Thursday 17 May 2012

جواد ونجاد وتعبيد طريق الخيانة بالبلدوزر الأمريكي




قلنا في مقال سابق أن العام 2009 ، سيكون عاماً مشحون بالأحداث أو بكلمة أدق بالمفاجأت .. وكان ربطنا لذلك ليس بسبب تغير الإدارة الأمريكية فتلك مسألة لاتعني الكثير وبالأصح لاتعني شيئاً على الإطلاق على مستوى الخطط السياسية الأمريكية والدولية في المنطقة العربية والعراق على وجه الخصوص . فصناع السياسة الأمريكية وواضعي الخطط هم نفس العقول التي تعمل من وراء الكواليس سواء أكانت الولايات المتحدة تحت حكم الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي ، سواء كان سيد البيت الأبيض جورج بوش الأب أو الأبن ، أوكان كلينتون أو أوباما ، وأحداث التاريخ قد أثبتت ذلك بشكل قاطع . فلو كان جورج بوش يجلس اليوم في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض لكنا نراه يفعل بالضبط مايفعله أوباما من حيث إنسحاب القوات الأمريكية من شوارع مدن العراق أو شراسة الحملة العسكرية على أفغانستان أو الموقف من إيران .. ولاننسى أن قرار الإنسحاب الأمريكي كان قد تم الإتفاق عليه وجورج بوش رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية !

في واقع الحال ، مابنينا عليه إستنتاجاتنا حول سخونة صيف عام 2009 ، ومفاجآت الأشهر الخمسة المتبقية من السنة ، كان محكوماً بأمور عديدة بدأت تتكشف تدريجياً .. وبعضها قد وصل الى حد سقوط ورقة التوت لتُظهِر السؤات القذرة كما سقطت الأقنعة عن الوجوه قبل ذلك بسنوات لتكشف النتن والفساد ..
مِن أبرز هذه الأمور تعثر المخطط الأمريكي الحالي عسكرياً وسياسياً ، وإنقلاب بعض فقراته وبالاً غير متوقع على الأمريكان بحيث أصبح إجراء بعض التعديلات والرتوش عليه أمر مهم .

وفيما إذا كان تقديري هذا صحيحاً أم لا .. إلا إننا بدأنا نشهد ومنذ أسابيع أحداث إقليمية لاأشك ولو للحظة واحدة أنها أمور جرى ويجري الطبخ لها وليست محض صدفة ، وأعتقد ومن خلال مؤشراتها وإفرازاتها الأولية التي ظهرت لنا لحد الآن أنها بدأت تُبَلور بعض أبعاد الخطة الأمريكية والتي ستتوضح وهي في طريقها للتكامل خلال الأشهر المتبقية من السنة ، أي حتى إجراء الإنتخابات العامة القادمة في العراق في 16 كانون الثاني القادم وتثبيت جواد ( نوري ) المالكي لفترة رئاسية جديدة كما تم تثبيت نجاد لفترة رئاسية أخرى في أيران ، مع الفارق في السيناريو والإخراج الهوليوودي وهو أن الإنتخابات الإيرانية قد صاحَبها زعيق أمريكي بكاءاً على الديمقراطية والحريات المهضومة على إعتبار أن أميركا وإيران ( عدوين لدودين ..!!! )  أما في العراق فإنها ستكون بمباركة إعلامية أمريكية ستتناول نزاهة وشفافية الإنتخابات بعد حدوثها كدليل ناصع على الديمقراطية التي جلبوها لنا وعلّمونا عليها والتي بدأت تؤتي ثمارها ومن خلال اليد الأمريكية المباركة ..!

الأحداث تتشابك وتمر سراعاً منذ إنتخابات المجالس المحلية للمحافظات في العراق وأفول نجم المجلس الأعلى بقائمته ( شهيد المحراب ) لصاحبها عمار الحكيم !.
المجلس وقيادته وقائمته كما هو معروف هم جزء من نظام طهران ، تأسيساً ورعايةً وتمويلاً وتدريباً وتوجيهاً .. والغريب أن إندحار المجلس ( إنتخابياً ) تم على يد ذراع آخر من أذرعة إيران في العراق وهو حزب الدعوة ( قائمة دولة القانون ! ) بقيادة جواد أو نوري المالكي ، الذي هو أيضاً حزب ولد وترعرع ورضع من الثدي الإيراني حتى إشتد عوده ، فلما بلغ أشده آتاه الأمريكان حُكماً ( بضم الحاء ) وعَلماً ( بفتح العين واللام ) وجعلوا من الإثنين المجلس والدعوة إئتلافاً حاكماً مع بعض الإمعات الآخرين .

قد يتساءل البعض لماذا أدعو ( دولة ) رئيس الوزراء جواداً مع أن إسمه نوري .. وأقول أنني من المعجبين والمتحمسين للخلفيات التاريخية والتراثية .. فالرجل كان إسمه في سوق حي السيدة زينب في دمشق : جواد ، ربما من باب ( الأسماء الحركية للسياسيين !! ) ، وكان الكسبة العراقيون في ذلك السوق يعرفونه (بجودي أبو السبح) . وبالمناسبة فذلك السوق يقع على بُعد أمتار قليلة مقابل فندق الخمس نجوم ( سفير السيدة زينب ) والذي إشتراه مؤخراً نجله أحمد بمبلغ 12 مليون دولار فقط لاغير ..!
وها أنا ذا أستخدم الإسم جواد ، خصوصاً وأنه يتوافق لفظاً ووزناً كما في الشعر مع إسم نجاد ، وكأنهما شقيقان ، إضافةً الى الجيرة بالطبع .. وللأخوّة والجيرة حقوقهما ..!!

جرت الإنتخابات الإيرانية ، وقامت على إثرها التظاهرات المعارضة لنتائجها المزيفة . بعض هذه التظاهرات كانت إنتفاضة شعبية شبابية عبرت عن نبض الشارع الإيراني الذي يعيش تحت تسلط العمائم والإستغلال الأسود .. وبعضها حرّكه فقدان المصالح لشخوص هم من ضمن المنظومة المعممة . ثم حُسِمَ الأمر أمريكياً بدون أدنى شك .. فليس أصلحُ من نجاد ليكون على رأس السلطة التنفيذية ضمن هذه المرحلة من الخطط والمؤامرات في كل من إيران والعراق ودول المنطقة ، مع أن منصب رئيس الجمهورية ( الإسلامية ) الإيرانية ، لايعني أكثر من موظف لدى الدكتاتور الحقيقي ، أي المرشد الأعلى ( آية الله ) علي خامنئي .. تماماً كما هو الأمر في العراق الجديد حيث تصدر الأوامر الفعلية من دار متواضعة في مدينة النجف يقطنها شخص إيراني إسمه ( آية الله ) علي السيستاني ( المرشد الأعلى أو الولي الفقيه ) في حقيقة الأمر ، أو ( المرجع الأعلى ) كما يطلق عليه مرحلياً .. والذي أصدر ( سماحته ) فتواه في الأشهر الأولى من الإحتلال عام 2003 وبعد أن إلتقى الصهيوني بريمر ، ليفتي بعدم جواز مقاتلة المحتل ..!!!

في العراق مضت خطة تعبيد طريق الخيانة من خلال إتجاهين ، رافقتهما أحداث على الساحة لها دلالاتها ونتائجها أيضاً .
الأول : تنفيذ خطة النظام الإيراني بسحق مدينة أشرف بسكانها العزّل والبالغ عددهم حوالي 3500 إنسان .
هذا الأمر ماكان ليتم لولا القرار الأمريكي الذي بدأ قبل سنتين بنزع أسلحة المعارضة الإيرانية من سكان اشرف .. وهو قرار غريب حقاً إذا مانظرنا اليه من حيث كون أن مَن نُزِع عنه سلاحه هو معارض لنظام يعادي أميركا وتعاديه أميركا كما نسمع ، وأن مِن مصلحة الأمريكان لو صحَّ عداءهم فعلاً لنظام ملالي إيران الإبقاء على معارضيه كقوة ضغط على الأقل إن لم يكن إستخدامهم لأضعاف وتقويض النظام .
ثم يأتي القرار الأمريكي الثاني ، والعراق وليس أشرف فقط ، تحت الهيمنة العسكرية والسياسية والإقتصادية الأمريكية ، والذي لم يأتِ من فراغ ، وهو تسليم أشرف الى القوات العراقية من الجيش والشرطة تحت تبرير أن مسؤوليات الأمن قد أصبحت من واجبات الحكومة العراقية بعد قرار ( الإنسحاب ) الأمريكي من المدن ..!!
إذن ، ولاأعتقد أن أي عاقل يخالف ماسأقول ، أن اميركا أفرغت المعارضة الإيرانية من مقاومتها أو حتى الدفاع عن نفسها بنزع أسلحتها ، ثم تسليم الضحية الى الجزار ليقوم بذبحها ، واعتقال قادة المعارضة ويقال أنه سيتم تسليمهم الى النظام الإيراني ..
كل ذلك والشعار الذي يرفعه نجاد وخامنئي ومعيتهما هو العداء السافر لأميركا وإسرائيل ..!! ولكن والحق يقال أنه ومنذ إعادة ( إنتخاب ) نجاد لرئاسة الجمهورية الإيرانية ، فإن الرجل قد إلتزم الصمت بعد خطبه النارية والتلويح بتدمير إسرائيل بأسلحته النووية وصواريخه عابرة القارات (!!)

المهمة الأمريكية في أشرف تم تنفيذها لصالح نجاد وعلى يد جواد ..!!

الإتجاه الثاني : يتمثل في إعادة ( مكيجة ) وتجميل وجه الحكم في العراق من خلال تهيئة رئيس دولة القانون لولاية ثانية ، ولكن ليس على حساب الإلتزامات و ( المبادئ ) الأمريكية . فكانت خطوة رئيس الحكومة المالكي بزيارته ( الرسمية ) الى رئيس إقليم يفترض أنه جزء من العراق (الفيدرالي الموحد) لكي يقوم بتسوية الخلافات مع كاكا مسعود ، مع كل ماحملته هذه الخطوة من مهانة وإنحطاط على الصعيد السياسي والعرف الدبلوماسي .. ولكنها قابلة للتنفيذ بالسمع والطاعة عندما يتم تحريك صاحبها بالرموت كونترول ليفقد ماتبقى لديه من ذكاء وحنكة سياسية ويبدو أنهما أقل من القليل !
ثم جاء إعلان المالكي وسعيه الحثيث لإعادة تشكيل الإئتلاف الحاكم .. يعني ( تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي ) كما يقول المثل الموصلي ..
الغريب في الأمر ، أنه وهو يريد إعادة تقوية الإئتلاف الفارسي الطائفي المتصدع ، يقف ليلقي خطاباً أمام وجوه إحدى العشائر العراقية ليقول أن هناك من يعمل من داخل الإئتلاف الحكومي ضد المالكي ، ويسوق لنا مثالاً على ذلك فيما يتعلق بموضوع الكهرباء وإفشال تنفيذ المشاريع التي تعاقد عليها مع كبريات الشركات الأمريكية والضغوط داخل ( البرلمان ) من قبل هؤلاء بعدم الموافقة على رصد المبالغ اللازمة لإعادة كهربة العراق ..! وهو يقصد هنا جماعة المجلس الأعلى خصوصاً وبعد أن تصالح مع التحالف الكردي ولو على الصعيد الإعلامي فقط ..
ثم تأتي الخطوة الأغرب من ذلك بالتستر وحماية المجلس الأعلى الذي يحاول أن يفشل حكومة المالكي باعترافه هو ..!! ، وذلك من خلال إستخدام سلطته لوقف عمليات كشف ملابسات سرقة مصرف الرافدين في الزوية من قبلهم وبواسطة عصاباتهم وفي ظل ( دولة القانون ) وقتل ثمانية حراس أبرياء لم يكلف نفسه حتى عناء تعزية عوائلهم إرضاء لعيون المجلس الأعلى وحكيمه الفارسي .. والتستر على إجرام عادل عبد المهدي الذي وجدت الأموال المسروقة من قبل حراسه الشخصيين الذين هم من مجرمي منظمة بدر الإرهابية في مقر جريدته ( العدالة ) .. وأنعم وأكرم بها من عدالة !!!
عادل عبد المهدي ، الذي إنتهت كريمته للتو من بناء قصرها في المزرعة والأرض التي إشترتها في ضواحي بيروت بكذا مليون دولار ومن خلال وسيط مقيم في لندن تربطه بوالدها الفاضل علاقات صداقة وعمل (!!) ..
وأتحداه أن يستطيع تكذيب ذلك وأمامي العنوان والأرقام والأسماء .

فهل هناك مَن يقول لنا ، أجاركم الله ، كيف ووفق أي خطة يتصرف المالكي ..؟ اللهم إلا تكريس حالات الإنقسام والفوضى والدمار من خلال خطب رنانة كاذبة وأفعال تعيد أيام الإئتلاف والإعتبار الى مجلسه الأعلى الذي نفض العراقيون ، وأولهم أهل الجنوب الشرفاء ، أيديهم منه في الإنتخابات المحلية الأخيرة ..!

المضحك المبكي بعد كل ذلك ، أن تقوم ميليشيات الإجرام الطائفي بتفجير حسينيات ومساجد وقتل الأبرياء لصرف النظر عن سرقة المجلس الأعلى لمصرف حكومي .. وأن يظهر على التلفزيون يوم أمس فقط العميد قاسم عطا ليعلن لنا أنه تم القبض على قاتل الصحفية الشهيدة أطوار بهجت  خلال تغطية أحداث تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء وليرينا صورته على أنه أحد أفراد ( جيش محمد ) وقد أدلى باعترافات تتلخص في خطفه لها على الطريق السريع وإغتصابها وقتلها
برصاصتين في الرأس ..
فبركة إعلامية رخيصة أخرى لصرف النظر عما يجري .. فالمرحومة الشهيدة أطوار ، وبحسب التحقيقات القانونية التي جرت وتقرير الطبيب الشرعي .. لم يتم إغتصابها ، ولم تخطف على الطريق العام بل داخل سامراء وبوجود قوات الأمن العراقية هناك ، وقد توفت نتيجة إطلاقة واحدة فقط في الجهة اليسرى من رأسها ، وتم تثقيب يديها وساقيها بالدرل الكهربائي الذي عرفنا عنه الكثير من خلال فضائح معتقل الجادرية ووزارة الصحة وعلى يد زبانية الداخلية برئاسة صولاغ .! لقد كان على عطا أن يقرأ ذلك قبل ظهوره  في مؤتمره الصحفي الذي تم توقيته بشكل جيد ، ولكن تم إخراجه بشكل مقزز تفوح منه رائحة الكذب والتضليل والمراوغة ..!
والحقيقة التي يعرفها جيداً زلمة المجلس الأعلى قاسم عطا وقاتلي أطوار ، أنه كان تحت يدها وهي تغطي الحدث الإجرامي في سامراء ، مستندات ووثائق تكشف هويات الفاعلين الرئيسيين في تفجير المرقدين وهو ما لايروق لحكومة العراق الكشف عنه فهو ليس في صالح جواد ولا نجاد ولا حكيم أصفهان !!!

ثم يأتي الإعتداء وقتل زوار شيعة في طريقهم الى كربلاء في منطقة بابل .. والكلام عن تفجيرات إنتحارية قد تقع خلال الزيارة الشعبانية .. ونشر هذا الصخب الإعلامي للتغطية على مخطط أميركا للمرحلة القادمة التي تتم على يد جواد ونجاد حيث يعبّدان الطريق لها كما يبدو لكي يحتفظا بكراسيهما ولو الى حين .. وذلك قبل أن يبدأ بجر العربة الأمريكية أو أنها ستجرفهما بعيداً ..
ولكل حادث حديث ..!
05/08/09
     







 



No comments:

Post a Comment