Thursday 31 May 2012

هل نهض بلفور من جديد بعد نهوض سايكس وبيكو ..؟





أما الأول فهو : آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني صاحب الوعد الشهير للصهيونية العالمية بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين .. وقد أطلق الباحثون على وعده : ( وعد من لايملك لمن لايستحق ) لأنه بني أصلا على مقولته اللاأخلاقية : ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ) .
الوعد أو التصريح الرسمي بموجب كتاب وزارة الخارجية البريطانية كان بتاريخ : 2/11/1917
كان ذلك الوعد البريطاني الرسمي بمثابة إعلان الدولة اليهودية أو إسرائيل لاحقا عام 1948 عندما كانت فلسطين ترزخ تحت الإنتداب البريطاني .

الشخصان الآخران هما : مارك سايكس وزير خارجية بريطانيا .. وفرنسوا جورج بيكو وزير خارجية فرنسا . أعدا مسودة معاهدة عرفت بمعاهدة سايكس ـ بيكو في تشرين الثاني 1915 واستكملت في أيار 1916 .. بالإتفاق مع روسيا القيصرية آنذاك .. ثم تمت المصادقة عليها وإقرارها من قبل عصبة الأمم ( الأمم المتحدة حاليا ) في 24/6/1922 . وقد سبق ذلك معاهدة لوزان ومؤتمر سان ريمو اللذين تم فيهما أيضا إقتطاع أجزاء من سوريا منحت لتركيا أتاتورك إرضاء له .
بموجب معاهدة سايكس ـ بيكو ، تم وضع دول المشرق العربي أو ماكان الغرب يطلق عليه (الهلال الخصيب) تحت الإنتداب البريطاني والفرنسي على شكل دول مُنحت استقلالها لاحقا تحت مسميات الحكم الوطني .
كانت تلك المعاهدة بمثابة مخطط لتقطيع أوصال المنطقة العربية تحت الإنتداب أولا ، ثم منحها (الإستقلال) كدول ثانيا .

نحن نتكلم هنا عن أحداث تاريخ وقوعها يقترب من قرن من الزمن .
ولكن هل إنتهت المؤامرة ، حتى بعد قرابة مائة عام ..؟
الجواب قطعا كلا

أعتقد أننا نشهد الآن مرحلة نهوض جديد لآرثر بلفور ومارك سايكس وفرنسوا بيكو ..!
شهدنا نهوض حكومات ( وطنية ) .. وشهدنا سقوطها !!
وشهدنا نهوض أنظمة سياسية قومية أرادت توحيد ماتم تقطيعه من قبل .. تم إسقاطها !!
وشهدنا ما أطلق عليه البعض ( الصحوة الإسلامية ) وشهدناها تساهم وبفاعلية في سقوط النظم القومية والوطنية وتدخل في تحالفات صلدة مع النظم الإمبريالية والإتكال على حلف الناتو بدل الإتكال على الله .. و ( أعدوا ) لتسليم أوطانهم لهم بدل أن يعدوا لهم ( مااستطعتم من قوة ) ..!! وليس العراق عنكم ببعيد ، ولا ليبيا .. والربيع العربي لايزال يؤتي ( ثماره ) !!!

فأين يقف الوطن العربي اليوم ..؟

بلفور قد مات، ولم تعد الحاجة قائمة اليه الآن ... فقد أنشأ لنا الدولة الصهيونية في قلب الوطن العربي وفيها ألف بلفور وكلهم يعملون لإنشاء الدويلات الجديدة ( العربصهيونية ) لتضاف الى رصيد حلفائهم من حكومات دول المنطقة .
سايكس  وبيكو .. قد ماتا ايضا ، وايضا لم تعد الحاجة ملحة لأمثالهما .. فقد خلّفا لنا تلاميذ نجباء وعملاء أوفياء يعملون بهمة ودأب لإكمال مخطط واحد مضى على وضعه قرن وأكثر من الزمن  
أحد تلاميذهما اليوم ومَن عرفنا يدعى : جوزيف بايدن .. والآخر يدعى برنارد ليفي .. من بين أسماء كثيرة كشفتها لنا الأحداث . وكذلك شلة من عمائم ولحى سود وبيض وأختام على الجبين وهي ترفع لنا راية (الصحوة الإسلامية) !! إبتداءا من كيف ندخل الحمام من الباب وحتى أسلوب لبس النقاب والحجاب ..!  
نعم هكذا يريدون الإسلام .. وهكذا يريدون حدوده .. ولابأس أن ننسى حدود الله .

أدخل قادة الصهيونية الإسلام في معمعة ( الإسلام السياسي ) تماما كما حوّلوا فكرة العروبة والقومية العربية التي كانت تلهج بها صدور مؤمنة بها الى أنظمة تسلطية وديكتاتورية وقمعية فنسي الشارع العربي المبدأ القومي وانصرف يعمل لإسقاط الأنظمة السياسية .

والآن .. وبعد أن ذقنا مرارة الهزائم .. عدنا الى الوراء الى بديات القرن العشرين من دون أن نشعر لنصطف من جديد وراء بلفور جديد .. ولنطلب العون على حكامنا من سايكس وبيكو جديدين ..
ولكن هذه المرة ليس بسبب إمبراطورية عثمانية متسلطة علينا .. ولا بسبب إحتلال إنكليزي .. وليس من أجل الإستقلال .. بل لكي نعيش ( الديموقراطية ) .. وكأن الديموقراطية هي هبة تعطى أو سلعة تُشترى .

جربنا الحكومات الوطنية .. وثرنا عليها بسبب ( عمالتها ) للإمبريالية والرأسمالية .. وكنا نريد وطن حر وشعب سعيد .. ونتتطلع الى أمة عربية واحدة .. ونحلم بالحرية والإشتراكية والتخلص من الإقطاع والبرجوازية ..!
وبعد ثوراتنا .. بدأ صراعنا .. بين الوحدة والقومية وبين الأممية .. فذبحنا بعضنا بسكاكين الوطنية .. وانتهينا اليوم الى شيوعي يجلس إما في حضن معمم أو في ظل دولة رأسمالية في أوربا وأميركا ..!! وقومي ممزق بين احزاب وأجنحة أحزاب يلعن بعضها بعضا .. فهذا يلقي التبعات على دكتاتور والآخر يسفه النظريات والآيديولوجية وأخطاء التطبيق .

ماذا تريدون إذاً

نريد ثورات ، فسارعوا الى إختيار إسما لنا أطلقناه عليها .. الربيع العربي !
وقبل ذلك بعقود من الزمن أنضجوا تيارات وأحزاب إسلامية بالدعم المكشوف والمستور .. بل وسارعوا الى خلق دولة ونظام يحمل إسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية .. مستثمرين ثورة شعب مضطهد على حاكمه الطاووس المتبختر .. لقد كان إذاً ( ربيعا إيرانيا )  سبق الربيع العربي بقرابة اربعة عقود !! ورفع النظام الجديد في إيران شعار تصدير ( الثورة الإسلامية ) !
لتحدث بعد ذلك ردة الفعل الطبيعية في الصف الإسلامي ..
حرب طاحنة مع العراق
أحزاب بإسم السلفية والجهادية والأصولية تقف على الضد مذهبيا وطائفيا وتدخل حلبة الصراع .

فلا التشييع كان صحيحا .. ولا السلفية كانت صحيحة .
ولو أردت هنا عرض مقارنة موضوعية ومنطقية تستقي جذورها من الإسلام كدين سماوي خاتم لانتهيت الى محصلة تقول : المسلم الصحيح يفترض به وفق المبادئ والأصول أن يكون متشعيا وسلفيا في وقت واحد .
المسلم المتفهم والمعتدل يجب أن يتشيع لأهل البيت .. ويجب أن يسير على خطى السلف الصالح وبخط متوازٍ . هكذا كان المسلمون الأوائل من آل البيت ومن الصحابة ومَن تبعهم من أهل الألباب والإيمان .

ولكن هذا التصور المنطقي لايروق للأحزاب الإسلامية بشقيها الشيعي والسنّي لأنه سوف يسقطها فسارعت الى إسقاطه على يد قادتها والحكومات التي تدعمهم وتمولهم .. وإذا ما إنتقلنا الى تلك الحكومات التي تمسك بخيوط اللعبة أصلا لوجدناها ممدوة الجسور والقنوات ومنذ وضعها في مقاعد السلطة ، مع صانعي السياسة العالمية من قادة الصهيونية تحديا .

أعتقد أننا إنتهينا الآن الى فهم حقيقة الصراع الطائفي الذي يجتاح وباءه المنطقة العربية بشكل خاص وكذلك دول جوارها . أي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . وأعتقد أن الصورة بدأت تتوضح أكثر بالإنتقال من أنظمة دول مستقلة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية وبموجب قرارات دولية معلنة آنذاك ..  الى دول جديدة نشأت في ظل ثورات وإنقلابات عسكرية على الأنظمة السابقة وبدون إعلان .. ثم الى نمط جديد من دويلات ستنشأ ولكن بهوية إسلامية هذه المرة ستدخل الصراع الطائفي منذ اليوم الأول يمكن أن تعيد الى ذاكرتنا تاريخيا دول الطوائف والتي من خلالها سيتم ضرب العدو الأخير والأهم وذلك بعد ضرب الوطنيين والقوميين ، وهو الإسلام والمسلمين . ولا أذيع سرا هنا أو أتكلم من فراغ وأنا أقول ذلك . مانحتاجه هو أن نقرأ جيدا وأن لاننسى :

قال جورج بوش ( الأب ) في تسعينات القرن الماضي : لقد إنتهت الشيوعية " في إشارة الى سقوط الإتحاد السوفياتي " ولم يبقى أمامنا سوى الإسلام .
وقال جورج بوش ( الإبن ) بعد غزو العراق واحتلاله : نعم إنها حرب صليبية .
سكت الأول إقرارا بتصريحه .. وقال إبنه : إنها زلة لسان (!!!)

لن أزيد ، سوى أنني أدعو الى النظر وبتمعن على وضع المنطقة حاليا :

جماعة الإخوان المسلمين ودورها الفاعل في ليبيا ومصر وتونس .. ثلاثة دول شملتها رياح الربيع العربي .
اليمن .. صراع طويل كما يبدو بين الأصوليين وجماعة القاعدة مع الحوثيين وجماعة إيران ، والإثنان في صراع مع الحكومة اليمنية الجديدة .
البحرين .. ومشاكلها الداخلية المستعصية بين العصا الإيرانية والجزرة الخليجية .
العراق وهيمنة أحزاب الطائفية الإيرانية على السلطة .
سوريا ونشاط الإخوان مرة ثانية فيها للقفز على سرقة المكتسبات فيما لو سقط الحكم فيها وعلى حساب دم الآلاف من الشهداء .. ونكاد نرى نفس السيناريو المصري يعاد فيها .
لبنان يبدو أنها على وشك أن تدخل على الخط .. ولبنان بلد تعصف به إبتداءا رياح الطائفية الدينية والقومية .
السودان إنقسمت ولا تزال الفوضى قائمة فيها الى ماشاء الله
الجزائر والمغرب وموريتانيا في صراع طائفي وقومي قبلي أيضا وحالة عدم إستقرار سياسي .
السعودية والكويت ودول الخليج الأخرى ليست بمنأى من محاولات إذكاء الصراع الطائفي فيها من خلال التدخلات الإيرانية السافرة والوقحة .
تركيا تلعب دورها بعناية .. كما يلعبه بدقة أيضا أكراد العراق .

هل نحتاج بعد كل هذا الى المزيد ..؟
وهل لو بُعث بلفور وسايكس وبيكو .. فهل سيفعلون معشار ماتفعله الأحزاب ( الإسلامية ) الآن؟

كانت سرقة فلسطين وتقسيم الوطن العربي وإعطاء الشمال السوري الى تركيا وشرق الجنوب العراقي الى إيران على يد أولئك .. فهل سيتم تقسيم التقسيم وإلحاق الركب العربي بالصهيونية العالمية هذه المرة على يد دعاة الإسلام  وجماعاته وتياراته وأحزابه ..؟؟









No comments:

Post a Comment