Friday 18 May 2012

هل نزع المالكي العباءة الإيرانية ولبسَ الدشداشة الكويتية ..؟





خلال السنوات المنصرمة أراد نوري المالكي أن يبرهن لنا أنه لاعب ماهر ، ولكن كانت يده مكشوفة  دائماً حسب تعبير ( القمارجية ) .. وحتى عندما لعبها بشكل جيد في إنتخابات مجالس المحافظات .. سرعان ماأثبت أن إختياراته وطريقة لعبه كانت قصيرة النظر وغبية !

بعد إجراء الإنتخابات العامة إزداد الأمر تعقيداً عليه ، فأراد أن يلعب بقية أوراقه الخائبة متبعاً أسلوب المراوغة .. وليته لم يفعلها ، لأنها قد أنزلته الى الحضيض في نظر الأعلى والأدنى .. وتبين لنا أنه ليس فقط مكشوف اليدين ولكنه مكشوف الظهر أيضاً !!

السعودية رفضت إستقباله ..
ألغى زيارات مقررة له الى تركيا وسوريا ودول عربية وإقليمية أخرى والأسباب الحقيقية معروفة ..
حتى إيران ، أرسل وفداً من أزلامه بعد أن اضطر الى محاكاة زيارات روساء الكتل السياسية اليها والى دول المنطقة .. يعني غيرة نسوان !!!

هذا خارجياً ، وعلى صعيد الداخل .. بقي فترة طويلة ( يتعزز ) أو ( يتدلل ) كطفل مغرر به ، فلا يريد الإجتماع مع رؤساء الكتل السياسية ، ولايريد أن يتفاهم مع أحد .. بل أوعز الى أبواقه لتشدد على أنه المرشح ( الأوحد ) لرئاسة الوزارة ، لابل المؤهل ( الأوحد ) لها .. وازداد إنكشاف الظهر وملحقاته ! خارجياً وداخلياً .. فلم يجد مناصاً من القيام بالإجتماع مع الإخوة الأعداء من زعماء الإئتلاف .. وزاد على ذلك ، وبسقوط آخر قطرة خجل وكرامة من على جبينه الوضّاح النضّاح ، بأن قام وهو رئيس وزراء بزيارة تذللية لرئيس إقليم كردستان العراقي ( وكلامي هنا حسب الدستور !! ) .. أعقبها بالسفر من أربيل الى السليمانية ، ولاننسى أنه لايزال رئيس الحكومة المركزية .. لكي يشارك في مؤتمر حزب الطرف الثاني في التحالف الكردستاني ويلقي أمامه كلمته العصماء ..!!!
ألا هزلت ..!

في خضم كل ذلك ، ومن الإنصاف القول هنا ، أنه لم ينسى فهم المعادلة الجديدة في دور التحالف الكويتي ـ الإيراني بإشراف إسرائيلي لتدمير العراق .. وكأن لسان حاله يقول : عسى ولعل هذه المرة .. لعل الثالوث المدنس يعطي موافقته له لكي يكون الأداة ليكمل تدمير ماتبقى من البلد ..!!

رجل يحاول أن يضع أسنانه على الكرسي في موضع مقعده ..!

أرسل بدايةً رئيس مجلس نوابه الإنتهازي الإمّعة أياد السامرائي في زيارة للكويت .. وليته لم يفعل فقد قوبل في الكويت من قبل رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي ( بقلة حياء ) لايجيدها إلا ساسة الكويت ! فأعطاه موعظة بليغة كأستاذ لتلميذ ( أثول ) .. ويقال أنه لم يحضر على مائدة عشائه في الكويت ( الشقيقة ) إلا نائب واحد ، حتماً أثول مثله لايحل ولا يربط ..!!

صمود نوري المالكي لم يتزعزع وهو يؤدي دوره الجديد ، فلعل وراء الأكمة ماورائها ، فبدأ يتحرك بما يتصور أنه يرضي الطرفين الإيراني والكويتي عنه .

مايتعلق بإيران فقد حاول جاهداً ( مكيجة ) صورته أمام العراقيين ، وهو يعلم مدى كراهية العراقيين للتدخل الإيراني السافر في شؤونهم الداخلية وحتى الخارجية ، فأخذ يصّور لنا ومن خلال تصرفاته أنه الوحيد الذي يمتلك إستقلالية القرار بين الساسة العراقيين ( !! ) .. بل وذهب الى أبعد من ذلك في تصريحاته على الملأ بالقول : أن أميركا لاتستطيع التدخل بالشأن العراقي ، وأن حسم مسألة الإنتخابات
شأن يخص العراقيين ، معتقداً أن الناس سوف يصدقونه ويعجبون بشجاعته وقوة تصريحاته ..!

أما مايتعلق بالكويت ، وبعد زيارة أياد السامرائي المخزية .. فقد حاول أن يلعب بعقول الناس ليصور لهم أن حكومته تقف موقفاً جدياً من مسألة المطالبات الكويتية للتعويضات من العراق ، وأنه ( فهلوي ) وصاحب قرار ، فقام بإعلان إفلاس شركة الخطوط الجوية العراقية ، وذلك لتلافي مطالبة الكويت بالطائرات العراقية كجزء من التعويضات التي تمارس الكويت بها سياسة الضغوط على العراق .. نسي المسكين أن هذا الموضوع محسوم أصلاً بين الثلاثي الكويتي ـ الإيراني ـ الإسرائيلي ، ليس كراهيةً للمالكي وإنما كحلقة مهمة في الإمعان بتحطيم الإقتصاد العراقي وسيواجهها كل من سوف يجلس على كرسي الرئاسة في بغداد .. والأهم أن أميركا ساكتة عن هذا الموضوع طوال هذه السنوات ، وأنها لو شاءت لأنهته بشكل أو بآخر ، بقرار أمريكي يتم تبليغ الكويت به ، أو بقرار أممي معلن ..!!

ونتساءل هنا ، هل جاء إعلان إيران عن عدم تنازلها عن المطالبة بتعويضاتها هي الأخرى عن حربها مع العراق وأن الموضوع مدرج على جدول أعمالها بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وكما أعلن لاريجاني ، وفي نفس التوقيت مع تصاعد المطالبة الكويتية للتعويضات والإصرار عليها كان محض صدفة ..؟

بعد الزيارة الميمونة للمالكي الى إقليم كردستان مباشرة ، بدأت إيران تكثف من قصفها المدفعي للقرى العراقية في المنطقة .. أعقبتها بدخول قوات برية لعدة كيلومترات داخل الإقليم ، مما نتج عنه مقتل بعض السكان الأبرياء وتهجير البعض الآخر .. وكأن التوقيت كان مقصوداً بعد التصريحات الكردية التي لم تكن الى جانب ( دولة ) رئيس الحكومة العراقية الذي بدا للجميع أنه قد دخل مرحلة الإحتضار.

وبالطبع أصيبت ألسنة المالكي وحكومته بالخرس إزاء ذلك ..!!

هناك إذاً رغبة إيرانية ـ كويتية في إبقاء المالكي إن أمكن ليتم تنفيذ مطالبهما على يديه المباركتين ولاتوجد مشكلة لإسرائيل في ذلك وهي التي تسعى لتفتيت العراق بأي طريقة متاحة .
وجودها في المنطقة الكردية أمر مبارك إيرانياً كما أنه لايوجد عليه فيتو تركي حقيقي ومدعوم أمريكياً ، ضخ الأموال الإستثمارية الخليجية والكويتية تحديداً مستمر لبناء المشاريع في المنطقة الكردية وآخرها ماأعلن عنه من إنشاء ( القرية الإنكليزية ) السياحية في منطقة أربيل بالمال الكويتي ..!
ثم جاء الإعلان الكويتي لتمويل تحويل كميات كبيرة من مياه نهر الفرات داخل الأراضي السورية لري 200 هكتار ، وما قد ينتج عنه ذلك من شحة جديدة في المياه العراقية ..!!

والمالكي وحكومته قد أصاب الخرس مرة أخرى ألسنتهم الطويلة ..!!

ولكن على الجانب الآخر :

فإن إفلاس المالكي داخلياً .. وعربياً . ونقمة الداخل عليه ، أصبح من الأمور التي ستؤدي الى ضرر المخطط الأمريكي في العراق ومصالحها أيضاً .

الأزمة الإقتصادية العالمية ، وضغوط الشركات الرأسمالية الأمريكية النفطية وغيرها والتي هي أساساً اللاعب الرئيسي في إختيار إدارة البيت الأبيض .. هو عامل آخر مهم أصبح يقتضي التعامل معه وبجدية ، إذا علمنا ، وعلى سبيل المثال ، أن مجموعة شركات كارلايل الأمريكية والتي تمثل شركة هالبيرتون الإنشائية العملاقة جزء منها فقط ،  يقوم برئاسة مجلس إدارتها حالياً جورج بوش الأب ..!!

تفهم إسرائيل للموقف ، وطمأنة اميركا لها حول مصالحها في إجتماع أوباما ـ نتنياهو الأخير ، وعلمها أن العباءة الإيرانية أو الدشداشة الكويتية ليست أكثر من بضاعة إسرائيلية ولاتعني الكثير .. بل هناك الكثير ممن يسعون الى إرتدائهما تحت مظلتها ..

كل ذلك ، جعل إتجاه الرياح في العراق يتغير فجأة وخلال أربعة وعشرين ساعة ..

لقد تم عقد اللجنة البرلمانية لصياغة الدستور ، وظهرت الإجتهادات حول المادة 76 الخاصة بتشكيل الحكومة ، والرأي يميل لحد الآن الى الكتلة صاحبة الأصوات الأكثر ..
الطالباني يدعو البرلمان برمته الى الإنعقاد يوم الإثنين القادم لإختيار رئيسه ورئيس الجمهورية ، حيث سيقوم الأخير بعدها بتسمية رئيس الوزراء ويطلب اليه تشكيل حكومته ..
والبقية تأتي ..!!

أصبح العراق بعد سبع سنوات ، مسرح أحزاب وكتل ، شيوخ عشائر ، ميليشيات ..
تم إحصاء الأحزاب والكتل السياسية فقط بما يزيد عن 500 ..
قرارات تتخذ من أركان الحكومة وتنفذ بدون علم أطراف أخرى داخل الحكومة ..
الكل زعماء .. والكل قادة ، والكل أصحاب قرار ، فأصبح المثل الإنكليزي ينطبق على حالنا :
Too many chiefs .. Not so many Indians !!
أي قادة كثيرون لايملكون شعباً كافياً ..

أما صاحبنا المالكي والذي يعجبني أن أنظر الى وجهه وهو يلقي خطاباته ، لالشيئ إلا لأنه يحاول أن يضع عليه قناع الصرامة والجدية وسمات القيادة والتدين والإمامة العادلة ، فلا أرى إلا :
عادل إمام .. وليس إمام عادل ..!!

وعلى العراق السلام .

09/06/10

           

No comments:

Post a Comment