Tuesday 22 May 2012

الجامعة العربية والأمم المتحدة وما أدراك عن تاريخهما التآمري ضد الشعوب الثائرة.!..


السيناريو السوري كما أتصوره 
لا أدري لماذا كلما سمعت أن إحدى مشاكل العالم قد أُحيلت الى الأمم المتحدة ، أُصاب بالإحباط وأشعر أن هذه الخطوة ماهي إلا بداية مراوغات سياسية وفوضى على الأرض تمهيدا لخطوة أو خطوات قادمة قد تم الإعداد لها بعناية في دوائر الشيطان السياسية وأذرعها حيثما كانت المشكلة قائمة .
في المنطقة التي يطلق عليها الغرب تسمية الشرق الأوسط كإحدى مصطلحات التراث الإستعماري البريطاني والفرنسي للمنطقة مطلع القرن الماضي والتي يشكل الوطن العربي غالبية مساحتها ، وذلك على أساس قربها من أوربا الإمبريالية آنذاك فكانت الأوسط الى جانب مصطلحي الشرق الأقصى والشرق الأدنى .! كان الدخول الى هذه المنطقة مسألة تعد بسيطة وسهلة نسبيا إذا ما قورنت بمناطق العالم الساخنة الأخرى . الأسباب لذلك عديدة ، لعل أهمها ، أن المنطقة العربية كانت مسرحا لحرب طاحنة أُطلق عليها : الحرب العالمية الأولى ، 1914 ـ 1918 ، حيث كانت تلك المنطقة خاضعة للهيمنة العثمانية ( تركيا حاليا ) ، ولأن الغرب أراد أن تكون تلك المنطقة تحت هيمنته التامة ، خصوصا بعد أن وقفت الإمبراطورية العثمانية الى جانب ألمانيا ، وذلك لسخونتها تحت الأرض بما تحتويه من نفط وغاز ومعادن .. وفوق الأرض لما تشكله من موقع جغرافي متميز وخطوط مواصلات إستراتيجية .
من أجل ذلك ، تم خلق أكبر قاعدة متقدمة للغرب في المنطقة ، تلك هي إسرائيل 1948 بوعد بريطاني وقرار من الأمم المتحدة (!!)
أما ما يتعلق بالأذرعة ، أي النظم السياسية التي تم تنصيبها آنذاك وبعد التقسيم نتيجة معاهدة (سايكس ـ بيكو) البريطانية الفرنسية ، فكانت أنظمة موالية وطائعة لإستكمال المخطط .
وحينما تمت الإطاحة لاحقا في خمسينات وستينات القرن الماضي ببعض تلك الأنظمة ـ بعلم أو بدون علم الدوائر الغربية والصهيونية ـ وذلك موضوع آخر ليس محل الكلام عنه تفصيلا هنا .. حلت محلها نُظم جديدة عن طريق الإنقلابات العسكرية أو ( الثورات ) على النظم ( الفاسدة ) التي كانت تمتلك زمام الأمور والحكم في تلك الدول .!!
عقود من الزمن مضت بعد ذلك لتتحول تلك الأنظمة الى ديكتاتوريات ، وصل الحد ببعضها الى إستحداث نظاما مسخا لامثيل له في تاريخ العلوم السياسية ، وهو توريث الحكم في الجمهوريات على غرار النظم الملكية .. حافظ الأسد ورِثه في ( الجمهورية ) العربية السورية ولده بشار .. مبارك كان يسعى على نفس النهج في ( جمهورية ) مصر العربية لتوريث الحكم لولده جمال عن طريق الإنتخاب في حزبه الديمقراطي ، وكذلك الحال كان مع معمر القذافي وولده سيف الإسلام في ( جماهيريته ) .
أما النظم الأخرى التي حاولت الإحتفاظ بهويتها القومية أو الوطنية ، فقد تم ضربها من الداخل أو غزوها عسكريا من الخارج لغرض إسقاطها .!!
ما تلى ذلك وباختصار لايحتاج الى عناء كبير في شرحه لأنه يعيش أمام أعيننا الآن في ( ربيعه العربي ) وذلك في فوضى التغيير بالإستعانة بأحزاب ( إسلامية ) من الداخل وصراعات لم تقف عند حدود سقوط الحاكم الديكتاتور بل استمرت وسوف تستمر لفترة قادمة من أجل تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ( سايكس ـ بيكو العصر ) وحلم الصهيونية العالمية ودوائر القرار السياسي المؤتمرة بها في الغرب .
لنعد الى سوريا ، التي أعتبرها حالة خاصة وفريدة تختلف عما حدث في العراق وتونس وليبيا ومصر واليمن ، على الرغم من مؤشرات التشابه بينها من خلال إنتفاضة شعب مظلوم ومغلوب على أمره وشباب ثائر ضد حكم فاسد بدوافع وطنية محضة .
الخصوصية في السيناريو السوري هو إحالة ملف ( حل ) الأزمة فيه الى الجامعة العربية .. وما أدراك ما الجامعة العربية !! والى مجلس الأمن والأمم المتحدة ، ثم ماأدراك ما الأمم المتحدة !!
الجامعة العربية ، ولأول مرة في تاريخها ( الحافل ) تتدخل ( سياسيا ) لحل مشكلة عربية بالغة التعقيد والصعوبة .. والغريب في ذلك ، أن هذه المشكلة بدأت تماما كما بدأ غيرها في تونس ومصر وليبيا واليمن . أي ثورة شعبية شبابية .. ولم تتحرك الجامعة طوال عام ( الثورات ) لتغيير الحكم أو وجوه الحكم في تلك الدول ، لاسياسيا كما فعلت في سوريا عن طريق المراقبين ثم حمل الملف السوري الى مجلس الأمن والأمم المتحدة .. ولا عسكريا ، كما إصطفت بعض دولها الأعضاء الى جانب الأميركان والصهاينة في ضرب العراق عام 1991 و 2003 ..!!
تجربتنا مع الأمم المتحدة وقرارتها كعرب تجربة غنية حيث لم توصلنا في يوم من الأيام على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن الى حل عادل ومنصف للظلم الواقع علينا .
قرارتها فيما يتعلق بفلسطين والأراضي المحتلة وحقوق شعب تم تشريده من أرضه .
قراراتها في لبنان أو في الشمال الأفريقي أو الجزر العربية المحتلة في الخليج العربي .
قراراتها فيما يتعلق بإيران ودور حكومة طهران التخريبي في المنطقة .. أو سلاحها النووي .. أو المقاطعة الإقتصادية (!!) . لاشيئ سوى قرارات غير ملزمة ونتائج هلامية غير واضحة وإطالة الوقت بدون محصلات إيجابية تُذكر .
هذا بالضبط مايحدث اليوم ، وما سيحدث في سوريا .. تصريحات .. قرارات .. تهديدات ، وذلك عبر منابر الأمم المتحدة ومنه الى أبواق الإعلام الغربي .. ثم الى تابعيه من أجهزة إعلام بعض الدول العربية . تمديد للوقت ، وزيادة في جرعات المخدر للشارع العربي !!
ولكن ذلك ليس كل ما هو مطلوب في السيناريو السوري . السبب أن في سوريا شعب واعٍ نشأ منذ زمن الإحتلال الفرنسي في الأربعينات من القرن الماضي وحتى قبل ذلك والى اليوم على القيّم القومية والوطنية وأنجب قادة كبار في هذا المضمار .
واليوم ، وحتى لو تم شراء ذمم بعض من يسمَون قادة للثورة السورية ، فإن المحصلة سوف تبقى هي .. هي . ولو حدث وتم إنهاء الأزمة عن طريق إسقاط النظام بهذه الطريقة أو بإنقلاب عسكري كما يتوقع ويأمل البعض من المراقبين السياسيين وذلك بسبب تواتر الإنشقاقات في صفوف الجيش السوري فإن ذلك سوف يعتبر إنتكاسة للمخطط الغربي ـ الصهيوني .
من أجل ذلك نرى اليوم أنه لا الغرب ولا الدول العربية التي تندب حظ سوريا و ( تعلن ) الوقوف الى جانبها تقوم بدعم المنشقين من الجيش السوري أو الجيش السوري الحر سواءً ماديا أو تسليحيا .. وهذا ما سمعنا قادة هؤلاء يكررونه عند ظهورهم على أجهزة الإعلام بالقول أنهم بحاجة الى دعم مادي وخصوصا بالسلاح . مقابل ذلك لاشيء على الإطلاق من الأنظمة العربية ( المساندة ) للثورة السورية .. أو من الدول الغربية ( المعادية ) لنظام الأسد .!!
أخيرا وليس آخرا ، ماهو مطلوب في السيناريو السوري ، ولغرض إطالة أمد الصراع الداخلي على الساحة السورية وإبقاء القصة بدون نهاية .. بدأ موضوع التدخل الإقليمي عن طريق ميليشيات ( إسلامية ) مقاتلة تحت سمع ونظر الغرب والدول العربية .
إيران وميليشيا " فيلق القدس " والإرهابيين الذين يدخلون سوريا بصفة زوار دينيين وذلك عن طريق العراق ( المحتل أميركيا وإيرانيا ) والتي تشير بعض التقارير الى أن أعدادهم تجاوزت 15 ألف مقاتل ( شيعي !! ) وُضعت تحت تصرفهم كافة أنواع الدعم من قبل إيران وحكومتها الثانية في العراق .. أليس ذلك غريبا وهو يحدث بعلم الدوائر الغربية والإسرائيلية المعادية لنظام طهران (!!! ) ؟؟
على الجانب الآخر ، تلعب دولة أخرى مجاورة ورقة مماثلة إستكمالا للسيناريو المخطط له ، حيث أشارت التقارير الى أن مقاتلين ( سنّة !! ) من الشركس والشيشان وصلوا فعلا الى أراضي تلك الدولة وذلك لغرض عبورهم الى الأراضي السورية ( للجهاد ) مع ( إخوانهم ) السوريين ..!!
وأذا ما أضفنا الى ذلك حزب الله في الغرب من سوريا .. والقاعدة الى الجنوب منها .. و (قاعدة ) العراق كما يطلقون على أنفسهم في الشرق السوري .. يمكننا أن نتصور حجم الصراع الدموي المقبل لتحويل سوريا الى أفغانستان أو عراق جديد الى أمد لايعلمه إلا الله .
وحتى ذلك الحين ستبقى الجامعة العربية ، والأمم المتحدة ، ومجلس التعاون الخليجي .. مواظبين على إصدار البيانات والقرارات ولحين صدور أوامر جديدة لهم .. وحتى إشعار آخر !!

No comments:

Post a Comment