Thursday 17 May 2012

حوار بيني وبين أحدهم ..!




كثير من الأحداث التي مرّ بها عراقنا الحبيب أثارت إهتمام الشارع العراقي كما أثارت إهتماماً عالمياً أيضاً ، ولازالت الأحداث تتوالى ، ولاأبالغ إذا قلت بمعدل يومي .. ولكن ، لعل واحدة مِن أبرز هذه الأحداث والوقائع هي قضية الصحفي العراقي الشهم " منتظر الزيدي " .. أولاً لكونها حادثة فريدة من نوعها ، وثانياً لأنها صدرت ضد المتغطرس الكبير رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش ، وثالثاً لأنها وقعت في مؤتمر صحفي في المنطقة الخضراء من بغداد المحتلة تقوم بنقله على الهواء وكالات أنباء ومراسلي صحف وتلفزة عربية وعالمية ، ورابعاً لأن من قام بهذا العمل البالغ الشجاعة والجرأة معرضاً حياته بسببه للموت ، هو عراقي إبن الجنوب العراقي ، وشيعي عربي شهم ، ويعمل مراسلاً لقناة فضائية عربية لها سمعتها ووزنها تلك هي قناة " البغدادية " .

لقد أثارت قضية إطلاق سراح الزيدي بعد تسعة أشهر عصيبة قضاها وراء القضبان وتحت التعذيب ، ردود فعل متباينة ، لاأشك مطلقاً أنها كانت بمجملها العام إيجابية تقف مع هذا الشاب العراقي الجنوبي الأسمر ، الذي لم يحنِ رأسه في أصعب الظروف .. والذي بدأ مؤتمره الصحفي بعد إطلاق سراحه بالقول : أنه قد نال حريته ولكن العراق لايزال أسيراً .
ومع كل ذلك .. فلاتزال قلة من تابعي الكعبة الإيرانية كما يبدو تقف بالضد من رأي شعب العراق والشعوب الحرة في العالم ، ولاتزال توجه إنتقادها الى الفعل ( الشنيع ) الذي ماكان على الزيدي القيام به في حضرة ( دولة ) رئيس الوزراء المالكي .. على الرغم من أن حذاء الزيدي العراقي قد قُذِفَ بوجه رئيس ( الشيطان الأكبر ) كما يحلو لزعامات ملالي إيران إطلاقه على أميركا ..!!

وشاء حظي يوم أمس أن أدخل بمناظرة مع أحد هؤلاء حول هذا الموضوع ، عراقي من أصول إيرانية ، غالباً ماكان يحدثني عن معاناته بعد طرده من العراق لأنه ( تبعية ) !! مع أنه عراقي يحب العراق .
لقد حاولت تجنب تلك المناظرة لسببين أولهما أنه صديق وجار ، وثانيهما أنه يمتلك محل البقالة الشرقية قرب شقتي في قلب لندن ، وغالباً ماأقوم بشراء إحتياجاتي منه ..! ولكنه جرّني اليها جرّاً وهكذا بدأ حوارنا ومناقشتنا :

قال : مارأيك بمنتظر الزيدي ؟
قلت : بطل عراقي وطني
قال : وهل تؤيد فعلته تلك ؟
قلت : بالتأكيد
قال : ولكنه صحفي وكان بإمكانه إحراج الرئيس الأمريكي بالمنطق ، أو نشر رأيه بخصوص ذلك المؤتمر الصحفي .
قلت : وهل تعتقد أنه كان سيسمح له بذلك إبتداءاً .. وهل أن ذلك لو حدث كان سيكون له نفس الوقع عراقياً وعالمياً ..؟
هل تعلم كم عدد رجال القلم والصحافة الذين تمت تصفيتهم في العراق بسبب كلمة حرة ، أو لأنهم عرفوا أكثر مما يجب .. وقضية تصفية الصحفية الشهيدة أطوار بهجت وزملائها في حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء مثال على ذلك .. وقضية تصفية مدير قناة " الشرقية " العراقية في الموصل ، ومصوري القناة  في حادثة تفجير الزنجيلي قبل عام مثال حي آخر ..!
قال : ولكن رئيس الوزراء عفى عنه وأطلق سراحه !
قلت : كلا ، هو لم يفعل ذلك ، وإنما من أجبره على ذلك القانون ، والرجال الذين وقفوا وراء منتظر، ولو كان الأمر بيده لأبقاه في السجن .
قال : ولكنه رئيس الحكومة وبيده القرار .!
قلت : ياصديقي ، لقد تنازل الضيف الأجنبي وهو المعني بالحادث ، أي بوش ، مع مايملكه من روح إجرامية ،  وعفى عنه .. في حين أصر رئيس الوزراء ( العراقي ) على معاقبته ..!!
قال :  ولكن رئيس الوزراء كان يقف الى جانب بوش وهذه إهانة له وللحكومة العراقية ..!
قلت :  هذا صحيح .. ومن حقه تقديمه للمحكمة ووضعه في السجن .. ولكن لماذا قام رجال الحكومة ( العراقيين ) بتعذيبه بكسر سنه ، وضربه ، وإهانته ، وتعذيبه بالكهرباء وغيرها ؟
هل أن التعذيب الوحشي جزء لايتجزأ من العقوبة القانونية ..؟!
قال :  تصور لو أن مثل هذا الشيئ حدث في زمن صدام حسين .. فماذا كان سيحدث للزيدي أو لأي شخص يقوم بمثل ذلك العمل ..؟
قلت :  ولكن صدام ماكان ليقف وراء المنصة  في مؤتمر صحفي مع شخص يحتل بلده ..! ولقد ذهب الرجل ، ولكنه لو أراد مهادنة بوش أوالتنازل للرغبة الأمريكية ، لكنت تجده اليوم على رأس السلطة في العراق ولكنه ، وهذه حقيقة ، إختار الموت واقفاً على الوقوف مع بوش .

وقبل أن يسترسل في حديثه المتضارب ، ولأني كنت فعلاً في عجلة من أمري ، رفعت كيس حاجياتي التي إشتريتها منه ودفعت له ثمنها .. وقلت له كلمتي الأخيرة :
حسناً ، سوف نتكلم في ذلك إن شئت مرة ثانية ، ولكن سؤالاً كبيراً يدور في ذهني ..
قال : ماهو ؟
قلت :  لماذا صمتت إيران أزاء مافعله الزيدي ببوش ..؟ ولماذا تركتكم في الخيام على الحدود بعد أن تم ترحيلكم من العراق ظلماً كما تقول لأنكم ( تبعية إيرانية ) .. وأنت كما تقول عراقي يعتز بعراقيته ولا علاقة لك بإيران ..؟
ما هو سر هذا العشق لإيران ورجالها في العراق وعلى حساب حرية وأمن العراق والعراقيين ..؟!
في أمان الله أخي أبو حسين .. ونلتقي إن شاء الله مرة ثانية .

وفي طريقي الى منزلي ، في يوم صوم طويل ، كان لساني يردد :
" في قلُوبِهم مَرَضٌ فَزَادهُم اللهُ مرضاً "
16/09/09

No comments:

Post a Comment