Friday 18 May 2012

حروب البتروـ دولار والعرب النائمون في العسـل ـ 3 ـ



 
بالرغم من كل الأسئلة التي واجهها زلماي خليل زاد ، والتي تناولناها في القسمين الثاني والثالث من هذا الموضوع ، والتي إتسمت إجاباته عليها بالمراوغة والكذب أحياناً ، إلا أنه إستطاع أن يبرر مواقفه الشخصية من ( لعبة ) سرقة النفط العراقي تحت يافطتين ، كونه صاحب شركة إستشارية وانه عضو مجلس إدارة شركة النفط النرويجية .. ولكنه فشل في أن يخفي حقيقة مهمة وهي أن ماآل اليه الوضع العراقي بعد سبع سنوات من الإحتلال يبرر الهدف الرئيسي من عملية الغزو العسكري والدمار الشامل الذي وقع العراق تحته وطبيعة لقطاء السياسة الذين جلبهم الإحتلال ونصّبهم حكاماً ومسؤولين في بغداد ذلك هو الإستحواذ والسيطرة الكاملة على منابع النفط العراقي وتسويقه من خلال الطُغم التي تجلس في بغداد أو أربيل .. أي المتحكمين في الصناعة النفطية نيابة عن الأمريكان في جنوب ووسط وشمال العراق حيث حقول النفط العملاقة .. فاستطاعوا وبواسطة هؤلاء إعادة عقارب الساعة الى ماقبل عام 1972 ، حين تم تأميم الثروة النفطية العراقية .
وللتذكير فقط .. نقول أن جر العراق الى حربه مع إيران عام 1980 ، أصبح واضحاً الآن وبعد كل المتغيرات التي طرأت على الوضع السياسي الإقليمي والعالمي وتداعياتها ، كان الحلقة الأولى من التآمر بعد أن تم وضع الخميني على العرش الإيراني ثم رفضه لأية مبادرة أو محاولة من قبل العراق لإيقاف الحرب والتي في واقع الأمر كانت بعد أسابيع قليلة فقط من بدء تلك الحرب ، فجعل الدمار يستمر لمدة ثمان سنوات تم تقسيم الأدوار خلالها وذلك بمساعدة إيران عن طريق إسرائيل ، ودعم العراق عن طريق الدول الخليجية .
وحين خرج العراق منتصراً من تلك الحرب ، كان في نفس الوقت منهكاً إقتصاديا ، وقد إستنزفت الحرب طاقاته المادية والبشرية . وقبل أن يلتقط أنفاسه من جديد تم دفع الكويت هذه المرة لتبدأ بخطوتين ، أولهما سرقة النفط من الحقول العراقية المتاخمة لحدودها مع خفض أسعار نفطها ، والبدء بالمطالبة بديونها على العراق ، فكانت في واقع الأمر الذراع الثاني للكماشة التي حوصر بها العراق مع الذراع الأول وهو إيران .. وكلا ( الجارين ) ظهر دورهما العملي واضحاً بعد ذلك وبدون أي إخفاء في عملية الغزو العسكري الأمريكي للعراق عام 2003 .. وبعد أن وضع العراق تحت الحصار الجائر لمدة ثلاثة عشر عاماً إثر عملية  ضربه للكويت عسكرياً وما رافق تلك العملية من خدع أمريكية كانت بطلتها سفيرة الولايات المتحدة في بغداد كلاسبي إبرل ورئيس الولايات المتحدة ، رئيس الإستخبارات الأمريكية سابقاً جورج هيربرت بوش ( الأب ) والتي تكلمت عنها في مقالات سابقة كما أغناها العديد من الكتّاب والباحثين مما لايدع مجالاً للدخول في تفاصيلها أكثر من هذا .. ولكن مايهمنا هو دخول القوات الأمريكية بعد ذلك الى العراق براً عن طريق الكويت ، وبمساعدة حكام إيران بتأكيد على ذلك لاحقاً وبشكل تصاريح رسمية جاءت على لسان محمد خاتمي ، ومحمد علي أبطحي ، وهاشمي رافسنجاني .. فاكتملت بذلك وبسقوط النظام الوطني في العراق تحت ذرائع أسلحة الدمار الشامل ، خيوط المؤامرة في إستعادة السيطرة على النفط العراقي .

ماأمامي من أوراق ومعلومات كثيرة في الحقيقة ، ولكنني سأحاول مااستطعت إيجازها لغرض وضع القارئ الكريم في الصورة الحقيقية لمؤامرات خبيثة إستمرت لسنوات على أيدي القيادات الكردية وبالتنسيق مع سياسيين أمريكان وإسرائيليين ، وباستخدام أدوات حمقاء تم تنصيبها لتشغل مواقع سياسية وهم الحكام العملاء الذين وضعوا في المنطقة الخضراء تحت الوصاية الأمريكية ـ الإسرائيلية ـ الإيرانية .

اليكم أولاً هذا الخبر الذي نشرته إحدى الصحف البريطانية  وهي صحيفة ( فايننشيال تايمز ) المعروفة بمهنيتها العالية وذلك بتاريخ 10/ 11 / 2009 ، لمراسلة الصحيفة في لندن رولا خلف تحت عنوان :   ( المحاربين القدماء يجعلون من العراق نشاطهم التجاري )                                                  ( War veterans make Iraq their business)

{ يحاول كل من جاي كارنر * الحاكم المدني الأمريكي للعراق بعد إحتلاله عام 2003 وسفير الإدارة الأمريكية الأسبق في بغداد زلماي خليل زاد إغتنام ثمرة عملهما مع رئيس الإدارة جورج بوش (الصغير) للإستحواذ على ثروات العراق من خلال إفتتاح شركات تجارية في العاصمة بغداد والمحافظات الشمالية ( المنطقة الكردية ) . إن زاد وكارنر يروجان لمصالح تجارية في العراق عبر شركات خاصة بهما الى جانب عدد من الضباط والدبلوماسيين البارزين السابقين .. فخليل زاد أسس شركة تحمل أسمه وافتتحت مراكز لها في بغداد وأربيل لتقديم إستشارات للشركات الأجنبية الراغبة في القيام بأعمال تجارية في العراق . إن متحدثاً بإسم إدارة شركة خليل زاد أكد إفتتاح هذه المكاتب ، وأن زلماي خليل زاد زار العراق عدة مرات خلال العام الحالي ( الحديث 2009  ) . كما أؤكد أن جاي كارنر يشغل الآن منصباً بارزاً في شركة نفط أمريكية إشترت قبل عامين حصة تقدر ب( 37% ) من النفط في ما يسمى بإقليم كردستان ، كما أن كارنر لايزال يعمل مستشاراً لدى شركة نفط كندية .
إن تحرك شخصيات في الإدارة الأمريكية السابقة أثار الجدل خاصةً وأن الكثير من الناس في العالم مازالوا مقتنعين بأن الهدف الرئيسي لغزو وإحتلال العراق عام 2003 هو السيطرة على مصادره النفطية .. . لقد عبّرت من جهتها ( كارين ليساكرز ) مديرة معهد ( ريفينيو ووتش ) في نيويورك عن شكوكها في دوافع هؤلاء المسؤولين الأمريكيين الذين إتجهوا لممارسة أعمال تجارية في هذا البلد الذي كان لهم فيه نفوذ سياسي كبير .. مؤكدة أن نشاطاتهم هذه ستثير أيضاً الشكوك لدى الرأي العام الأمريكي ..}

الخبر الثاني نشر على موقع ( اور نيوز ) بغداد ، لندن ، واشنطن .. تحت عنوان : ( فيصل الاستربادي يقول : فكرة مساهمة شركة نفط بصياغة الدستور تجعلني عاجزاً عن الكلام .                             بيتر كالبرايث يعترف بممارسة نشاطات نفطية مقابل تثبيت سيطرة الأكراد على الحقول الجديدة ) نشر الموضوع على ( أخبار العراق )  في 15/11/2009 .. ونشره تعميماً الأستاذ الدكتور عصام الجلبي وزير النفط العراقي الأسبق والخبير النفطي العالمي مع تعقيب عليه باللغة الإنكليزية :
This is one more proof of the illegal dealings by the Kurdish government in oil contracts with possibility of hundreds millions of dollars commissions.
أي : ( هذا دليل آخر حول صفقات النفط غير القانونية التي دخلت بشأنها حكومة الأكراد بعقود مع إحتمالات جني مئات الملايين من الدولارات مقابلها كعمولة !! )
واليكم نص الخبر :
{  تحت ضغط الفضيحة المدوية ، إعترف دبلوماسي أمريكي سابق بأنه مارس نشاطات تجارية في قطاع النفط في شمال العراق بعد الكشف عن وقوع خلاف بين شركته وشركة نفط نرويجية .            وأشارت صحيفة " فايننشيال تايمز " الصادرة في لندن الى أن " بيتر كالبرايث " ** المدافع عن الحكم الذاتي للأكراد إستغل ، على مايبدو ، مكانته السياسية للحصول على مكاسب مالية وكان يتعين عليه الكشف عن مصالحه التجارية في شمال العراق وقتها ، وقبل الكشف عن الخلاف بين شركته وشركة النفط النرويجية " دي إن أو " *** التي تعد أول شركة نفطية تدخل الى إقليم كردستان العراق .       وبحسب فايننشيال تايمز أصر كالبرايث ، السفير الأمريكي السابق في كرواتيا ، على أن علاقاته التجارية لم تتناقض مع عمله كمستشار لدى القادة الأكراد في شمال العراق ، وشدد على أنه سعى دائماً لدعم مصالح الأكراد ، وحرص على أن يتضمن الدستور بنوداً تضمن له الحصول على عائدات ضخمة من حقول النفط في المناطق الكردية .                                                                      وقال أن شركته " بوركيوباين إل بي " أقامت علاقة تعاقدية مع شركة النفط النرويجية " دي إن أو " لاستثمار حقول نفط في شمال العراق ، لكنه رفض الكشف عنها وعن طبيعة نشاطاته التجارية .   وكشفت صحيفة " نيويورك تايمز " أن كالبرايث ( 58 عاماً ) قد كسب مايقارب 100 مليون دولار نتيجة تقربه من الأكراد وعلاقته مع شركة نفط نرويجية والبنود التي ساعدت الأكراد على المطالبة بها في الدستور العراقي الجديد.                                                                               وساهم كالبرايث في صياغة بنود في الدستور العراقي منحت الأكراد السيطرة على شؤون مناطقهم الداخلية وعلى حقول النفط في إقليم كردستان بدل الخضوع لسلطة الحكومة المركزية في بغداد .    وتقول الصحيفة أن كالبرايث زعم انه عمل كمستشار للأكراد يعمل بدون مقابل ، غير أنه إعترف أن لديه مصالح تجارية في إقليم كردستان !! وقادت مقابلات أجرتها الصحيفة مع مسؤولين حكوميين وتجاريين في النرويج وفرنسا والعراق والولايات المتحدة الى أن كالبرايث قد حصل فعلاُ على أسهم في واحد من حقول النفط في كردستان على الأقل ، وقد حصل على هذه الحقوق بعدما ساهم في التفاوض على عقد خوّل شركة النفط النرويجية " دي إن أو " إستخراج النفط في منطقة دهوك في كردستان .  وأثارت مصالح المستشار الأمريكي المالية في كردستان مخاوف العراقيين من أن يكون السبب الرئيسي للغزو الأمريكي هو الطمع بالنفط لاسيما وأن كالبرايث يؤمن بتقسيم العراق وفق الإنتشار الأثني وهو مايرفضه غالبية العراقيين بشدة . وكالبرايث ذو نفوذ قوي في " تصنيع " أفكار عدد من صناع القرار الأمريكي بينهم  جوزيف بايدن و جون كيري ، غير أنهما لم يوافقا على آرائه المتعلقة بتقسيم العراق حسبما يفيد سياسيون أمريكيون .                                                                          ويرى بعض المسؤولين العراقيين أن المصالح المالية لكالبرايث تثير بعض الشبهات المتعلقة بنزاهة المفاوضات بشأن الدستور العراقي ، وقال فيصل أمين ألاستربادي ، أحد المساهمين في صياغة مسودة الدستور العراقي " إن فكرة أن شركة نفط كانت تساهم في صياغة الدستور العراقي تجعلني عاجزاً عن الكلام " . وأكد رئيس شركة " دي إن أو " ، " هيلث أيد " ، أن كالبرايث ساعد في التفاوض على صفقة إستخراج النفط ، مشيراُ الى أنه عمل كمستشار فحسب ولم تناقش معه الشركة مسألة الدستور العراقي الجديد . من جهته أعتبر نائب رئيس لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي عبد الهادي الحسني ، تدخل كالبرايث في المفاوضات الدستورية أمراً غير مبرر وغير شرعي على الأخص لأنه على علاقة بشركة حيث تداخلت مصالحه المالية مع المصلحة السياسية .                              
يذكر أن كالبرايث عمل لسنوات عدة في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي ، ولديه علاقة طويلة مع الأكراد ، فقد وثّق في العام 1988 الحملة التي أطلقها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ضد الأكراد بإدعائه باستخدام الغاز للقضاء عليهم ..!! . عمل سفيراً للولايات المتحدة في كرواتيا في الفترة 1993 ـ 1998 . طرد من منصبه كالرجل الثاني في بعثة الأمم المتحدة الى أفغانستان بعدما اتهم رئيس البعثة بإخفاء معلومات بشأن التزوير في العملية الإنتخابية . }
( * ) جاي كارنر يمتلك حالياً حق اٌستثمار النفط  في أربعة قطاعات في منطقة كردستان .            (**) بيتر كالبرايث عمل مستشاراً خاصاً لمسعود البارزاني ولمدة عشر سنوات .                         (***) " دي إن أو " شركة النفط النرويجية التي أحد أعضاء مجلس إدارتها هو زلماي خليل زاد .     
  

عرفنا الى أين وصلت جذور العهر السياسي في العراق لكي يقوم تاجر نفط أمريكي بالمساهمة في عملية صياغة ( الدستور ) العراقي الجديد .. الذي أطرش المسؤولين في المنطقة الخضراء آذاننا يالتحدث عنه إبتداءاً من إصدار التشريعات الحكومية ومروراً بإجراء الإنتخابات العامة وإنتهاءاً في شرعنة مبررات الفساد الحالي ..
الدستور الذي لم يتوقف قادة الكرد من الإحتماء به والمطالبة على سبيل المثال بتطبيق المادة 140 منه ، يعني كردنة كركوك والسيطرة على نفطها حيث يجلس بإنتظار تحقيق ذلك كالبرايث وخليل زاد ...!!!

أعيدوا قراءة المعلومات أعلاه وتمعنوا فيها ، أيها العراقيون المساكين ، لتعلموا حجم المؤامرة الكبيرة التي وضعنا فيها عملاء مبغى الخضراء .. ولتعلموا لماذا وبعد سبع سنوات من العراق ( الجديد ) يموت الناس وهم يطالبون بالكهرباء والخدمات .. وتباع الحرائر والأطفال من أجل لقمة العيش التي تتخم بطون مسعود وجلال ونوري وغيرهم وغيرهم كثير ..!!

ولدينا المزيد في مقالي القادم وهو الحلقة الرابعة والأخيرة من هذا المقال .
12/07/10




  

 

No comments:

Post a Comment