم التمثيل بأجسادهم الميتة !!)

إلا ينبغي أن تشعر إدارة بوش بالخجل على الأقل من كونها قد تحالفت مع شخصين مثل مسعود البرزاني وجلال الطالباني ..؟؟

حكومة أربيل :

1 ـ  الجانب الإقتصادي :

قبل وأثناء حرب الكويت ، قام الرئيس جورج بوش الأب بإصدار عدة بيانات لتحريض العراقيين ضد الحكومة في بغداد ، وعندما قامت إنتفاضة 2 آذار 1991 ، قام مؤيدي الحزبين الكرديين بإخراج القوات العراقية من شمال العراق واحتلوا مدينة كركوك ! أعقب ذلك عمليات نهب لممتلكات حكومية وأهلية كذلك !!

في 13 سبتمبر 1992 ، كتب ( كرس هيدجرز ) تقريراً من أربيل في صحيفة ( انترناشيونال هيرالد تربيون ) الأمريكية ، على الصفحة 6 ، يقول فيه : ( الحكومة الكردية مبعثرة وتسودها الفوضى وأنها فقدت السيطرة على المناطق خارج المدن حيث يتصرف أفراد البيشمركة بشكل مستقل ، فهم يصادرون السيارات والمكائن لغرض بيعها في إيران ، وكمثال ، فإنه ومن أصل 700 سيارة تعود الى بلدية أربيل قبل الإستيلاء على المدينة ، لم يتبقى إلا 92 سيارة أكثرها عاطلة .. كذلك فإن قوات الشرطة في المدينة قد فقدت ثلثي أفرادها كما لم يتبقى من سياراتهم الرسمية التي مجموعها 345 غير 18 سيارة فقط !! )

إن الإنحدار في الظروف المعيشية للأكراد ، ربما قد بدأ مع هذه الأحداث .

يلاحظ ، أن القوات الجوية الأمريكية والبريطانية ، لم تقم إطلاقاً بقصف أية محطة توليد للطاقة الكهربائية في المنطقة الكردية .. وما يعاني منه المواطن الكردي من شحة في الكهرباء هو نتيجة قيام العصابات بسرقة المولدات والتوربينات من محطات التوليد ، وكذلك أميال من أسلاك الكهرباء النحاسية وبيعها في إيران ! وما تبقى من معدات توليد للطاقة في سدي دوكان ودربندي خان ، ومحطات التوليد الفرعية بقيت معطلة ومنذ عقدين من الزمن وتركت مهملة ومهجورة .. ولكي يتم إعادة توليد القوة الكهربائية بشكل صحيح الى المنطقة ، فإن ذلك سوف يستغرق سنوات عديدة وملايين من الدولارات !
أما محطات تجهيز المياه كالمضخات والأنابيب فهي الأخرى قديمة قد أكلها الصدأ الى درجة أن أنابيب الصرف الصحي ، إن وجدت ، قد بدأت بتلويث المياه المعدة للشرب ! وفي كثير من المدن والقرى فإن مياه الشرب تُجلَب في صهاريج .. وما عدا ذلك من بنى تحتية خدمية فهي مشكوك فيها أو غير موجودة أصلاً وخصوصاً في القرى والقصبات ..!

أما التهريب .. ، فقد أصبح المصدر المالي الأساسي لإدارة أربيل ..! فخلال 13 عاماً من الحصار الإقتصادي على العراق ، كان دخل مسعود البرزاني بمعدل مليون دولار في اليوم الواحد (..!) عن طريق سماحهِ لمئات الشاحنات التركية بالعبور الى العراق عن طريق معبر إبراهيم الخليل على الحدود التركية العراقية لجلب البضائع للعراق المحاصر ..
هذا العمل المخالف للقانون ، كان يتم بعلم الأمم المتحدة ، والقوات الأمريكية التي في المنطقة !
هناك تهريب مربح آخر ، وهو تهريب السيكاير .. فمن مدينة دهوك ، وفي 18/8/1994 ، كتب (كرس هيدجرز ) في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية والغارديان البريطانية ( أن المنطقة ألامنة الكردية قد أصبحت سوقاً سوداء ورئيسية للسيكاير الأمريكية المهربة مثل كنت ومارلبورو وفايسروي وبمعدل ملايين الدولارات . ) دهوك كانت آنذاك ولاتزال تحت سيطرة مسعود البرزاني وهي عبارة عن مركز توزيع لكل أنواع البضائع المهربة الى إيران وتركيا وسوريا والأقسام العربية من العراق !

بعد إحتلال العراق في 2003 ، فإن جزء من العائدات المالية لبرنامج الأمم المتحدة المعروف ببرنامج ( النفط مقابل الغذاء ) قد تم تحويلها نقداً الى مسعود وجلال بأمر الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر !
في 10/12/2004 ، كتبت جريدة ( الفايننشيال تايمز ) البريطانية تقريراً أوضحت فيه : ( أن حزب البرزاني وحده تسلم من هذه المبالغ  1,4 مليار دولار " ألف واربعمائة مليون دولار " والتي تم إيداعها في حسابات مسعود البرزاني في بنوك عالمية لأغراض الإستثمار وبواسطة شركة تم تأسيسها عن طريق ( إيد روجرز ) وشركاء آخرين للرئيس الأمريكي جورج بوش !
وعند التحري عن الموضوع من الدكتور محمود عثمان ، النائب الكردي الحالي في البرلمان العراقي إتضح أن الرئيس الطالباني قد تسلم هو الآخر نفس المبلغ الذي تسلمه مسعود البرزاني !!

إن الإدارة الكردية ، والتي كانت شبه مستقلة منذ 1992 ، لم تقدم أية ميزانية ( للإقليم ) ، بالرغم من إتحاد الإدارتين في أربيل والسليمانية ، ووجود وزيري مالية ، واحد لكل حزب منهما !! كذلك لم يتم إستيفاء أية ضرائب .. وأن الناس هناك يتسلمون فقط مايعطيهم الطالباني والبرزاني .. إضافة الى مايحصلون عليه من عمليات التهريب !!
أما مبلغ 17 % من عائدات نفط العراق والتي تستلم سنوياً من بغداد ، فإنها تذهب مباشرة الى الحزبين الحاكمين !
غالبية الرسميين الحكوميين يشغلون مناصب وهمية ، وهناك 18,000 عضو في الإتحاد الوطني الكردستاني فقط يحصلون على رواتبهم لكونهم أعضاء في الحزب ! كما إتضح إحصائياً ، أن هناك 400 ألف شخص يعمل في قوات الشرطة ، في منطقة مجموع نفوسها لايتجاوز 5 مليون ..!
أما الرواتب في القطاع الخاص فهي منخفضة جداً ، وهذا هو أحد اسباب ترك الشباب الكردي للبلد على أمل الإستقرار في إحدى الدول الأوربية ، وهذا أدى الى إنخفاض نسبة الرجال الى النساء في المنطقة الكردية بنسبة 9 % . أضف الى ذلك أن هناك عمالاً من بنغلاديش والشرق الأقصى وحوالي 300,000 عربي من العراق خصوصاً من الجنوب يعملون بأجور رخيصة والإستجداء في الشوارع

من المعروف أن الجزء الكردي من العراق مشهور بزراعة التبوغ وينتج حوالي 15,000 طن سنوياً ولقد كانت الحكومة العراقية تشتري هذا المحصول من المزارعين الكرد .. ولكن وبسبب عمليات تهريب السيكاير الأجنبية وخصوصاً الأمريكية ، وبيعها بشكل رخيص ، فقد توقفت وراعة التبغ ، ومعها توقفت مصانع السيكاير في السليمانية وأربيل !!

 هناك أيضاً مصانع لإنتاج السكر من البنجر والذي ينمو في المنطقة ، وبسبب أن الأنشطة الزراعية قد توقفت ، فإن معامل السكر قد توقفت أيضاً .. ثم تم تفكيكها وبيعها في إيران !! سوية مع معملين للأنسجة . أما معمل الملابس الجاهزة فقد إستمر بإنتاجه حتى قام الإتحاد الوطني الكردستاني ببيعه مؤخراً مع الأرض الواسعة التي أُنشئ عليها الى إحدى الشركات العقارية لغرض بناء مجمع سكني راقٍ .
كان هناك مصنعين للسمنت كانا قد بنيا من قبل الحكومة العراقية مذ زمن طويل . الأول هو مصنع سرجنار والذي تمت مصادرته من قبل شركة ( نوكان ) المملوكة من قبل الإتحاد الوطني الكردستاني .. أما الآخر فهو مصنع طاسلوجة والذي أصبح مملوكاً للسيدة ( هيرو ) زوجة جلال الطالباني ، ووكيلها هو ( فاروق ملا مصطفى ) .. الأخيرة تمتلك الآن شبكة إتصالات للهاتف المحمول ، وعدد من الفنادق الفخمة !!

أما الفساد المالي المنتشر في حقل المناقصات فحدث بلا حرج .. حيث تحال المناقصات أولاً الى أقارب زعماء الحزب والأعضاء المتنفذين .. ثم يقوم هؤلاء بدورهم بإعادة بيعها الى المزايدين عليها ممن هم أدنى في السلم الهرمي للسلطة .. وهكذا !  وعلى أي حال فإن الكثير من هذه المقاولات خصوصاً العقارية قد توقفت بسبب تدهور سعر الدولار والإرتفاع في مواد البناء ..

وبسبب تدهور الزراعة ، فقد إنتقل الكثير من القرويين الى المدن مثل أربيل والسليمانية ودهوك .. وأصبحت المواد الغذائية تستورد من إيران وتركيا والولايات المتحدة وسوريا ، وتباع من قبل المتنفذين بأسعار خيالية ..!

وبسبب شحة الأمطار ، وتحويل مجرى نهر ( سيروان ) من قبل الإيرانيين ، فقد إنخفض معدل المياه في بحيرة سدي دوكان ودربندي خان ، ولوجود خلل في الصرف الصحي ، فإن مياه البحيرتين بدأت تميل الى اللون الداكن وطبعاً أصبحت غير صالحة لإستخدامها كمياه شرب .

كركوك ، هي المدينة الرئيسية لإنتاج النفط في الشمال ، ولكن هناك عدم إتفاق بشأنها بين الأكراد والتركمان والعرب .. كما أن هناك حقول غاز كبيرة في مناطق طق طق وجمجمال وليلان ، ولكن وبسبب الطبيعة الطوبوغرافية للمنطقة ، فإن أنابيب الغاز وكما هو حال أنابيب النفط تمر في المناطق العربية غرب نهر دجلة قبل أن تدخل الأراضي التركية . هذه الحقيقة هي على الأغلب سبب رئيسي للخلاف العربي ـ الكردي ، وكذلك الخلاف بين الإدارة الكردية وتركيا ..
يقوم الحزبين الحاكمين في الوقت الحاضر بتهريب حوالي 40 صهريجاً من النفط الخام يومياً (حوالي 10,000 برميل ) وذلك عن طريق إيران الى مياه الخليج للتحميل .
يشير السيد عبد الهادي الحسني ، معاون رئيس هيئة النفط والغاز في البرلمان العراقي في مذكرة مرفوعة من قبله الى أن شركة النفط  النرويجية ( دي إن أو ) تشتري النفط العراقي المهرب في السوق السوداء بمبلغ 35 دولار للبرميل في الوقت الذي يبلغ سعره عالمياً اكثر من 140 دولار للبرميل .
لقد قامت الإدارة الكردية بتوقيع عدة عقود مع شركات نفط عالمية ، الأمر الذي إعتبره وزير النفط العراقي الدكتور حسين الشهرستاني عمل غير قانوني ، وذلك في تصريح له لشبكة ( بي بي سي ) الإخبارية البريطانية في 18/ 6 / 2008 . هذا هو أحد العوائق الكبيرة لحماية قانون النفط والغاز والتصديق عليه من قبل برلمان المنطقة الخضراء ، وقد يتسبب في زيادة التصدع بين أعضاء الكتل السياسية العربية والكردية في ظل حكومة بغداد الضعيفة .

الفجوة بين الأغنياء والفقراء تزداد إتساعاً في المنطقة الكردية وتخلق بسبب ذلك مشاكل إجتماعية معقدة مثل ( الدعارة ) . هذه المشكلة هي سبب التوسع في جرائم مايعرف ( بالقتل غسلاً للعار ) الذي بدأ يعطي تأثيراته على المدن من خلال هيمنة العقلية العشائرية القروية التي خنقت التفكير العقلاني وفتحت الطريق أمام الطوفان والتطرف الديني وأصبحت المدن تكاد تخلو من الحركة في أوقات الصلاة عند إتجاه أعداد كبيرة من الناس الى المساجد لأداء الصلاة .

2 ـ  الجانب السياسي :

إن كلا من مسعود البرزاني وجلال الطالباني ، لم يسبق لهما وأنتخبا من قبل الشعب الكردي ولأي منصب أو مركز على الإطلاق .
بالنسبة لرئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني فهي وراثية . فعندما توفى مصطفى البرزاني ، خلفه ولده إدريس ، وعندما توفي هذا الأخير خلفه شقيقه مسعود !
أما الإتحاد الوطني الكردستاني ، فإن جلال الطالباني ، أنتخب رئيساً للحزب مرة واحدة فقط من قبل عدد قليل من مؤسسي الحزب عند تأسيسه عام 1975 . ولايزال يحتفظ بنفس المنصب لحد الآن !

لقد جرت ثلاث إنتخابات عامة نيابية منذ 1991 ، واحدة لبرلمان بغداد ، وإثنان لبرلمان أربيل ، ولكن لايوجد شخص واحد في المنطقة الكردية قد رشح نفسه لعضوية البرلمان .. فقد تم إختيارهم جميعاً من قبل الحزبين المسيطرين لشغل هذه المناصب . والأسوأ ، أنه بإمكان الحزب طرد أي نائب غير مرغوب فيه قبل إنتهاء مدة عضويته ..!

يقول جلال الطالباني في تصريح لجريدة الحياة في لندن في 21/9/1996 ( أن البرلمان قد تأسس على أساس أن يتقاسم كل من الحزبين الكرديين المقاعد مناصفةً وبالتساوي . إن العملية الإنتخابية تقوم على أساس التصويت للحزب وليس للمرشحين عن مناطقهم ، وللحزب الحق في تبديل مرشحيه للمجلس بآخرين ..)

أما الدكتور محمود عثمان ، وهو عضو في البرلمان العراقي حالياً ، فقد ذهب الى أبعد من ذلك حين أسرّني شخصياً بالقول ( أنه خلال الإنتخابات ، فإن الحزبين الكرديين قد تحكما بصناديق الإقتراع .. نعم لقد وضعا فيها الأوراق الإنتخابية التي تعود لهما ..! )   
تذكر صحيفة ( هاولاتي ) الكردية بتاريخ 16/6/2008 على لسان السيدة سوزان شهاب ، وهي عضوة في البرلمان الكردستاني عن الإتحاد الوطني : ( أنه يجب حل البرلمان بأجمعه لأنه برلمان ميت ...! )

إن حالة عدم الثقة والحقد بين الحزبين الكرديين لم تُحل أبداً ، ولذلك نرى أن إدارة أربيل تضم وزيرين للبيشمركة ، واحد لكل حزب ، وقائدي كلا التشكيلين يتسلم أوامره من رئيس حزبه فقط وليس من قبل رئيس الحكومة الكردية ..! وهناك أيضاً وزيرين للداخلية في الحكومة الكردية . وعن هذه الإزدواجية يقول ( حمه حاجي محمود ) عضو حكومة الإقليم ، وعضو البرلمان الكردي ، في تصريح لجريدة ( هاولاتي ) في 11/7/2008 ( ليس هناك حكومة إقليم حقيقية وموحدة في أربيل لإدارة شؤون الكرد ) .

المصادمات والمشادات لازالت قائمة بين الحزبين ، ففي 29/6/2008 ، ذكرت صحيفة ( هاولاتي ) في عددها 434 خبر إختفاء عضو الإتحاد الوطني الكردستاني ( كريم أحمد ) منذ 13/5/2000 مع ثلاثة من أبنائه لأنهم كان يُشَك في عملهم لحساب الحزب الديمقراطي الكردستاني .. ولا يزالون لحد اليوم في عداد المفقودين ..!!

لقد فقدَ الحزبان تأييد وولاء الشعب الكردي .. ففي آذار 2006 ، هاجم أبناء حلبجة الغاضبون قوات بيشمركة الإتحاد الوطني الكردستاني وأحرقوا النصب التذكاري والمتحف اللذين أنشأهما جلال الطالباني لتخليد ذكرى الهجوم الكيمياوي على حلبجة عام 1986 . بالتأكيد فإن للبطالة ونقص خدمات الماء والكهرباء والوقود سبب هذا الإحباط لدى الكثيرين ، حيث شهدت مدن السليمانية وكركوك وكالار وعقرة تظاهرات غاضبة هوجمت فيها قوات الشرطة وأطلق النار على المتظاهرين وسقط منهم 6 قتلى على الأقل ..!
لم يتم تسمية أي حزب قاد هذه التظاهرات بإستثناء مشاركة بعض المجموعات الإسلامية فيها ، ولكن غالبيتها كانت من عامة الشعب وعفوية ..

إن من أهم التطورات هو تمويل الحزبين وتدريب وحدات عسكرية تابعة لحزب العمل في تركيا وشقيقه حزب ( بزهاك ) في إيران من أجل قيامهما بهجمات مسلحة على أهداف في البلدين المذكورين ، تركيا وايران . هذه الحالة من الممارسات الحمقاء يمكن أن تقود الى حرب خصوصاً وأنه في 29/6/2008 ، حصل الرئيس جورج بوش على موافقة الكونغرس لصرف مبلغ 400 مليون دولار على فصائل المعارضة الإيرانية .. وبعد هذه الأنباء مباشرة قام مؤيدي جماعة مجاهدي خلق في باريس بالتظاهر والطلب الى الإتحاد الأوربي لرفع اسم منظمتهم من قائمة المنظمات الإرهابية .. ورداً على ذلك ، قام مقاتلي ( بزهاك ) بهجوم داخل إيران أعقبه قصف مدفعي إيراني لقواعدهم في منطقة رانيا ، وقلعة دزه ، وقنديل داخل الأراضي العراقية .

خلاصة :

لو عدنا الى عام 1961 ، فإن حالة العداء بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مصطفى البرزاني ، فإن هذه الحالة كان قد بدأ بها فعلاً الحزب الكردي من أجل العمل على إرضاء الغرب وإسرائيل !
وكل الحروب مع حكومة بغداد بعد ذلك ، بدأ بها أحد أو كلا الحزبين .!
وما هو مخجل وسيئ حقاً ، أنه دائماً كان أحد الحزبين يقف الى صف الحكومة العراقية من أجل مقاتلة وإضعاف الحزب الآخر ..!
وفي جميع الحالات كان الشعب الكردي هو من يدفع الثمن من دمائه .!

إن الشعب الكردي في المنطقة قد فقد فعلاً الثقة بكلا الحزبين .. فلقد أُجبر على أن يعيش تحت شروط إقتصادية وسياسية قاسية .. ولكن هذا الشعب على كل حال غير منظم بعد ومن غير المتوقع أن يسبب مشاكل لحكومة أربيل .. وهم بدل ذلك يبذلون المحاولات للخروج الى الخارج من أجل لقمة عيش كريمة ..!

إن الخط الذي يقوده الحزبان الكرديان بتدريب المجموعات العسكرية الكردية في ايران وتركيا هو لعب بالنار ويمكن أن يعطي نتائج عكسية قاتلة قد تقود الى حرب فعلية بكل المعاني إذا ماقررت يوماً الإدارة الأمريكية أن تسخّن الحرب الباردة مع إيران .!

31/7/08

   
   


No comments:

Post a Comment